ربما لحقب كثيرة من الأزمان نجح العديد من القادة والزعماء وكبار المثقفين والمفكرين والفنانين والعلماء والأدباء في أن يكونوا رموزا لبلدانهم من خلال إبداعاتهم وعبقريتهم او نضالهم الدؤوب من اجل الحرية والرقي، ولقد سجل تاريخ الشعوب الكثير من مواقف هؤلاء الذين ما أن تذكر أسماءهم او إبداعاتهم حتى تعرف أوطانهم وتعجب بشعوبهم وحضارتهم، فقد اضافوا الى سجل بلدانهم وتعريفات أوطانهم كما كبيرا ومتميزا من العطاء الثر، وحافظوا على سلامة وتطور تلك الأوطان بما يجعلها أكثر احتراما وفخرا بالانتماء لها.

ونتذكر جميعا كيف سخر المئات من الأدباء قصائدهم وأعمالهم الإبداعية من اجل ان يتحول الوطن باجمعه الى قصيدة او رواية او مسرحية او فلم سينمائي يمجد او يظهر جانبا من جمال ذلك الوطن والشعب، ولن تتسع الكثير من الصفحات لتكفي مجرد ذكر أسمائهم التي ما أن تذكر حتى يتبادر الى أذهاننا أوطانهم وشعوبهم، وهناك العديد من القادة الأفذاذ الذين صنعوا لشعوبهم أمجادا في التحرر والاستقلال دونما استبداد او دكتاتورية مقيتة، وتفتخر كثير من الدول والشعوب بفنانيها وأدبائها وعلمائها وقادة تحريرها الذين زينوا سجل بلدانهم فخرا وإبداعا وتميزا.

وبينما يعمل هؤلاء الرجال والنساء من المثابرين والجاهدين من اجل إذابة أسمائهم وإبداعاتهم لكي تكبر أوطانهم في إيثار سامي ونبيل، تعمل مجموعات أخرى من النرجسيين ومرضى السلطة في كل مستوياتها أو مفاصلها كمسؤولين كبار او صغار على اختزال الوطن وتقزيمه من خلال فرديتهم وزاوية نظرهم ذات البعد الواحد، بالتعاون مع بطانات فاسدة من الانتهازيين والمتملقين الكذابين من الحلقات التي تعمل معهم وتلتف كالأفاعي حول الرقاب لكي تغتال مفهوم المواطنة والوطن وتعمل على شخصنته واختزاله في شخص فرد او حزب حتى يظن المرء ان ذلك الفرد انما يعني كل الوطن وتاريخه، ونتذكر جميعا واحدة من أسوء الشعارات التي رفعت وقيلت بحق الأوطان والشعوب أيام النظام السابق حينما اختزلوا بلادا من أقدم بلدان العالم وأعمقها حضارة بشخص دكتاتور حينما أوهموه بأنه نعمة من نعم السماء وقالوا:

اذا قال صدام قال العراق!؟

وخلال عقود تناسلت هذه الشعارات المقيتة وانتشرت في بلدان كثيرة لتشيع ثقافة الدكتاتورية واختصار البلاد في شخص حاكمها، كما يتردد اليوم من قبل بطانات ومجاميع الرئاسة في ليبيا واليمن وسوريا وهي تواجه انتفاضات سلمية بمئات الدبابات والقتلى تحت شعارات نشاز غوغائية تأتي امتدادا للذي ذكرناه أعلاه، وربما كان أكثرها إثارة للاشمئزاز تلك التي أشاعته المخابرات الليبية ولجانها الثورية وما شابهه في اليمن وسوريا وغيرهما:

الله ومعمر وليبيا وبس!؟