تقدمت مجموعة دبي العالمية يوم الاربعاء 25 نوفمبر الماضي بطلب لتأجيل دفع مستحقات ديونها و ديون شركة نخيل التابعة لها لمدة ستة أشهر، أي حتى شهر مايو 2010. و عللت دبي العالمية طلبها هذا بالمهلة الزمنية التي تحتاجها لإعادة هيكلة بعض الشركات التابعة لها التي تحتاج لهذه العملية، أي باستثناء عدد من الشركات الأخرى التي مازالت تحقق أرباحا رغم تداعيات الأزمة العالمية. مثل هذا الطلب حصل سابقا مع عدد من الشركات في مختلف دول العالم و قد يكون الخيار الأفضل إذا لم تتوفر البدائل الأخرى بما فيها إعادة جدولة الديون و الحصول على موارد مالية جديدة و بيع بعض الأصول بأسعار معقولة.
لا شك إن دبي العالمية كانت تدرك رد فعل الأسواق لمثل هذا الطلب، لذلك فان اتخاذ قرارا مثل هذا لا يمكن أن يتم إلا بحكم الضرورة القصوى و بناء على توصية الشركات الاستشارية ndash; على رأسها شركة ديلوات الاستشارية و بنك روتشيلد ndash; التي تقوم بإعداد عملية الهيكلة. كما أن إعلان دبي العالمية الذي نشرته إيلاف يوم الاثنين 30 نوفمبر الماضي بخصوص البدء في إعادة هيكلة شركات دبي العالمية على خمس مراحل تتضمن بيع أصول، يؤكد العزم على سرعة التنفيذ لتلافي التبعات السلبية لعدم سداد الدين في المستقبل.
رد فعل الأسواق ربما كان مبالغا فيه لكنه كان متوقعا لان الأسواق تكره بطبيعتها عدم اليقين خصوصا عندما تأتي المعلومات الجديدة خلافا لما كان متوقعا ndash; سداد شركة نخيل لمبلغ 3،5 مليار دولار كمستحقات دين يوم 14 ديسمبر المقبل -. لكن رد الفعل هذا قد يخطئ لان الأسواق ليست دائما على حق بدليل ارتدادها بين يوم و ليلة. و الخطأ الأكبر في تقديري هو فقدان الثقة في دبي كنموذج تنويع اقتصادي يحتذى به.
أولا، تبلغ مستحقات ديون دبي العالمية 5،7 مليار دولار خلال الستة أشهر المقبلة، و هو مبلغ يمكن تسديد جزء منه من أرباح الشركات الأخرى التابعة للمجموعة و التي تحقق أرباحا (شركة انفينيتي العالمية القابضة وشركة استثمار العالمية وشركة عالم الموانئ والمناطق الحرة وكل من شركاتها التابعة شركة موانئ دبي العالمية وشركة عالم المناطق الاقتصادية وشركة عبّارات بي أند أو ومنطقة جبل علي الحرة).
ثانيا، يمكن الاعتماد على بنوك دبي و بنوك أخرى أعلنت استعدادها لشراء سندات حكومة دبي، و تم ذلك فعلا عند عرض الشريحة الثانية لهذه السندات منذ أيام، كما يمكن لبنوك أبو ظبي المساهمة في هذه العملية، خصوصا إذا ما تلقت الإذن و الضمانات اللازمة من حكومة ابوظبي.
ثالثا، مع تحسن الوضع الاقتصادي العالمي سوف يكون بالإمكان البيع التدريجي للأصول بأسعار مقبولة، و بما أن أصول دبي القابضة المقدرة بمائة مليار دولار تساوي قرابة أربع أضعاف ديون شركاتها الخاضعة للهيكلة، فسوف يكون من اليسير توفير الموارد المالية لسداد ما تبقى من الديون.
الخطأ الأفدح إذن الحكم على نموذج اقتصادي ناجح بمجرد مروره بأزمة مالية عابرة. في سنة 1997 مرت كوريا الجنوبية بأزمة خانقة و انخفض ناتجها المحلي، لكنها استطاعت خلال فترة قصيرة تعويض خسائرها السابقة و الانطلاق إلى الإمام، بفضل متانة أساسيات اقتصادها، بما في ذلك موارد بشرية متطورة و صناعات تصديرية تنافسية على المستوى العالمي. أساسيات اقتصاد دبي اليوم لا تقل صلابة بحكم انفتاح الإمارة الذي يساعدها على جلب العمالة من مختلف دول العالم و بأقل تكلفة بالإضافة لمدنها الخدمية و الصناعية المتخصصة التي سوف تبقى وجهة مفضلة للمستثمرين و السياح الأجانب. فالأزمة إن صح التعبير هي أزمة عابرة ndash; أزمة سيولة ndash; لا أزمة إفلاس اقتصادي، و من المهم أن يعي المتعاملون مع دبي هذه الحقيقة.
كاتب المقال محلل إيلاف الاقتصادي و خبير سابق بصندوق النقد الدولي
[email protected]
التعليقات