كتبنا في غير مقال عن خلو العملية السياسية العراقية منذ البداية من قوى للمعارضة الوطنية تمثل الرأي الآخر وتحدث توازنا مطلوبا لمعادلة الحكم والمجتمع في آن واحد، وتمنينا ان تتبلور في الدورة الثانية لمجلس النواب نواة معارضة برلمانية تتخلى عن المشاركة المباشرة في الحكم والاستأثار بالمناصب والامتيازات، وترتضي بتمثيل الرأي الآخر في المجتمع ونبض الشارع الذي لا يمكن لأي حاكم او حزب او تحالف الادعاء بتمثيله اطلاقا، وبذلك اصبح البرلمان الذي كنا نبتغيه طيلة عقود من الزمان ونحن ننظر بعين الحسرة الى مجلس العموم البريطاني او الجمعية الوطنية الفرنسية او الكونكريس الامريكي، برلماننا يكاد يفقد الطعم واللون والرائحة ويتحول الى حمام عمومي لايكاد العضو فيه يرى غيره من البخار وضجيج الكلام وصداه، وهو ما زال في مكانه مراوحا منذ عديد السنين لتوافق كل الاطراف بتقاسم الارث من السلطة والنفوذ والمال والاتفاق على كل شيئ والاختلاف على ما يفيد المواطن والاهالي!؟ ومنذ عدة اشهر بعد ان اتفقت كل الاطراف على مبادرة الرئيس مسعود بارزاني في تأسيس حكومة شراكة وطنية يتقاسمها الجميع بما يخدم العملية السياسية ونجاحها وتطوير ادائها، تحول المختلفون الى التأويل والتفسير في النصوص والتواقيع منذ اللحظات الاولى، وما هي مديات الصلاحيات هنا وهناك، ومن سيكون على رأس الداخلية او الدفاع او الامن الوطني وهكذا دواليك في مجلس السياسات الاستراتيجية ومديات عمله وصلاحيات رئيسه، والمواطن مازال يأن من جراح نصف قرن كانت سنواتها الاخيرة بعد السقوط اكثر ايلاما وحسرة وفسادا!؟ وبينما تتفاقم المشاكل وتتعقد اكثر من ذي قبل يصر الكثير على صراعات لا علاقة لها بالمواطن وحاجياته الاساسية اطلاقا، ويهدد البعض الاخر بالاستأثار الفعلي بالسلطة او ترك العملية السياسية وتجميد العضوية في البرلمان، ويقينا فأنه هناك مساحة واسعة من الرأي العام العراقي تريد وتتمنى ان تكون في البرلمان كتلة معارضة قوية بعيدا عن المشاركة في الحكومة او مناصبها، وترضى لنفسها ان تكون رقيبا وموجها ومحاسبا لها بما يخدم مصالح البلاد العليا ويعزز العملية السياسية ويحمي الدستور، وبدلا من التهديد والوعيد بالانسحاب من العملية السياسية عليهم أن يفعلوها ان كانوا صادقين ويؤسسوا معارضة وطنية برلمانية لكي تتوازن الامور في الحكم والمجتمع وتنطلق البلاد الى آفاق اخرى قبل فوات الاوان؟
- آخر تحديث :
التعليقات