لا يختلف اثنان من أبناء شعبنا وامتنا وأحرار العالم على شجب العدوان على غزة وعلى الشعب الفلسطيني، ولا يوجد أدنى شك بالفرحة والاندهاش التي حققتها صواريخ المقاومة بغزة وما ترتب عليها من مشاهد الذعر التي دبت في أوساط الكيان الصهيوني.
واعتقد هنا وبعد أن هتف الهاتفون للانتصار ووزعت الحلوى ورفع العدوان عن غزة وحقنت دماء الأبرياء والأطفال والنساء من أبناء شعبنا، فلابد لنا أن نقف ونعيد قراءة المشهد من زوايا أخرى ومن أبعاد مختلفة.
وهنا تتراكم علينا التساؤلات التي نجد لبعضها إجابة ويبقى البعض الآخر بحاجة لمزيد من الزمن لإماطة اللثام عن إجاباته وحقائقه :
-وتتركز علامة الاستفهام الأولى الكبيرة وراء المرامي والدوافع الأساسية من وراء العدوان؟
-ولماذا اختارت إسرائيل العودة للعدوان من جديد بعد أربع سنوات رغم التجربة القاسية التي اختبرتها في العدوان السابق؟.
-ولماذا تعلن إسرائيل وعلى لسان الصف القيادي الأول بأنها ستمحي حماس عن الوجود، رغم قناعتها المطلقة بأن حكم حماس بغزة خارج احتمال قدرتها في هذه المرحلة!!
-ولماذا تخوض إسرائيل حربا معلومة النتيجة العسكرية سلفا؟؟
-وهل سنسّلم بالتفسير العربي للحرب بان نتنياهو يخوض الحرب لأغراض انتخابية؟ رغم أن فوزه بالانتخابات حقيقة مسلم بها بحرب أو بدونها !
ومن متابعات على الأراض بات من الواضح أن ما خفي في الاتفاق أكثر مما ظهر، لأنها المرة الأولى التي ترعى فيها الولايات المتحدة مثل هذا النمط من الاتفاق..
وفي خضم هذا الكم الكبير من الأسئلة المفتوحة لابد لنا من عبور محطات المصالح والفوائد والمنافع لجميع أطراف اللعبة محليا وإقليميا وعالميا المترتبة على إعلان الهدنة :

حماس :
-تمكين حماس كحركة سياسية تقود الشعب الفلسطيني
-ترسيخ نجاح مشروع حماس في (دولة غزة )
-كسر الحصار وفتح المعابر ووقف اغتيالات قيادة حماس
-الاخذ بنشوة الانتصار والتراخي
-تمكين الصقور بحماس من رفض خيارات المصالحة

اسرائيل :
-التمتع بهدنة طويلة الامد مع غزة..وتركيز الطاقات والإمكانيات نحو الضفة..
-اخراج حماس وفصائل المقاومة من المقاومة
-ترسيخ واقع الكيانين الفلسطينيين (ضفة وغزة ) المنفصلين اصلا جغرافيا وسياسيا..
-اخذت فرصة لاختبار منظومة الردع الصاروخي لديها (القبة الفولاذية )
-اخذت علما وتقديرا استراتيجيا بالقدرات العسكرية لحماس وفصائل المقاومة
-اخذت تقديرا لواقع الجبهة الداخلية..
-اخذت تقديرات وتحليلات امنية لردود الافعال الممكنة لسكان الضفة..
-خسرت هيبت جيشها من خلال سقوط حقيق القدرة على الردع وحماية الامن الاستراتيجي للعمق الاسرائيلي..

مصر :
-شرعنة العلاقة الأمنية والسياسية مع الكيان الصهيوني.
-ارضاء سيد البيت الابيض وما يترتب عليه من تحقيق مكاسب خاصة لدى واشنطن
-حماية المشروع الحمساوي...على اعتبار حماس الفرع الفلسطيني لحركة الاخوان العالمية
-عودة مصر وبقوة كأكبر جهة لعقد الاتفاقيات الاقليمية وضمانتها..
امريكا :
-ترويج تسويات إقليمية جدية للمنطقة
-اخراج حماس من معادلة الصراع الفعلي مع اسرائيل
-خسارة نتنياهو لقوة الضغط التي يمارسها على الرئيس الامريكي تجاه ارغام واشنطن على المشاركة بعمل عسكري ضد ايران

السلطة :
-مزيد من الاحراج للسلطة في ضعف الخيار السياسي السلمي للحل (شبه الفاشل )..مقابل الحل العسكري المدوي لحماس بغزة
-مزيد من الاستيطان والتهويد وقضم الارض الفلسطينية بالضفة والقدس..
-مزيد من القلاقل الداخلية
-مزيد من العزلة العربية والإقليمية لصالح حماس

ايران :
-اخراج حماس من محور ايران سيعود ليضفي على ايران صفة الطائفية التي تسعى جاهدة للخروج منها
-تنكر حماس لإيران سيكون بمثابة تقليم اظافر للدور الايراني بالقضية الفلسطينية والمنطقة
-حسم خروج الورقة الفلسطينية الرابحة من الحضن السوري
-زيادة مخاوف (امريكا وإسرائيل )من مغبة المضي قدما في تبني الحل العسكري مع ايران خوفا من المفاجئات المتوقعة.

تركيا وقطر:
-اضعاف النفوذ الايراني بالمنطقة وتقوية محور عرب الاعتدال على حساب محور الممانعة بقيادة ايران..