شكلّت بعض جلسات منتدى الإعلام العربي استعراضًا لتجارب الإعلاميين النجوم على حساب المضمون العلمي، والتحديات الحقيقية الفعلية التي أحدثت انقلابًا غير مسبوق أدهش منظرو الإعلام الكلاسيكي، الذين كانوا ولا زالوا يطلقون النظريات الخشبية الجافة مشددين على أهمية مقص quot;الرقيبquot; ودوره، متذرّعين بضرورة الحفاظ على ثالوث الهوية المتبلور في الأخلاق والقيم واللغة، ولعل المشاهد المنصف لمجريات ومضامين الموضوعات التي طرحت طيلة يومين، على الرغم من العناوين المثيرة والفضفاضة والتي لم تستثني الشباب والثورة، إلا أنها عكست بِشَكلٍ لا يرقى للشك أن شباب المستقبل الرقميين في وادٍ و quot;جهابذة quot; الإعلام ومنظريه في وادٍ آخر.

ففي وقتٍ تجاوزنا المراهقون والشباب الذين يستقون الكثير من معلوماتهم ويطورونها علاوة عن إنتاجها بطرقهم ووسائلهم الخاصة البعيدة كلّ البعد عن إعلامنا الممل، لا زال مشرفو بعض الفضائيات العربية أسرى توجهات ممولي محطاتهم وخطوطها الحمراء، كما ركب كهول الإعلام التقليدي ونجومه موجة الثورة ونصبّوا أنفسهم حماة للدفاع عن شرف سيدة الجلالة وحريتها والناطق الرسمي بالثورة وشبابها!

ومن المفارقات العجائبية أن دعاة quot;التحررquot; من الإعلاميين الذين طالما تذمروا وانتقدوا الرقيب ومقصه، هم أنفسهم يطالبون بضرورة وضع حدود وضوابط و سن قوانين كفيلة بما اعتبروه quot;إبقاء على المواطن في مأمن من كل ما قد يخدش حيائه ويتجاوز الأخلاق العامة في المجتمعquot;.

جملة فضفاضة بلا شك، تستبدل مقصًا كبيرا بآخر أصغر منه ربما، بيد أنها كانت و لا زالت تدور في فلك صناعة التوجهات والإكراه الذي يُفرَض على الإنسان فرضًا.
فحبذا لو تركنا الخلق على سجيتهم يكوّنون خياراتهم بأنفسهم في فضاء سيبيري أوسع من أن تحده فضائية ويصادره إعلامي بعد أن ولّى عصر النجوم ليحل مكانه عصر يصنع فيه كل إنسان نجمه مستخدما لغة تواصل quot;انترنتية quot; تبدو غريبة على حرّاس اللغات والآداب غير أنها أكثر من كافية لأنها حية مستعملة.

نعم إبداعات الصغار السيبريين الرقميين تجاوزتنا بسنوات ضوئية ففي حين لازال منظرونا الإكرام يبدؤون محاضراتهم الطويلة بالشكر الجزيل ويختمونها بالحمد الطويل يكتفي اولائك بأحرف بسيطة ThX، وفي وقت نعد فيه البرامج الطويلة المملة مستنفرين جهود أشخاص كثر من فريق إعداد ومخرجين ومنتجين ومقدمين يستخدمون كل مستحضرات التجميل وأدوات الأناقة متكبدين مبالغ طائلة، يخرج علينا شباب دون الخامسة عشر بعروض إعداداتهم الرقمية وأفلامهم التصويرية التي لا تتجاوز الدقائق الخمس بملابس يومية متواضعة وشكل انسيابي يعرضون أرائهم ويتحاورون فيما بينهم ويتبادلون المعلومات القصيرة ويخططون لمستقبلهم بعيدا وبعيدا جدا عن إكراهات الخطوط الحمراء وغير الحمراء.

نعم قد يكون الرقميون الجدد هم صُناع إعلام مستقبل و إعلام النجوم إلى زوال!

مقالات ذات صلة
http://www.elaph.com/Web/news/2011/5/655793.html?entry=homepagemainmiddle