أعلنت منظمةOECDالتي تتكون من مجموعة الدول الديمقراطية المتقدمة بتاريخ 10 مايو 2010 عن قبول إسرائيل كعضو جديد بها، اثر أبحاث دامت ثلاث سنوات عن مدى تلبية هذه الأخيرة لمعايير التطور الاقتصادي و السياسي و الاجتماعي الذي تعتمده المنظمة. على هذا الأساس، فان قبول إسرائيل بالمنظمة يعتبر إقرارا دوليا جديدا بمدى النهضة الاستثنائية التي حققتها هذه الدولة منذ نشأتها عام 1948 كدولة صغيرة تعتمد على الزراعة و مهددة في وجودها، إلى قوة علمية و تكنولوجية كبرى تصدر التقنيات و الأسلحة المتطورة إلى دول مثل الصين و الهند و حتى فرنسا. و هي الدولة التي تعتمد على علمائها كبرى الشركات العالمية و في مقدمتها عملاق الصناعة الالكترونية في أمريكا: شركة INTEL.
بطبيعة الحال، ما كان لكل هذا التقدم ليحدث لولا تقدم الموارد البشرية، و هو ما عبر عنه ترتيب إسرائيل في آخر تقرير للتنمية البشرية الذي تصدره الأمم المتحدة، في المرتبة 27 عالميا مقارنة بالمرتبة 40 لدولة استونيا التي تم قبولها هي الأخرى بالمنظمة. و هو ترتيب يفوق بكثير ترتيب أفضل الدول العربية غير النفطية في هذا المجال ( الأردن في المرتبة 96 و تونس في المرتبة 98).
انتماء إسرائيل لمنظمة OECD سوف يفرض عليها تحديات جديدة و في مقدمتها تحسين بيئة الأعمال، مثل الوقت الضائع لرجال الاعمال نتيجة التعقيدات الإدارية التي يواجهونها للحصول على التراخيص اللازمة لبعث المؤسسات الجديدة (235 يوما في إسرائيل مقابل معدل 157 يوما في منظمة OECD )، تسجيل الملكية (144 يوما في إسرائيل مقابل معدل 25 يوما في منظمة OECD )، نسبة ضرائب مرتفعة على أرباح الشركات (24،7% في إسرائيل مقابل معدل 16،8% في منظمة OECD )، و تنفيذ العقود التجارية الذي يستغرق 890 يوما في إسرائيل مقابل معدل 462 يوما في منظمةOECD
( المصدر: البنك الدولي
http://www.doingbusiness.org ).
معظم هذه السلبيات هي من مخلفات الحقبة الاشتراكية التي عاشتها إسرائيل منذ نشأتها على يد زعماء حزب العمل. و قد فشلت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في إصلاحها نتيجة المعارضة القوية من مجموعات المصالح. و في اعتقادي إن ضغط منظمة OECD سوف يمثل الذريعة التي يحتاجها بنيامين ناتانياهو لتنفيذ هذه الإصلاحات الصعبة و الضرورية لوضع الاقتصاد الإسرائيلي على مسار التنمية المستدامة، بنسبة نمو تفوق معدل 5% الذي تحقق خلال الفترة الماضية.
اليوم و الدول العربية تسعى جاهدة هي الأخرى لتحقيق نفس أهداف التنمية المستدامة، بإمكان النجاح الإسرائيلي الأخير أن يكون لديها الحافز للمضي قدما في نفس الإصلاحات و السياسات التي أوصلت إسرائيل إلى ما هي عليه من تقدم في جميع المجالات، و بشهادة منظمةOECD .
كاتب المقال محلل إيلاف الاقتصادي و خبير سابق بصندوق النقد الدولي بواشنطن

[email protected]