ما فتئت الادارة الامريكية تصر على أنْ: (لا نية للتدخل العسكري في سوريا، وانَّ سوريا ليست ليبيا)، وهو الأمر الذي تردده بريطانيا أيضا، فيما تلح الحكومة الفرنسية على أهمية بل ضرورة التدخل العسكري في سوريا، والبداية هي فرض منطقة حظر جوي. مراقبون مهتمون بالشان السوري وذوو اطلاع على ما يجري على الأرض السورية يتساءلون عن مدى إستمرار هذا الموقف الامريكي، مستذكرين الرفض الامريكي للتدخل في شؤون الحرب الصربية، فيما إنقلب الموقف رأسا على عقب بعد فترة زمنية ليست بالقصيرة، فقد تدخل الامريكان بقوة وشراسة،بحيث حُسم الموقف كما تقتضيه الاستراتيجية الغربية، وفي مقدمتها الامريكية، فهل يتكرر ذات (السيناريو) في خصوص القضية السورية؟
مراقبون آخرون يؤكدون إن ما يجري في سوريا يرضي الولايات المتحدة الامريكية، ولذلك لا داعي أنْ تأخذ قرارا بالتدخل العسكري، فهو يضعف الجيش السوري وذلك من الاهداف الجوهرية لدى الامريكان واسرائيل أولا، ولأنه يعمق الشرخ بين قوات الاسد العسكرية والامنية وبين عموم الشعب السوري الذي يشكل السنة الاغلبية فيه ثانيا، كما أن ذلك يعمق الشرخ بين الاكثرية السنية والاقلية العلوية الحاكمة، ثالثا، فضلا عن أنه يزيد من غضب سنة العالم على النظام السوري رابعا، ويصعد من حدة التخندق والتجاذب الطائفي في العالم الإسلامي،خاصة في الدول المجاورة لسوريا وفي مقدمتها العراق ولبنان، من جهة أخرى، إن ما يجري في سوريا كفيل وإلى درجة متقدمة بانهاك قوى الإسلام السياسي المتشدد، ومن تسميهم واشنطن بالارهابين المتشددين، فهناك معلومات تفيد بان القاعدة تملك الكثير من المواقع والإمكانات داخل سوريا، وهي أحد عناصر القتال المهمة والرئيسة ضد الحكم الاقلوي...
هل هذا صحيح؟
يبدو إنه أقرب إلى الواقع، خاصة إذا صدقت بعض التقديرات التي ترى إن الوضع في سوريا سيبقى على هذه الوتيرة لزمن ليس بالقصير، بسبب الدعم الخليجي التركي للمعارضة المسلحة، كما أن هناك دعما معنويا لها من بعض دول الغرب، ولكن هل هذا يعني في الوقت نفسه بانْ لا تدخل غربي / أمريكي لنهاية؟
الجواب لدى هؤلاء المراقبين بالنفي... فامريكا ومعها المنظومة الغربية لا تسكت إبدا فيما لو جازف النظام السوري بمهاجمة إسرائيل، إذ قد يضطر إلى ذلك لخلط الاوراق عندما يرى (النظام) نفسه في خطر كبير ولم يعد قادرا على الاستمرارا لمواجهة الآخر، كما أن أمريكا والغرب قاطبة لا تقف مكتوفة الايدي فيما لو توسل النظام السوري بالاسلحة الكيمياوية في التعامل مع المعارضة المسلحة و استخدمها ـ الاسلحة الكيمياوية ــ لأي غرض من أغراضه العسكرية والامنية على الارض، وبالمثل سوف تكون امريكا ومعها الغرب كله جاهزة تماما للتدخل السافر والقوي لو وقعت سوريا في نهاية المطاف بايدي سلفية متشددة، وليس بعيدا عن التفاهم والتعاون مع كل من تركيا واسرائيل وبعض دول الخليج العربي...
والسؤل المهم هنا، هل مثل هذا (اليوم) آت؟
ليس هناك جواب محدَّد، فمن الصعب تحديد ماذا سيحصل وإنْ على المدى القريب والمتوسط في سوريا نظرا لتداخل الاحداث في المنطقة كلها، ولأن الموجة الطائفية في العالم العربي والاسلامي آخذة بالامتداد والاشتداد، ولكن الظاهر على السطح أن الوضع في سوريا مرشح للاستمرار على ما هو عليه، ويستشف بعض المراقبين هذه النتيجة من تصريح الرئيس السوري بشارالاسد لقناة (دنيا)، حيث أكد على أن (سوريا) ستنتصر في النهاية، ولكنه ارجا الحسم الى زمن، مما يعني إنه ليس متأكدا من الحسم السريع الذي كان قد أشار إ ليه أكثر من مرة في لقاءات سابقة، ومما يرجح هذا الاحتمال الدعم الكبير الذي تلقاه المعارضة المسلحة من دول اقليمية واحزاب اسلامية متشددة في المنطقة...
فهل ستبقى سوريا في دائرة الدمار الشامل حتى يتوفر السبب الموجب لتدخل عسكري أمريكي /غربي /شبه اقليمي،وعندها تكون سوريا جديدة؟
لا أحد يعرف.
- آخر تحديث :
التعليقات