نقلت ايلاف عن موقع اليوتيوب الشهير شريطا صوتيا لمكالمة هاتفية مزعومة بين صدام حسين والسيد حسن العلوي، وقبل فترة تم تسريب هذا الشريط في بغداد ولم ياخذ مساحته التي توقعها اصحاب هذه الفكرة المدسوسة، في جانب تلقي الاتصال المتمثل بالسيد العلوي اعتقد هو الاجدر بالتفسير والرد من غيره ومثله لاتعوزه الحجة ولا تنقصه أدوات الشرح والتوضيح.
مايثير الاهتمام ولو بحدوده الدنيا اولا توقيت تناول هذا الشريط ونشره وايضا كم الصدأ الذي يستوطن عقول وافكار بعض الذين مازالوا يعانون من حجم صدمة سقوط نظام صدام حتى هذه اللحظة وبعد مرور اكثر من ثماني سنوات. فمن الحقائق القوية في عراق اليوم ان النظام برمته و صدام كرمز له قد تم أستئصاله من الجسد الاجتماعي والسياسي العراقي بكل سماته الديكتاتورية والطائفية والاقصائية. فالعراق البلد يعيش اليوم مرحلة تأسيس ديمقراطي لايمت باي صلة الى تلك الحقبة المظلمة في التاريخ العراقي التي أنتهت وولت في نيسان 2003 رغم كل السلبيات التي تحيط بهذه العملية الدستورية الديمقراطية الجديدة في عراق اليوم. لكن حتى هذه السلبيات في كثير من جوانبها هي نتائج منطقية لذلك الحكم الاقصائي الذي طال العراق خلال عقود طويلة، وهذا ليس تبرير لكثير من السلبيات التي يعاني منها البلد في وقتنا الحالي في مجالات معينة يتحملها وبامتياز غالبية عمال السياسة في عراق اليوم بعيدا عن حمالة quot; النظام السابق quot;.
توقيت هذه المكالمة المزعومة لها اسباب كثيرة ومتعددة لكن قد يكون أهمها محاولة النيل من العلوي بعد ان وضع خططه السياسية في موضع التنفيذ الفعلي من خلال ترؤسه لقائمة العراقية البيضاء وتلويحه للجميع بما بين يديه وبما يستطيع من اضافات اخرى! وقد يكون التوقيت الغرض منه التلويح للقائمة العراقية وتحفيز ذاكرة الجمهور، هناك احتمالات كثيرة ومتعددة تتحملها هذه المكالمة الغريبة في تفاصيلها وفي توقيتها لكن أهم احتمال يشير الى ان البعض مازال يعيش احلام فاسدة قد تجاوزتها الاحداث والتغيرات الجوهرية في العراق باشواط كبيرة ومتعددة لم يعد من الممكن معها أعادة عقارب الساعة الى الوراء بل أن هذه الساعة المعنية قد تهشمت وتكسرت الى حد التلاشي والاختفاء.
ومن قلد صوت صدام في هذه المكالمة كان بالفعل يملك امكانية مميزة ليس في تقليد الصوت فحسب بل ايضا لاعادة طرح تلك الافكار والمفردات والتناقضات البائسة التي تخصص بها صدام دون غيره، فصدام كما في الواقع الفعلي وكما جاء في الشريط المنشور هو بطل قومي لكنه بذات الوقت أخو هدلة !!وهذا نوع من الامراض التي تنتمي الى عقدة النقص التي تسيدت تصرفات وتصريحات بطل الامة والعشيرة المزعوم! لكن مع ذلك ومع معرفة العراقيين بان هذا الشريط مزيف تماما على الاقل من ناحية صوت صدام فان هناك اسئلة وشجون تثار من كل الجوانب، فاذا لم يكن صدام في تلك الحفرة فمن كان أذن؟ واذا لم يكن صدام في المشنقة فاين ستذهب قصيدة احد وعاظ السلاطين من بلد مجاور وهو يكتب قصيدة يتغزل بها ببطولاته على منصة الاعدام ! وايضا ايضا ستذهب فتوى ذلك المعمم الذي اعطى وثيقة الشهادة والاسلام لصدام حسين رغم انه اليوم يحارب القذافي ويطالب بقتله تحت شعار محاربة الديكتاتورية! اما من جانب امهات الشهداء والمفقودين والثكالى في العراق فستكون الفرحة كبيرة لاتوصف حينما يعرفون ان صدام موجود في الحياة فسيطالبون حينها باعدامه الف مرة ومرة عسى ان تشفى القلوب وتندمل الجروح.
مما لاشك فيه ان هذه المكالمة المزعومة بين السيد العلوي و صدام هي جزء من أداة سياسية حاول البعض اللعب بها لكنه لعب بائس قد أكلت الدنيا وشربت عليه كثيرا. اليوم امام كل العراقيين مجتمعين استحقاقات اجتماعية وسياسية مهمة وجوهرية لتثبيت أرادة الشعب ولاستئصال الكثير من الشوائب التي علقت بتجربتهم الدستورية الجديدة حتى أثقلتها بشكل أصبح السكوت عليها يحمل معه نوع من الذنب الوطني وتأنيب الضمير بحق العراقيين والعراق، لذلك التركيز على هذه الهموم العراقية والبحث الجاد والمخلص عن حلول جذرية لتغير الواقع نحو الافضل يجب ان يكون هو الهدف العراقي الجامع لكل العراقيين بعيدا عن المهاترات الجانبية وعن هكذا اتصالات مفبركة لن تقدم او تاخر شيء من واقع الحال العراقي والذي أصبح لايطاق في كثير من جوانبه وفي جوانب اخرى واقع بائس يدعو الى التغير الدستوري الجوهري بعد ان استوطنته المحسوبية والرشوة والاختلاس والسرقات ومحاولة الضحك على الذقون من قبل جهال القوم وغالبيتهم من أعلى المستويات وحتى اصغر العناوين الرسمية.
التعليقات