بعد صمت دام عدة اشهر حول مسألة السلاح الكيماوي السوري، ها هي قضية هذه الاسلحة تثار مجددا من قبل اطراف دولية وخاصة من قبل الولايات المتحدة الامريكية.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، هو لماذا في هذا الوقت بالذات تثار هذه المسألة، وخاصة من قبل الولايات المنتحدة التي تدعي بانها رصدت بعض التحركات المريبة حول اماكن تجميع هذه الاسلحة، وبعد ذلك وحذرت الولايات المتحدة سوريا من استخدام هذه الاسلحة ضد الشعب السوري.

ولكن هنا يجب القول ان الموت واحد، ولماذا تحذر الولايات المتحدة من استعمال هذا السلاح ولا تتحرك لقتل الشعب السوري الذي يحدث كل يوم، ان كان هذا على ايدي النظام ام على ايدي المعارضة، وهنا لا احد عاقل يقبل بالتدخل الامريكي او غيره في سوريا، لان أي تدخل عسكري من قبل أي دولة لن يكون من اجل عيون الشعب السوري، وانما لتحقيق مصالح خاصة.

ان اثارة مسألة السلاح الكيماوي في هذا الوقت سببه التطورات الاخيرة التي حصلت على الارض، واقتراب المعارك من العاصمة دمشق، ولهذا تتخوف الاطراف الدولية من استخدام السلاح الكيماوي في الصراع الداخلي، ولكن النظام لا يبدو بانه بحاجة لاستخدامه فهو يملك امكانيات كثيرة بديلة عن هذا السلاح، ومن الغباء استعمال الاسلحة الكيماوية، لان استخدامها داخليا ضد المسلحين المعارضين يعتبر انتحار سياسي للنظام، وتصرف كهذا يعجل بإسقاطه ويفتح المجال واسعا للتدخلات المباشرة من قبل القوى الاجنبية.

ولكن النظام السوري اكد في عدة مناسبات عندما اثير موضع الاسلحة الكيماوية، بانه لن يستخدم هذه الاسلحة ضد شعبه تحت اي ظرف كان، وبالتأكيد ان النظام لن يعطي الفرصة للتدخل العسكري من قبل اي طرف في بلاده.

واشنطن التي بدت مترددة في الفترة الماضية، تبدو انها بدأت تغير من لهجتها بعد معرفة ان النظام بدأ يفقد السيطرة على مجمل الاراضي السورية، ووصول المعارك الى دمشق، فواشنطن تريد اثبات وجودها في المنطقة في حال سقوط النظام، ولكي يكون لها دور في رسم مستقبل سوريا والمنطقة.

بلا شك ان هناك حرب استخبارية متعددة الاطراف تدور لمعرفة مكان الاسلحة الكيماوية ومصيرها، ومحاولة السيطرة عليها في حال تشتت قوات النظام، وفقدان السيطرة عليها، ولذلك واشنطن تعمل في الخفاء مع دول الجوار وخاصة مع تركيا والاردن للتدخل، لكي لا تسقط الاسلحة في اياد معادية، والاياد المعادية هي على الارجح حزب الله او قوى المعارضة التي لن تسمح لها واشنطن بامتلاك هذه الاسلحة، بحجة ان هذه الاسلحة من الممكن استعمالها ضد اسرائيل، ولذلك لن تترك سوريا وشأنها، ولن تسمح بان تفلت الامور من بين أيديها بسبب وجود هذه الاسلحة.

ولكن السبب المهم الذي تسعى اليه واشنطن والعالم هو امن اسرائيل، وان كل هذه الزوبعة التي اثيرت هي من اجل تهيئة دول العالم للتدخل في سوريا، ولكن هذا التدخل لن يحصل الان، ولكن التدخل ان حصل فسيكون بعد سقوط النظام، لان الاطراف الاقليمية والدولية لا تريد في الوقت الحاضر اثارة مواجهة اقليمية بين الاطراف التي تؤيد وتدعم النظام السوري، والقوى التي تدعم قوى المعارضة.

وبالطبع ان هذه القوى المعنية لن يكون سهلا عليها ترك سوريا بعد سقوط النظام، لان الكل يسعى بأن يكون له موطئ قدم في هذا البلد، وبدون شك ان مرحلة ما بعد سقوط النظام هي الاهم، وستكون الأخطر، لان شظايا وتبعات هذا السقوط سيكون له تاثير على الدول المجاورة بدون استثناء.

كاتب وصحفي فلسطيني