وأخيرا، أنصاعت فرنسا لصوت الحق و أقدمت على تصحيح خطأ کبير أقدمت عليه بحق المجلس الوطني للمقاومة الايرانية في 17/مايو ايار/2003، عندما شنت هجوما في منتهى القسوة و العنف على مقرات المجلس الوطني للمقاومة الايرانية في باريس و قامت بإعتقال أبرز قادته بزعم إتهامهم بالارهاب و أن هناك اسلحة في مقراتهم، ذلك الهجوم الذي کان يخبئ في طياته واحدة من أبرز فضائح النظام الديني الايراني المتطرف و يثبت و بالدليل القاطع أن هذا النظام لايتوانى من الاقدام على أي أمر في سبيل الوصول الى أهدافه ضد المجلس الوطني للمقاومة الايرانية التي تعتبر أکبر و أهم معارضة حقيقية بوجهه.

ويشاء القدر أن يقول القضاء الفرنسي کلمته الفصل قبل أيام من حلول الذکرى الثامنة لذلك الهجوم غير المبرر و الظالم على مقرات المجلس الوطني للمقاومة الايرانية و إعتقال قادته، إذ أن المحکمة العليا لمکافحة الارهاب الفرنسية أصدرت يوم 12/مايو ايار/2011، قرارا قضت بموجبه بمنع ملاحقة مريم رجوي الرئيسة المنتخبة من قبل المقاومة الايرانية و 23 فردا آخرا من القادة البارزين معها، خلفية هذا الهجومquot;المشبوهquot;، أماط اللثام عنه صحفي فرنسي بارز هو جان کلود موريس رئيس التحرير السابق لصحيفةquot;جورنال دو مانشquot;، إذ قادته الصدفة لوحدها لکي يکون شاهدا على جولة محادثات بين وفد من النظام الايراني و وفد فرنسي برئاسة دومينيك دو فيلبان و طرح على بساط البحث مسائل رئيسية من بينها(العراق، الملف النووي، مجاهدي خلق)، حيث کان الصحفي المذکور قد نسى حاجة له داخل صالة المحادثات قبل عقد الجلسة و عندما عاد لأخذها کانت الجلسة قد عقدت و لبث هناك خلف الوفد الفرنسي حيث تصوروا أنه أحد أعضاء الوفد الفرنسي، وعندما إنتهت المحادثات إنتابت وزير الخارجية الفرنسي آنذاك دو فيلبان الدهشة حينما رآه في داخل الصالة و خاطبه قائلا:( آه ماذا تفعل أنت هنا؟ أنت سمعت کل شئ؟ شئ قابل للتصديق! آمل بأن تنسى کل شئ، إعتبارنا مرتبط بهذا)!، و ألف هذا الصحفي کتابا بعنوان(إذا تکرر ذلك، سوف أقوم بتکذيبه)، وقال فيه(دومينيك دو فيلبان، خرج من صالة المحادثات التي استغرقت 90 دقيقة طرحت خلالها مسائل ساخنة بحسب ذلك الوقتquot;العراق، النووي، مجاهدي خلقquot;، عندما کشف أمري، أنا رأيت کل شئ، سمعت کل شئ، وعلمت بکل ماقد تم طرحه، أنا کنت جالسا بهدوء خلفه على بعد متر واحد) و يستطرد هذا الصحفي البارز ليقول:( لأنه ذکرت کلام مباغت، ذکرت بعضا منها في مقالة عند عودتي لباريسquot;جورنال دو مانش 27/مارس 2003quot;. لم أذکر أمرا تسبب بعد شهرين بموجة إعتقالات عظيمة في فرنسا و تسببت في إقدام عدد من النساء الايرانيات اللاجئات بحرق أنفسهن)، وکان موريس يقصد ذلك الهجوم الذي وقع في 17/مايو ايار/2003، والذي ترجم مطلبا إيرانيا ملحا من الحکومة الفرنسية على أرض الواقع، ومثلما احتفل النظام بالقرار المشوه و غير المنصف لوزارة الخارجية الامريکية بخصوص منظمة مجاهدي خلق عام 1995، عاد ليحتفل بهذاquot;النصرquot;المفبرك وquot;المدفوع الثمنquot; عندما لفق تهما باطلة بحق المجلس الوطني للمقاومة الايرانية و قادته و جعل الضحية يبدو جلادا، لکن الايام دول، ومابني على باطل يبقى باطلا، ولذلك سرعان ماأفتضحت لعبة النظام حيث أنه و بعد مرور 8 أعوام، تنقشع الغمامة السوداء للنظام الايراني و يقر القضاء الفرنسي ببطلان کل التهم الموجهة للمجلس الوطني للمقاومة الايرانية و قادته وهو أمر من شأنه أن يبث کل مظاهر القلق و التوجس في اوساط النظام الايراني و يمنح في الوقت نفسه المزيد من الثقة و الامل و التفاؤل بمستقبل الکفاح و النضال من أجل إيران أفضل للمجلس الوطني للمقاومة الايرانية و الشعب الايراني برمته.

ان هذا القرار وان جاء متأخرا، لکنه يأتي في ظروف حساسة و دقيقة، إذ تشهد المنطقة ربيعا سياسيا فريد من نوعه و يبشر بتغييرات غير مسبوقة في معظم دول المنطقة، ولاريب من ان إيران واحدة من تلك الدول التي لايمکن إستثنائها مطلقا من تلك القاعدة وهي وعلى الرغم من سعيها لرکوب الموجة و حرفها بإتجاه آخر، لکن ذلك محال خصوصا وان الاوضاع السياسية و الاقتصادية و الامنية فيها تتخذ مسارات حرجة قد تنذر بتطورات غير منتظرة، وان القرار الفرنسي الذي جاء في وقت يبرز فيه الدور الفرنسي على الصعيد الدولي بشکل غير مسبوق، يعيد مجددا الاضواء بقوة الى المجلس الوطني للمقاومة الايرانية و الدور و الاستحقاق الکبيرين اللذين يقعان على عاتقها ازاء الملف الايراني، ومن دون شك، فإن مختلف الاطراف الدولية و اوساطا سياسية في المنطقة أيضا، باتت تدرك أهمية و مکانة هذا الطرف الکبير في الساحة السياسية الايرانية و إمکانيته في أن يقرع أبواب طهران بقوة، انها رسالة قوية جدا للنظام الايراني وقطعا هي مفهومة و مفهومة جدا جدا!