تفجيرات يوم 2011 / 10/ 28 في بغداد وغيرها من محافظات العراق لا تبشر بخير، ليس لأنها تكشف عن هشاشة الاجهزة الأمنية وعدم قدرتها العلمية والعملية على التعامل مع معضلة الإرهاب والارهابيين في العراق، بل لأنها تكشف عن أن مستقبل الأمن في العراق ما زال في خطر، فإن وجبات التفجيرات الاسبوعية ــ تقريبا ــ تؤكد أن معالجة المشكلة مؤجَّلة، وأنْ لا أمل في عراق آمن مستقر، وهذه مقدمة عن فقدان الامل بعراق مزدهر، لاتفاق الأراء إن كل خير في اي بلد يتوقف على مستوى الامن فيه...
مهتمون جادون بالشان العراقي يتوقعون اياما اكثر صعوبة تنتظر العراق في المستقبل القريب والمتوسط، وفيما يوعز بعضهم ذلك إلى ضعف الاجهزة الامنية بطبيعة الحال فإن هناك من يمد بالاسباب إلى خارج هذا العامل الذي اصبح واضح المعالم،ولا يحتاج إلى تمعن فكر، بل هذا ما يحكي به وعنه المواطق العراقي مهما كان مستواه العُمْرِي.
هؤلاء المهتمون بالشان العراقي يقولون : إن من الأسباب المهمة في هذا المجال عزلة العراق الاقليمية، فالعراق شبه محاصر من بعض دول الجوار حتى وإنْ كانت له مع هذه الدول علاقات دبلوماسية، ولماذا لا يعدُّ حصاراً أن تستضيفَ بعضُ هذه الدول ( معارضين!)عراقيين يعملون علنا للاطاحة بالحكومة الحالية، ليس على مستوى فرد أو فردين، بل على مستوى جماعات واحزاب وقادة اثبتت الوقائع اشتراكهم بشكل وآخر فيما يحصل داخل العراق من عمليات ارهابية مفزعة؟
آخرون مهتمون بالشان العراقي ايضا يوعزون سبب ذلك إلى عدم التوافق بين أفرقاء العملية السياسية في العراق، وارتماء الكثير من صناع القرار السياسي في احضان اجندة أقليمية، هي الاخرى تتصارع على العراق وفي العراق، فإن اي بلد عندما تكون نخبته السياسية أو صناع قراره السياسي بشكل مباشر أو غير مباشر بيد دول جوار او دول بعيدة يكون بمناى عن الاستقرار بالمعنى الحقيقي، ومثال لبنان واضح، والعراق اليوم يشبه لبنان على نحو مقارب في مثل هذا المجال.
لا ينسى هؤلاء المهتمون بالشان العراقي ان يشيروا بأن القاعدة لم تمت في العراق، ولم تضعف، بل هي قوية نشطة، وربما موجودة حتى في المناطق التي يُفتَرض إنها خاليه منها، وبصريح العبارة موجودة حتى في المحافظات والاقضية والقرى ذات الاغلبية الشيعية، ولا يستبعد مراقبون أن تكون القاعدة تملك أجندة في هذه الامكنة من العراق، بواسطة المال أو بسبب الحقد على الدولة أو لاسباب أخرى، وذلك عكس ما يروج له بعض المسؤولين العراقيين، حتى على مستوى مسؤولين ليسوا على وئام مع الحكومة بشكل من الاشكال.
المعضلة السورية كما يبدو ليس على طريق الحل، المحللون الدوليون يؤكدون إنها مستمرة، وسوف تزيد من حدَّة الاصطفاف الطائفي في المنطقة،تداعيات استمرار الوضع السوري ينعكس على العراق، وربما أكثر من انعكاسه على لبنان، هكذا يرى محللون متابعون، ولا ينكر مراقب أن هناك تعاونا بين بعض مكونات الشعب العراقي والمعارضة السورية عبر الحدود، وكلما طالت المحنة السورية كلما تزداد فرص انتعاش القاعدة في العراق، بل تزداد حدة الاصطفاف الطائفي في العراق، بعضهم يكابر لينفي مثل هذا الاصطفاف، فيما هو نار تحت الرماد، بل هي حقيقة في طور الخفاء، مجرد أن تتهيا عوامل خروجها بشكل سافر سوف تخرج بكل مضاعفاتها الخطيرة.
تفتيت الكتل الكبيرة يصبُّ لصالح احتدام الازمات في العراق بما في ذلك الازمة الامنية، فالبلد الذي تتشظى كتله الكبيرة يتعرض هو الآخر إلى التشتت والتشظي، وهذا بدوره يساعد على خلق فجوات في جسم المجتمع، ومن شان ذلك تعريض الامن لاهتزازات خطيرة.
هل الحل بحكومة أغلبية سياسية؟
يشكك كثيرون أن تكون فرصة حكومة أغلبية سياسية في العراق متوفرة، بحكم طبيعة المجتمع العراقي المتعدد الاطياف المذهبية والقومية، ولان الكتلة الوطنية العابرة لتقاسيم المحاصصة المذهبية / الطائفية والقومية /العنصرية شرط في مثل هذه الحكومة وهي فرصة لم تتوفر ظروفها بعد، وفيما يصرح بعض صناع القرار السياسي في العراق إن مثل هذه الحكومة سوف تسهم في تنشيط وتيرة الارهاب والعمل المسلح هناك رفض معلن لمثل هذه الحكومة من قبل كتل عراقية ذات وزن ليس بالهين، ومن ابرزها كتلة الاتحاد الكردستاني، وكتلة العراقية، فهل تحذير البعض من مثل هذه الحكومة يشير إلى رفض كلا الكتلتين؟ إذا كان الامر كذلك، فإن أوضاع العراق في المستقبل القريب في غاية الخطورة....
وربما سؤال ملح...
هل من حل؟