عندما قرأت ما قاله رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس للقناة الثانية الاسرائيلية، وجدت نفسي اكتب، لان ما صرح به رئيس السلطة الفلسطينية لا يتقبله اي عقل فلسطيني ولا عربي، فهو ضد انتفاضة ثالثة طالما بقي في منصبه كرئيس لهذه السَلطة، وليست هذه المرة الأولى التي يصرح بها بانه ضد اي انتفاضة وضد الكفاح المسلح.

لان اندلاع اي انتفاضة على ما يبدو سيقضي على مكتسبات سلطته والناس المنتفعين من هذه السلطة، ولن يكون لهم مكان بين المنتفضين الذين سيكونوا مستعدين للتضحية من اجل فلسطين، ويبدو ايضا ان رفضه لاي انتفاضة هو بسبب تعهداته للمجتمع الدولي ولدولة الاحتلال التي ينسق معها من اجل قمع واعتقال هؤلاء الذين نذروا انفسهم لفلسطين والاستشهاد من اجلها، بأنه لن يستخدم الكفاح المسلح الذي اسماه عنفا، وكأنه يعترف بأن ما يقوم به الشعب الفلسطيني من دفاع عن النفس ومقاومة الاحتلال بالعنف، ولم يبق امامه الا ان يصف هذه الاعمال بالارهابية، وكل ذلك من اجل ماذا، من اجل ارضاء الكيان الصهيوني الذي اعترف بقتل القائد الكبير ابو جهاد علنا، وهذا كان معروفا للشعب الفلسطيني.

إبراهيم الشيخ

ولكن اسرائيل كانت تعرف مسبقا بأنه لن تصدر اي ردة فعل من هكذا سلطة اثرت الخنوع والخضوع، لان هذه السلطة فقدت كل اوراق الضغط على اسرائيل من خلال تخليها عن مقاومة الاحتلال ولا تقيم اي اعتبار لأراء الشعب الفلسطيني، وحتى لو اعترفت كذلك اسرائيل رسميا بأنها قتلت ابو عمار، ومعروف ايضا بأن اسرائيل هي التي قامت بذلك، فماذا سيكون بمقدور السلطة ان تفعله، بالتأكيد لا شيء.
ان اكثرية الشعب الفلسطيني تؤمن بان عودة الحقوق لا تأتي من خلال التمنيات وانتظار ما ستقدمه اسرائيل للشعب الفلسطيني من خلال المفاوضات والتنسيق مع الاحتلال، وهي لن تقدم شيئا والايام سوف تثبت ذلك، وانما الحقوق يجب استرجاعها وانتزاعها بالقوة لأن هذا العدو لا يفهم سوى هذه اللغة.

ان الشعب الفلسطيني يريد وطنا لكل الفلسطينيين وليس دولة أو دويلة على مقاسات السلطة الفلسطينية ورئيسها الذي اعلن انه لن يعود الى مدينته صفد التي هُجر منها مع عائلته، لانه وافق على حل الدولتين في حدود العام1967، نفهم هذا الكلام الدبلوماسي الذي من خلاله يريد استدرار تأييد الشعب الاسرائيلي وجلب تأييد دولي من اجل التصويت في الامم المتحدة على وضع دولة غيرعضو لفلسطين.
الا ان الشعب الفلسطيني يريد من يطمأنه على استرداد حقوقه وعودته الى وطنه الذي يحلم به، واذا اراد السيد محمود عباس التخلي عن حقوقه في فلسطين فهذه هي مسألته الخاصة، ولكن لا يحق له اجبار الشعب الفلسطيني التخلي عن حقوقه وارضه وبيوته التي شُرد منها، وما زال ابناء هذا الشعب يحملون مفاتيح هذه البيوت.

ان المقاومة حق طبيعي كفلتها الشرائع السماوية وحق كفلته القوانين الدولية، وتبدو المقاومة حق طبيعي لمحتل اغتصب الارض وشرد ساكينها وارتكب المجازر وما زال يرتكب اعمال القتل والتشريد والاعتقال، وكأن كل هذا لا يكفي لأن يقوم الشعب الفلسطيني بانتفاضة ثالثة أو رابعة ضد الكيان المغتصب للارض، فالتاريخ لن يرحم الخانعين للاحتلال والمتقاعسين عن اداء واجبهم الوطني، واذا لم يضح الانسان من اجل وطنه فماذا يتبقى له ليضحي من اجله.

كاتب وصحفي فلسطيني