يتهم التيارالصدري رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وحزبه ـ حزب الدعوة الاسلامية ـ بالديكتاتورية والفساد، ويؤكد سرا وعلنا أنه يسعى الى تمزيق التيار بدعمه للانشقاقيين مثل عصائب الحق وغيرهم من أجل إقصاء التيار ليس من الحياة السياسية العراقية وحسب بل من حقهم في الوجود السياسي أصلا، والغاية البعيدة هي تجديد ولاية ثالثة لرئاسة الوزراء، من جانب آخر يتخوف بعض شيعة العراق من عودة الكثير من الضباط العراقيين الى الخدمة باي شكل من الاشكال، ويرون في ذلك عودة على نحوٍ ما لقوى البعث وإنْ ببطيء،ويحمِّلون رئيس الوزراء مسؤولية ذلك، العلاقات بين الافرقاء الشيعة العراقيين ليست على ما يرام، بل تحكمها الخلافات الشخصية والفئوية بشكل سافر، وفيما يرى بعض هؤلاء الشيعة أن تنظيم حزب الدعوة /فرع العراق ليس إلاّ آلية خارجية فإن مثل هذه التهمة لم يسلم منها مكونات شيعية اخرى، ولم تتمكن جهود مبذولة من اطراف شيعية ذات مستوى عال من الحضور الديني والاجتماعي من لملمة مكونات الوجود الشيعي العراقي، وقد أعلنت المرجعية الدينية موقفها الصارم تجاه كل هذه المكونات برفضها استقبال ايٍّ منها، معللة ذلك بعدم وفاء الحكومة بواجباتها تجاه شعبها من دون تمييز أو تشخيص.
التحالف الشيعي / الكردي تعرض للاهتزاز، وهو بين اخذ ورد في داخل التحالف الوطني الشيعي، كان هناك توافق شيعي / كردي عميق تجاه نظام صدام حسين، وبقد حافظ هذا التوافق على سخونته بعد التغيير، ولكنه اليوم معرض للإنهيار، ويرى بعض المراقبين إن هناك أطراف أقليمية ودولية بل هناك أطراف وطنية عراقية تعمل على هذا الطريق، فإن اي تصدع في العلاقات بين الشيعة والاكراد هوضعف للإ ثنين، ويجعل الطرف الثالث أي سنة العراق قادرا على لعب وظيفة ( الجوكر ) في العملية السياسية.
يقول مراقبون أن المشكلة في الوسط الشيعي ليست داخلية وحسب، اي لا تكمن في هذه الخلافات الحادة بين مكونات الوسط،بل هناك العلاقات المتوترة بين الشيعة وبعض دول الجوار، بصرف النظر عن اي من الطرفين يتحمل المسؤولية في ذلك، هناك موقف سعودي قطري وربما اردني حذر بل ربما رافض من ان يتولى الشيعة رئاسة الوزراء، وان يكون لهم دور سياسي قيادي، إ ضافة إلى ذلك أن ما يجري في سوريا ليس في صالح شيعة العراق بالنتيجة النهائية والاسباب معروفة، مما يزيد بحجم المشكلة، ان شيعة العراق قد لا يملكون الكلمة القوية تجاه منْ يطرح نفسه حليفهم، بل وكما يرى مراقبون مجرد ادوات رغم عدم رضا بعض قياداتهم بذلك، بل هم ممتعضون ولكن ليس بيدهم حيلة تجاه هذا الواقع المر، وفي الصميم من هذه المعادلة الصعبة يعرف شيعة العراق أن تركيا بنزعتها العثمانية الجديدة لا ترتاح لهم، وتعمل على تهميش وجودهم السياسي على اقل تقدير وبالتعاون من دول الجوار السنية !
يسال مواطن شيعي بسيط عن اسباب الخلافات بين رموز القرار السياسي الشيعي، يجيب مواطن شيعي بسيط هو الآخر : إنها معركة رئاسة الوزراء القادم، وفيما يسال مواطن شيعي بسيط عن طريق الحل، يجيب نظيره انْ لا حل... أكثر من نتيجة يُمكِن أن يُخلَص لها من هذا العرض السريع، من أهمها أن المتضرر الوحيد من هذه المفارقات هو المواطن الشيعي العراقي، خاصة وإن أكثر رموز الكيان الشيعي العراقي ـ إنْ كان هناك كيان بالمعنى الحقيقي ـ تحولت إلى مافيات اقتصادية، وقد امتلات دوائر الدولة المتقدمة بابنائهم وبناتهم، وكثير منهم يملك جواز سفره الاجنبي، فيما عامة شيعة العراق معرضون للمذابح اليومية تقريبا ! ليس هناك مسؤول شيعي كبير، ولا أحد من ابنائه او اقربائه المتقدمين لم يصحَّن عسكريا وماديا !
هذه الفوضى الشيعية العراقية ليست على مستوى السياسة فقط، بل هناك ما هو أخطر بالمنظور البعيد، اقصد التجاذبات العقدية المريبة داخل الجسم الشيعي العراقي، فظاهرة الصرخي والحسني واليماني ليست سهلة، بل ممتدة، ربما لها وجود حتى في اوساط شيعية مثقفة، وقد لوحظ أنها مسلحة ومدعومة بالمال والعتاد، وما عمليات الاغتيال التي طالت بعض وكلاء المرجعية السيستانية سوى احد مظاهر هذه المفارقة المخيفة، وهي تساهم بلا شك في تفتيت الوجود الشيعي العراقي وإضعافه.
العشيرة الشيعية كانت قوة لشيعة العراق بطبيعة الحال، ولكن الأن فقدت قوتها بهذ الاتجاه، لان أصحاب القرار السياسي الشيعي افسدوا هذه العشائر، الصراع بين اصحاب القرار على كسب ولاء هذه العشائر قائم على قدم وساق، وآليته المال، وكل ما ياتي بالمل يذهب بالمال...
شيعة العراق كمكون لا يملك قراره الصريح ليس بدعة في الواقع العراقي، فسنة العراق هم ايضا لا يملكون قرارهم الصريح، العراق كله اجندة خارجية كما يبدو !
هل هذا صحيح ؟