من يرى المستشار القانوني لحزب الحرية والعدالة، أحمد أبو بركة، على شاشات الفضائيات العربية، ويتأمل في طريقة دفاعه عن الآراء والمواقف السياسية للإخوان المسلمين، باعتباره مستشارا قانونيا، يعجب لذلك الأداء المسرحي في التعبير عن مواقفه. فما يبدو عليه أثناء الحديث يوحي دائما كما لو أنه يحاجج حجاجا مستميتا أو يترافع عن قضية لا تقبل النقض، لأن طريقة حديثه السريعة والاستعراضية لا تترك فرصة لمحاوره.
فالمستشار الذي حل ضيفا على برنامج (الليلة مع هاني) في قناة mbc)مصر) مساء الثلاثاء الماضي كشف عن أكثر من موهبة ؛ منها أنه كان هاويا للتمثيل، ولولا أن محيطه الاجتماعي استهجن تلك المهنة لأصبح ممثلا ؛ لذلك اختار مهنة المحاماة.
وحين فاجأ المستشار الجمهور بموهبة كتابة الشعر، أصر عليه مقدم البرنامج هاني رمزي، أن يقرأ على الجمهور شيئا من شعره.
وكانت الطامة الكبرى، عندما تجرأ المستشار ودون أن يرف له جفن وابتدأ الإلقاء الشعري بقراءة مشوهة لبعض أبيات الشاعر المعروف عمر أبي ريشة من قصيدته التي يقول فيها :
(أمَّتي هلْ لكِ بَيْنَ الأمَمِ * مِنْبُر للسَّيْفِ أو لِلقَلَم)
ثم واصل quot; شاعرنا quot; قراءة البيت التالي في القصيدة
(أمَتِي كمْ صَنَمٍ مَجَّدْتِه * لمْ يَكُ يَحْمِلُ طُهْرَ الصّنَمِ)
بطريقة مزعجة، دلت تماما على أنه كان يقرأ أكثر من قصيدة في نص واحد بطريقة عشوائية.
و كانت المفاجأة الكبرى حين قرأ المستشار ضمن تلك القراءة العشوائية أبياتا لشاعر أردني اسمه يوسف أبي هلالة، (وهو أيضا شاعر من شعراء الإخوان المسلمين الأردنيين) بنفس الطريقة المفككة والرديئة، حيث قام المستشار بإدغام الأبيات في بعضها البعض منتقلا من بيت (عمر أبي ريشة) إلى أبيات (يوسف أبي هلالة) ومنتحلا من هذا الأخير :
ناصريون نصرهم أين ولى * يوم داست على الجباه اليهود
ودمشق من النصيرية الحمراء ضجت سهــولها والنجـــود
والغريب أن المستشار ذكر أن مناسبة هذه القصيدة المنحولة كانت ردا على بيان للحكومة المصرية في العام 2006م، دون أن يذكر طبيعة هذا البيان.
ورغم النمط الهتافي والمباشر للأبيات المنتحلة، إلا إن ما يكشف عنه هذا الانتحال الظاهر للمستشار القانوني لحزب الحرية والعدالة ضمن ذلك البرنامج على قناة (العرب)، كما يقولون، يدل على أكثر من إهانة ؛ سواء لشخصيته الاعتبارية، أو حتى للحياء العام، أو لمكانة الشعر التي أصبحت في العالم العربي أدنى من أن يعيرها أحد الاهتمام اللائق بها.
وإذا كان (الشاعر السابق) والمستشار القانوني لحزب الحرية والعدالة يعتدي على حقوق الآخرين بهذه الطريقة المبتذلة، دون أن يرف له جفن، فكيف يمكننا أن نتصور طبيعة عمله المتصل بالحقوق والسياسة؟
ولأن المسألة كلها (توك شو) عربي، فكل شيء ممكن أثناء الأداء التمثيلي أمام الجماهير، لأن (الجمهور عاوز كده) بحسب العبارة الشهيرة.
إننا أمام حالة من الاستسهال والخفة التي يمكن أن تنعكس على الكثير من المواقف الأخرى مادام هناك (توك شو) فضائي.
فالمستشار الذي وجد ما يغري بالانتحال، لاستعراض quot; شاعريته quot; بطريقة مؤذية ربما أدرك أنه أمام جمهور همه الأول أن يؤدي دوره في التصفيق من وراء الكواليس في كل حركاته وسكناته داخل الأستوديو، ليعكس للمشاهدين حميمية التفاعل مع ذلك quot; الشعرquot; الذي لم يشفع له الانتحال حتى، من أن يلقى بطريقة تحترم اللغة لذاتها.
وهكذا يبدو أن مثل هذه المواقف تأخذ قيمتها فقط من إغراء برامج (التوك شو) مهما كان الأمر، فالمهم هو طريقة العرض والأداء، وإثارة الجماهير بعيدا عن أي قيمة أخلاقية.
ربما حسب المستشار أحمد أبو بركة أن في انتحال بعض ابيات قصيدة أخيه المسلم الشاعر يوسف أبي هلالة، ما يشفع له، كون الشاعر من جماعة الإخوان في الأردن، لكنه نسي أن هذا الانتحال يتعارض تماما مع معنى الصدق الذي يحث عليه الإسلام لأن (المسلم لا يكذب) فضلا أن ينتحل حقوق الآخرين.
التعليقات