رأت غالبية من قرّاء quot;إيلافquot; أن النظام السوري لن يوافق في النهاية على هيئة الحكم الانتقالية المقترحة في مفاوضات جنيف المتعثرة.


عبد الرحمن الماجدي من أمستردام: كان اعتذار مبعوث السلام الدولي الأخضر الإبراهيمي من الشعب السوري السبت الماضي بداية اليأس من مفاوضات جنيف-2، التي لم يحقق المبعوث الدولي خلالها أي تقارب في وجهات نظر الخصمين المتعارضين في طروحاتهما وتفسيرهما لمقررات جنيف-1.

غالبية الرفض
هذه المفاوضات كانت محور سؤال استفتاء إيلاف للأسبوع الماضي، سائلة قرّاءَها: هل تعتقد أن نظام الأسد سيوافق في النهاية على هيئة الحكم الانتقالية؟.

رأت غالبية مكونة من 77 بالمئة من القرّاء المشاركين في الاستفتاء أن الرئيس السوري بشار الأسد لن يوافق على تأليف هذه هيئة الحكم الانتقالية، التي ستلغي وجوده السياسي، فيما رجّحت أقلية 16 بالمئة منهم موافقة النظام السوري في النهاية على تشكيل الهيئة. ورأى 7 بالمئة احتمال موافقة النظام على هذه الهيئة، التي ترى فيها المعارضة نهاية النظام، الذي يرى أنها تشاركية، ولا تلغي سلطات الأسد. وقد بلغ عدد المشاركين في الإجابة عن السؤال 4016 قارئًا.

عض أصابع
بقي وفد النظام السوري مصرًّا على تنفيذ مقررات جنيف-1 بحسب التسلسل الوارد فيه، أي بدءًا بفقرة مكافحة الإرهاب وصولًا إلى الفقرة التاسعة الخاصة بهيئة الحكم الانتقالية، التي يصرّ وفد المعارضة على تصدرها نقاشات جنيف العتيدة.

المبعوث الدولي كشف خلال مؤتمره الصحافي عن عضّ أصابع في طرفي النزاع في جنيف، حيث ينتظر كل طرف خصمه أن يعلن انسحابه من المفاوضات كي يحمله مسؤولية فشلها.

فعلى الرغم من فشل جولتي المفاوضات، التي انطلقت في الشهر الماضي، ووصلت بعد نحو ثلاث سنوات من القتال العنيف المتواصل في سوريا، وما زال كل طرف يصرّ على عدم انسحابه واستعداده لحضور الجولة الثالثة التي لم يقرر لها موعد بعد.

مناشدة الإبراهيمي
لكن الإبراهيمي لم يعلن نهاية المفاوضات، بل ناشد الطرفين اتباع مصلحة الشعب السوري، الذي يصرّ كل طرف على تمثيله. فقد أشار إلى أن الجولة الثالثة ستشمل العنف والإرهاب وتشكيل هيئة حكم انتقالية والمؤسسات الوطنية والمصالحة الوطنية.

وقال إن على الجانبين التفكير في مسؤولياتهم قبل انعقاد الجولة الثالثة، مركزًا على الحكومة على وجه الخصوص، التي طالبها القبول بأن الموضوع الرئيس للمحادثات هو تشكيل هيئة حكم انتقالية، غير أنه بيّن أن الحكومة السورية تريد مناقشة قضية مكافحة الإرهاب أولًا، وترفض الانتقال إلى أي قضية أخرى إلى حين إيجاد حل لهذه القضية.

ونقلت الوكالة العربية السورية للأنباء عن بشار الجعفري، عضو وفد الحكومة السورية، قوله إن المعارضة تريد أن يبقى النقاش حول موضوع مكافحة الإرهاب مفتوحًا إلى ما لا نهاية، ومن يرفض مكافحة الإرهاب جزء من الإرهابquot;.

الضغط الدولي

وليام هيغ

ويعتمد الإبراهيمي على الضغط الدولي، الذي انطلق بعد مغادرة الوفدين جنيف. فقد أدان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس موقف الحكومة السورية، وقال إن ائتلاف المعارضة اتخذ موقفًا بناءً خلال المفاوضات. وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري: quot;لم يُفاجأ أحد بأن المحادثات كانت صعبة، ولا بد أن يكون واضحًا لدى الجميع أن العرقلة من قبل نظام الأسد جعلت التقدم أكثر صعوبةquot;.

أما وزير الخارجية البريطاني فكان واضحًا، إذ قال: quot;تمكن ائتلاف المعارضة السورية من تقديم أداء فاق ما توقعه الكثيرون، عارضًا اقتراحات جدية لحكومة انتقالية، ووفد النظام لم يتعامل بشكل جيد مع هذا الأمر، ولم يطرح قضية الحكومة الانتقالية، لذلك نتمنى من كل من يمكنه التأثير على النظام، ويشمل ذلك روسيا وإيران، ممارسة الضغوط عليه للعب دور بناءquot;.

وأشار هيغ إلى أن الأسد لا يعتزم مغادرة السلطة، ودعاه إلى عدم ارتكاب خطأ التفكير في قدرته على فعل ذلك بسبب شعوره بالقوة حاليًا، ملوّحًا بجدية بتسليح المعارضة السورية إن فشلت المفاوضات.

تقدم نظامي
تعتمد دمشق على الوضع الميداني، الذي ساهم في تقوية لهجتها في جولتي المفاوضات في جنيف. فقد ساعد القتال المستمر بين الفصائل الإسلامية المسلحة (داعش والجبهة الإسلامية) على تحقيق القوات السورية النظامية تقدمًا في أكثر من مكان، في حلب وريف دمشق وحمص.

بل نجحت في تحقيق quot;مصالحاتquot; في معضمية الشام وبرزة وببيلا. ولعل التقدم الأكبر هو الهجوم المتواصل منذ أيام في جبال القلمون باتجاه الحدود مع لبنان، على مدينة يبرود. كل ذلك ساهم في تقوية موقف النظام في المفاوضات وإصراره على بحث موضوع الإرهاب أولًا، ثم هيئة الحكم الانتقالية.

السلاح آتٍ
انتبه حلفاء المعارضة إلى الجانب الميداني لمصلحة النظام، فتمّ الإعلان عن تزويد فصائل المعارضة المسلحة، خاصة في الجبهة الجنوبية، بأسلحة مقاومة للدروع وبصواريخ كتف صينية متطورة مضادة للطائرات، في ظل تقارير تؤكد وجود الصواريخ في تركيا والأردن، والمتوقع أن تصل إلى أيدي المقاتلين في أي لحظة.

ونقلت تقارير عن دبلوماسيين وأحد أعضاء وفد المعارضة السورية قولهم إن صواريخ صينية متطورة بإمكانها إسقاط طائرات مقاتلة، وكذلك صواريخ كونكور روسية مضادة للدبابات ستصلهم قريبًا، ما يمثل تطورًا استراتيجيًا في قدرة المعارضة المسلحة، إذ سيساعدها على ضرب نقاط التفوق، التي يتمتع بها النظام، المدرعات ومقاتلات سلاح الجو. هكذا، تنتقل لعبة عض الأصابع من صالات جنيف إلى ساحات القتال، مجبرة الخاسر ميدانيًا على القبول بشرط خصمه في أولوية موضوعات التفاوض.