نشرت quot;وول ستريتquot; في 1 مارس الجاري نتائج استبيان أجرته مع رجال أعمال و مسئولي مؤسسات خيرية. و كان السؤال عن رأيهم في أفضل السبل لإنفاق 10 مليار دولار أمريكي بهدف الحد من الفقر في العالم، و هو المبلغ الذي تعهد quot;بيل جايتكسquot; في المنتدى الاقتصادي العالمي الأخير بدافوس لتخصيصه، خلال السنوات العشرة القادمة،لمواجهة أمراض فقدان المناعة المكتسبة. و فيما يلي أهم الأفكار المقترحة:

1.دعم العمالة و خلق الوظائف (رئيس منظمةquot;Hand in Hand Internationalquot;)

يوجد مليار شخص يعيشون على اقل من دولار واحد في اليوم، و السبب الأساسي هو البطالة. لذلك فان أفضل السبل للحد من البطالة هو خلق الوظائف بأقل تكلفة. تقدر تكلفة خلق وظيفة في الأوساط الفقيرة في الدول النامية بحوالي 200 دولار أمريكي. أي إن خلق ربع مليون وظيفة سوف يكلف 50 مليار دولار. و يمكن تحقيق ذلك بتخصيص 5 مليار دولار سنويا على مدى 10 سنوات. عوضا عن إعطاء الفقير منحة 200 دولار التي لن تساعده على مواجهة تكاليف المعيشة لمدة سنة واحدة، فان تقديم نفس المبلغ لإنشاء مشروع منتج سوف يمنحه دخلا محترما طوال حياته. لذلك من الأفضل تخصيص مبلغ 10 مليار دولار لإنشاء بنوك الفقراء في مختلف دول العالم، بناء على نموذج بنك quot;جرامينquot; الذي ساعد على إنقاذ 7 ملايين عاطل من براثن الفقر.

2.إنشاء مركز للإحصاءات بإفريقيا (مو إبراهيم، مؤسسquot;Mo Ibrahim Foundationquot;)


يمثل عدم وجود بيانات إحصائية تفصيلية و موثوق بها عن الاقتصاد و الفقر و البطالة احد أهم المعوقات لعمل الحكومات و القطاع الخاص في إفريقيا و كذلك الأطراف الأجنبية المانحة. لذلك اقترح تخصيص مبلغ 10 مليار دولار لتطوير مركز للإحصاءات بإفريقيا.مثل هذه البيانات سوف تساعد جميع المهتمين على تقييم الاحتياجات و الأولويات في مجال سياسات مواجهة الفقر. و تكون النتيجة سياسات و مؤسسات أفضل مما هو موجود حاليا لمواجهة هذه الظاهرة و الحد منها.

3.دعم الأبحاث الطبية الموجهة لمعالجة الأمراض و الأوبئة التي يعاني منها فقراء العالم (مدير أطباء بلا حدود)

تمثل الأمراض الفتاكة احد أهم عوامل الفقر. على سبيل المثال، الوسائل المتوفرة حاليا لتشخيص مرض السل و معالجته هي وسائل بدائية جدا. كما أن 10 مليون شخص مصابون بالفيروس المسبب لأمراض المناعة المكتسبة لا تتوفر لهم حاليا أية أدوية. لذلك اقترح تخصيص الأموال المتوفرة لإنشاء صندوق هدفه تشجيع شركات تصنيع الأدوية و المعدات الطبية لتطوير ما هو متوفر حاليا، و وضع الوسائل و الأدوية الجديدة على متناول فقراء العالم.

4.تمويل الابتكارات (رئيس مؤسسة روكفيلير)

سوف اخصص مبلغ 10 مليار دولار لتمويل الابتكارات و الاختراعات. من أهم العوائق الحالية في مواجهة الفقر ضعف البنية التحتية، إدارة سيئة للمؤسسات، عوائق للتجارة الخارجية و سياسات خاطئة لدعم المواد الأساسية... لكن الابتكارات تساعد على التغلب على كل هذه العوائق.

لقد قامت quot;الثورة الخضراءquot; منذ منتصف القرن الماضي على ابتكارات نجحت في زيادة عدد المحاصيل الزراعية و مردوديتها في الدول الفقيرة. لذلك اقترح القيام بنفس الشيء اليوم بتمويل مجموعات أبحاث في مختلف الدول و في المجالات ذات الأولوية لمواجهة الفقر، و المساعدة على تعزيز شبكات الأبحاث مما يعزز سرعة انتقال الابتكارات و تطبيقاتها بين الدول و القارات، تعميما للفائدة.

و من المهم تعزيز هذا المجهود بتوجيه الدول النامية لإنشاء المؤسسات و تطوير السياسات المالية التي توفر التمويل الخاص لأنشطة الابتكارات و التطوير.

5.إنشاء بنك الاستثمار الاجتماعي (مؤسس بادرة quot;ٍSocial Financequot;)

اقترح تخصيص 10 مليار دولار للاستثمار في المجالات الاجتماعية من خلال quot;بنك الاستثمار الاجتماعيquot; تكون مهمته الأساسية تمويل المشاريع ذات العائد طويل الأمد و بالنسبة للمجتمع ككل ndash;لا فقط المؤسسة التي تقوم بعملية الاستثمار-.

و المثال على هذا بنك الاستثمار الاجتماعي الذي ساهمت في تأسيسه في لندن المسمى quot;Social Finance.quot; الذي يستثمر في المشاريع المجتمعية بالعمل مع الحكومات و المنظمات غير الحكومية. و يتم الحصول على رأس المال اللازم بإصدار سندات يكتتب فيها مستثمرون معنيون بالبعد الاجتماعي للمشروع بحيث تكون أسعار الفائدة على هذه السندات اقل مما هو مطلوب في الأسواق المالية بصفة عامة.

6.تطوير التعليم في المناطق الأكثر فقرا في العالم (رئيس منظمة quot;Trustees for Absolute Return for Kidsquot;)

يجب أن تكون الأولوية بناء المدارس في المناطق الفقيرة في الدول النامية. لكن مثال المدارس في الضواحي الفقيرة بمدن المملكة المتحدة يؤكد أيضا أهمية جودة التعليم. بالرغم من إنفاق الحكومة البريطانية حوالي 40 مليار جنيه إسترليني على ميزانية التعليم العام الماضي، نصف تلاميذ هذه المدارس يفتقرون للحد الأدنى المقبول. و يعني هذا انه حتى في حال حصول أبناء الفقراء على الشهادات العلمية فلن يكون بإمكانهم تحقيق تقدم مهم في سوق العمل عند إنهاء الدراسة.

7.مواجهة الاحتباس الحراري (المدير التنفيذي لمؤسسة اوكسفام الخيرية)

إن أفضل ما يمكن القيام به لإنقاذ فقراء العالم هو تخصيص مبلغ 10 مليار دولار لمواجهة الاحتباس الحراري. فهذه الظاهرة تمثل حاليا اكبر عائق أمام مساعدات اوكسفام لحوالي 90 دولة في العالم، حيث يواجه الفقراء آثار هذه الظاهرة على حياتهم اليومية، خصوصا بالنسبة للمزارعين الذين يمثلون أغلبية السكان، و الذين أدى الاحتباس الحراري إلى تقلص المسحات الصالحة للزراعة بالنسبة لهم و نقص المحاصيل. و تولد عن هذا الوضع انتشار الأوبئة مثل المالاريا التي كانت محدودة في بعض المناطق. كما يتهدد شح المياه العديد من مدن العالم. و يجب أن لا ننسى أن عددا من الكوارث مثل الفيضانات و الأعاصير زادت في السنوات الأخيرة نتيجة الاحتباس الحراري.

لعل أفضل السبل يتمثل في تخصيص الأموال المتوفرة لمساعدة فقراء بنغلادش على رفع مساكنهم فوق مستوى مياه الفيضانات و منح فقراء إفريقيا التقنيات التي تساعد محاصيلهم الزراعية على تحمل الجفاف و تعليم مزارعي أمريكا الجنوبية أفضل الطرق لحماية محاصيلهم من الفيضانات. لكن مبلغ 10 مليار دولار لن يكون كافيا لرفع تحديات تغيير المناخ، لذا يتوجب دعم هذا المجهود بدعم الحكومات و القطاع الخاص.

خلاصة القول، الدول العربية التي تواجه اليوم تحديات كبرى للحد من الفقر لا يمكنها انتظار الدعم الخارجي، و لا بد لها من اعتماد مبادرات خاصة بها تعطي أولوية لبنوك الفقراء و دعم التعليم في المناطق النائية و إنشاء حاضنات المشاريع لتحويل الأفكار إلى مشاريع منتجة، مع تحسين الخدمات الطبية و اعتماد إستراتيجية طويلة الأمد للطاقة البديلة.

[email protected]