من الأمور التي باتت تشكل جزءا من أساليب الاحتيال الحديثة عمليات غسيل الأموال التي يراد بها التمويه على مصدر هذه الأموال والتي تمثله العمليات الفاسدة كالفساد الإداري وتجارة المخدرات وتجارة الرقيق الأبيض والرشا بأنواعها المختلفة ومختلف أشكال اللصوصية التي باتت تمثل سمه من سمات عالم المال والأعمال.

ومن ابرز الاساليب المعتادة في عمليات غسيل الاموال استخدام شركات وهمية او مموهة لغرض اخفاء العمليات غير القانونية التي تاتي بتلك الاموال والتي يؤدي الكشف عنها الى وضعها تحت طائلة القانون فيكون لهذه الشركات دور تمويهي او ايهامي لاخفاء عمليات الاحتيال والربح غير المشروع.

لكن مثل هذه الاساليب لا تروج في جميع البلدان بنفس الشكل والمضمون ولعل السبب لوجود اساليب اكثر دهاء ومتاحة اكثر من غيرها ففي العراق على سبيل المثال يستغل الدين في تحقيق هذه الاغراض فتاخذ عمليات غسيل الاموال صفة دينية كما يحصل في بعض المناطق من قبيل جمع الاموال باسم الجهاد او القيام بعمليات نهب وسلب وسطو مسلح تحت داعي الجهاد ومناهضة السلطة غير الشرعية وفي مناطق اخرى من قبيل جمع الاموال للمواكب الحسينية وانشاء المساجد والحسينيات فيكون لها اثرين في ان واحد اثر مادي مباشر واثر معنوي غير مباشر.

ورغم اننا لا نعني بذلك كل ممارسي الفعاليات الدينية الا ان المخيف ان هذه الظاهرة قد انتشرت انتشارا كبيرا واصبح مريدوها يتفننون فيها من اجل تحصيل اكبر قدر من الربح الامر الذي تسبب باضرار كبيرة في جميع الصعد وليس هناك شك في ان الدين كان المتضرر الاكبر من هذه الاعمال بعد ان غدى وسيلة للربح غير المشروع وسببا في معاناة الكثير من الناس لان هذه الاموال الكبيرة كان بالامكان صرفها على انشاء البنى التحتية والخدمية وتقليص مستوى الفقر في البلاد.

ان من الضروري بمكان مواجهة هذا النوع من الاعمال ليس لضررها الاقتصادي الكبير وحسب بل ولضررها المعنوي ايضا ولابد للمؤسسات بانواعها المختلفة وبالذات المؤسسة الدينية ان يكون لها دور في مواجهة هذه الظاهرة من اجل حماية المجتمع من شرورها وتاثيراتها المدمرة.

وليكن الدين اداة من ادوات مواجهة هذه العمليات المريبة حتى يصلح ما افسده ممارسوها ومروجيها بدل ان يكون ضحية من ضحاياها فيفقد حضوته وتاثيره بين الناس والدين قادر على ان يمارس هذا الدور بل وان ينجح فيه ايضا.