أعشق مصر والمصريين.. مسلمين ومسيحيين.. أعشق شهامتهم. وبساطتهم. وعفويتهم. ولكني اتألم لما أقرؤه يوميا عما يحدث في أم الدنيا.. يوجعني ألم إبن البلد المسيحي القبطي حين rsquo;يهان في بلده.. يؤلمني بنفس القدر حين أقرأ مدى الحقد في تعليقات القراء منهم.. المسيحيين والمسلمين..
تابعت بخوف ما حدث خلال الأسابيع القليلة السابقة من حوادث تنذر بإشتعال الطائفية في أية لحظه.. بدءا من حادثة إختطاف الطفلة سارة.
تلاها خبر آخر قرأته عن إمراة قامت بقص شعر فتاة مسيحية في الأوتوبيس.. والآن أقرأ خبر خطف منال يوسف شفيق.. البالغة من العمر 17 سنه..وكلها ترقى إلى حوادث عنف مجتمعي يأكل روح التعايش والتآخي.. وجرائم متعمدة ومع سبق الإصرار..

و تعدي وإنتهاك سافر لحقوق الإنسان.
ما لفت نظري في الموضوع.. منطق السلفيين في هذا الإنتهاك.. ففي حالة سارة... والتي أثبتت شهادة ميلادها أنها لم تتجاوز ال 14 سنة وشهرين.. يرى السلفيون بأن قرارها للهروب وإعتناقها الإسلام وزواجها بأنه حرية شخصية لفتاة بالغة.. ويصرّون بأن زواجها تم بطريقة شرعية من رجل مسلم يبلغ 27 سنة ( أي ضعف عمرها ).

السؤال الأول.. هل تعتبر إبنة 14 سنة بالغة.. وما هو البلوغ في نظرهم. هل هو مجرد علامات جسدية.. أم نضوج وقدرة عقلية على إختيار الأفضل للإنسان ولمجتمعه..
أليس النضوج العقلي هو الأولى إذا كنا جادين في بناء مجتمع صحي يقوم على أرضية صلبه من الأخلاق والقيم.. وإذا كانت بالغة لماذا إذن عملية الخطف ؟؟ أليس من الأخلاق الإسلامية دخول البيوت من أبوابها ولنفترض عبثا بأنها إعتنقت الإسلام أليس من المفروض أن يكون زواجها بموافقة ولي الأمر.. ألا يعتبر هذا تناقضا صارخا مع ما شرّعه الإسلام.. من موافقة ولي الأمر..

ثم كيف يكون إسلامها صحيح شرعيا وهي لا زالت قاصر.. أليس من المعلوم أن السن الشرعي لصحة إسلام شخص ما التمييز.. أي أن يكون عاقلا ومدركا لمعنى وحقيقة الإسلام كما قال الشيخ عبد العزيز رجب وكيل نقابة الدعاة والأئمة وعضو الإتحاد العالمي للعلماء المسلمين.. فكيف بفتاة صغيرة قاصر لم تكمل تعليمها وستحرم منه أن تتفهم ما يتطلبه منها إسلامها من تضحية بعائلتها وتعلميها ؟؟؟
أم أن كونها من ديانة أخرى أعطى للسلفيين الحق في تزويجها.. وهو زواج إجباري باطل. وليس إلا شكل من أشكال الإستغلال الجنسي لقاصر...

أولا إن حرمانها من إستكمال تعليمها يعتبر إنتهاكا لتوقيع الدولة على معاهدة حقوق الطفل أما انتهاك حرمة جسدها فيُعد جريمة قانونية وجريمة ضد الإنسانية وضد القيم الأخلاقية الإسلامية أولا quot;
أليس هناك تناقضا ما بين القوانين المعمول بها والتي تنص بأنه لا يمكن لأي مأذون أن يعقد قران طفله لم تتجاوز ال14 ومن هو المأذون الذي عقد قرانها ؟؟؟ أم أنهم أعطوا لنفسهم الحق في أن يكونوا مأذونين شرعيين بدون وثيقة رسمية أو إذن من الدولة ؟؟؟

لماذا يرمي السلفيون عرض الحائط بكل ما وقّعت علية الدولة من معهدات وإتفاقات دولية؟؟ ماذا يخبئون لمصر وللمصريين من كل الديانات.. هل هي سياسية ضمنية لأسلمة المصريين من الديانات الأخرى.. ولكن الأهم.. لماذا تتقاعس الدولة في تسريع الإجراءات.. فبعد إبلاغ الجهات الأمنية.. و إصدار النيابة العامه قرارا بسرعة ضبط وإحضار المتهم بإختطافها.. إلا أن الأمن لم ينفذ القرار ؟؟؟؟؟ ولم يتخذ أي إجراء بحجة أن إسلامها شرعي وزواجها شرعي.. ما يعد ضربًا لكل القوانين المصرية والدولية ومعاهدات حماية الطفل..

لنفرض بأن ماجاء في كلام السلفيين بأن سارة هربت من أهلها واعتنقت الإسلام طواعية وتزوجت بإختيارها..ترى ماذا كان سيكون رد فعل المجتمع المصري فيما لو كانت هذه الفتاة فاطمة المسلمة ذات ال14 ربيعا هربت واعتنقت المسيحية وتزوجت من بطرس؟

ماذا سيكون موقف الدولة مما فعلته فاطمة.. هل ستقف متفرجة كما في حالة سارة.. والآن منال ؟؟؟ أم هل ستساعدهم على إقامة حد الردة عليها.. ؟؟؟؟ برغم أن الدولة أوقفت العمل بالحدود !! فهل وتحت قيادة السلفيين ستعيد العمل بها؟

إن هناك ما يقارب 500 قبطية مختفية.. فهل جميعهن إخترن الهروب من عوائلهن ؟؟؟
إن عمليات الخطف والأسلمة وقص الشعر ليست إلا عمليات ترويعية ترقى إلى عمليات إرهابية تتم تحت غض نظر من الدولة وخوف الأغلبية من المسلمين من التصدي لهم...
إن ما تتعرض له الأقليات المصرية من تصاعد نفوذ السلفيين في وطنها الأم ليس إلا عمليات مبطنة بهدف واحد فقط وهو أسلمة كل المصريين.. أو إكراههم للخروج من بلدهم.. وكلاهما جريمة ضد حقوق الإنسان وجريمة ضد الإنسانية.. وعلى الحكومة الحالية من الإخوان المسلمين حماية رعاياها من الأقباط ومعتنقي الديانات الأخرى.. والتصدي للسلفيين فقهيا لدحض إعتقادهم quot; بأن الدين عند الله الإسلام quot; !!!!.... وعلى كل مسلم حقيقي أن يندد بجريمة الخطف والإكره لتغيير المعتقد. والزواج الإجباري.. وأن يؤكد على حقهم في المساواة والحرية والعدالة.. وأن لا إكراه في الدين....

منظمة بصيرة للحقوق الإنسانية