حديث الرئيس quot;محمد مرسيquot; للتليفزيون المصري حمل كثيراً من التناقضات، فالرجل يقول الكلام وعكسه، هذا التناقض يشبه تماما الإعلان الدستوري الأخير الذي أصدره الرئيس quot;مرسيquot; في الحادي والعشرين من نوفمبر، فقد نسف كل تعهداته السابقة باحترام حرية التعبير، وعدم مصادرة أي وسيلة إعلامية تنتقد بموضوعية، وحل الجمعية التأسيسية ما لم يحدث توافق وطني على الدستور، وفعل نقيضها تماما، وهو ما يعكس أمرين لا ثالث لهما: إما ثقة كبيرة في قدرة الإخوان على السيطرة على البلد، أو محاولة للهروب إلى الأمام وكلاهما خطر داهم، قد يدخل مصر في نفق مظلم.

دافع الرئيس quot;مرسيquot; عن الإعلان الدستوري، وأكد انه لا رجعة فيه بدعوى محاكمة الفاسدين من رجال مبارك، وهذا كلام جميل، لكن الرجل نفى هذا بالقول إنه لن يحاكم رجال مبارك الا بعد ظهور أدلة جديدة، من أين ستأتي هذه الادلة، والكل يعرف أن رجال حبيب العادلي فرموا كل الادلة بدليل تبرئة كل الضباط المتهمين بقتل الثوار، وهناك قاعدة قانونية بسيطة تقول إنه يجوز فتح القضايا التي فصلت فيها المحكمة اذا ظهرت أدلة جديدة، ما الداعي اذن لهذه المادة في الاعلان الدستوري؟.

اللعب بالالفاظ كان السمة الغالبة لحديث الرئيس، ففي حين يؤكد مرسي أن قراراته نابعة من الشرعية الثورية، يعود ويقول إن الشرعية الثورية إنتهت بانتخابه رئيسا لمصر وفقاً للشرعية الدستورية، ويجدد دعمه استقلال القضاء، واحترام السلطة القضائية، ويحنث باليمين ويزعم أن القضاء يقف له بالمرصاد، ويعيقه عن اداء مهامه الرئاسية، فيحصن قراراته من الطعن عليها، ويقول ان القضاء مستقل بمقتضى الدستور الجديد حين يتم الموافقة عليه، ويحتفظ لنفسه بحق تعيين النائب العام وأعضاء المحكمة الدستورية، رغم الحاجة الملحة لتطهير القضاء المصري ووزارة الداخلية، ويدعي الرئيس مرسي انه يلبي مطالب الشعب المصري، ويرفض العدول عن قرارات يرفضها الشعب.

الاسوأ ان الرئيس مرسي يحذر الشعب من التصويت بquot;لاquot; على الدستور، بدعوى أن هذا ضد الاستقرار، وإلا سيبقى الإعلان الدستوري قائما أي ليس أمام الشعب سوى خيارين: إما القبول بالدستور غير التوافقي، القبول بدكتاتورية الإخوان وحلفائهم، أوالاكتواء بنار الإعلان الدستوري، والرضا بدكتاتورية الفرد، الرئيس يريد إستغلال عدم الاستقرار، وحاجة الشعب إلى العودة للعمل والانتاج، وبدأنا نسمع نغمة من أعضاء حزب الحرية والعدالة، تخير الشعب المصري بين quot;مرسيquot; والفوضي، وهو نفس أسلوب الرئيس المخلوع quot;حسني مباركquot;.

حديث المؤامرة ظهر من جديد بعد أن كدنا ننساه مع رحيل نظام quot;مباركquot;، الرئيسquot; مرسيquot; يقول إن هناك مؤامرة كبرى يتعرض لها، ولا يقدم لنا أطراف هذه المؤامرة، يحكي حكاوي الفلاحين في مصر quot;بيقولواquot; من هم لا ندري؟ يراوغ ويقول لديه معلومات عن أشخاص، وجهات تريد النيل من مصر، يستدرك بأن المعلومات غير كافيه ولابد من وثائق وأدلة اثبات، يعني الراجل ماشي في سكة الشائعات، وهذا لا يليق برئيس مصر أن يتحدث عن مؤامرة، ليس لديه أدلة على المتورطين، مرسي يعود ويؤكد أنه لن يستخدم صلاحياته إلا في أضيق حدود، ونفاجأ به يعزل النائب العام quot;عبد المجيد محمودquot;، وهو مطلب تأخر كثيرا، ثم يتراجع لمخالفة ذلك للقانون، قبل صدور الإعلان الدستوري الأخير، ويرغب في عودة مجلس الشعب، ويدخل في صراع مع المحكمة الدستورية، وتثبت الأيام أنه ليس رئيسا لكل المصريين بل ممثلاً لجماعة الإخوان في أعلى هرم للسلطة.

وقبل أن اختم كلامي، أريد منك يا سيادة الرئيس كما طالبتك في السابق أن تكون رئيسا لكل المصريين، أن تسمع لمطالب الشارع، أن تعلن استعدادك للدخول فى مفاوضات مع المخلصين من أبناء مصر بهدف بلورة رؤية مشتركة، لإدارة ما تبقى من المرحلة الانتقالية. وأتمنى أن تستفيد من أخطاء المجلس العسكري فى إدارة المرحلة الانتقالية، الشعب المصري لا يريد أن يستبدل حكم الطغيان بحكم الإخوان، لينتهي الأمر بعودة الفاسدين، الذين يبذلون كل ما في وسعهم كي لا يدخلوا القفص، من الطبيعى أن تعرف وأنت أول رئيس منتخب ان المصريين لن يقبلوا إدارة المرحلة الانتقالية بطريقة تؤدى إلى إحكام الهيمنة المنفردة لجماعة الإخوان، وحلفائهم على كل شي في بلد بحجم مصر لان الخسارة في هذه الحالة ستكون كبيرة.

إعلامي مصري