الشائع في الدارجة المصرية والعربية عموما مصطلح عريس الغفلة الذي يؤتى به على حين غرة أو دون سابق إنذار لتزويجه من مطلقة، لكي يصح إعادتها شرعيا إلى زوجها الأول، أو ربما يؤتى به زوجا لتغطية فضيحة ما، وفي كل الأحوال ليس عليه إلا حمل لقب زوج شرعي لتفادي مشكلة معينة ولملئ فراغ محدد حتى أجل مسمى؟

أردت بهذه المقدمة والمثل الشائع أن ادخل إلى عالم المناصب والمسؤوليات العامة في شرقنا العجب العجاب سياسيا وحضاريا، وهو الذي يؤتي بالمغامر أو الانتهازي من عالم النكرات أو من دهاليز العصابات إلى اعلي المراتب في الدولة، كما قال عنه ذات يوم الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين ( نحن نطلق صراح المتهم من على كرسي الإعدام إلى الشارع فورا ومنه إلى كرسي الوزارة )، وليس أدل على فوضى المناصب وتقلدها في بلادنا من الانقلابات التي حملت معها نكرات ومغامرين وحمقى عسكريين وفاسدين وبقالي سياسة حولت دولنا إلى هذا الشكل المعوق بعد ما يقرب من قرن من تأسيسها؟

ورغم كل هذا الإرث المشحون بالألم والإحباط واليأس تصور الكثير أو تأمل خيرا بسقوط أنظمتها الشمولية وخاصة نظام صدام حسين، وبداية حقبة جديدة يفترض أن تكون بالضد تماما من تفصيلات تلك الحقبة التي اندثرت مع السقوط، لكن الأمور لم تك هكذا في بلاد قضت أكثر من نصف عمرها تحت ظل أنظمة دكتاتورية وزعماء متخلفين أنتجت أجيالا وأنماطا من السلوكيات والثقافة البائسة التي نشهدها اليوم في شكل النظام السياسي وأداء عناصره سواء في البرلمان أو الحكومة ومؤسساتها.

فقد حملت سفينة الأحزاب وكتلها والاصطفاف المذهبي والقبلي والقروي مئات النكرات والمتخلفين ممن يحملون بجدارة لقب وزير أو نائب أو مسؤول الغفلة، الذين حملتهم ثقافة البداوة والعقلية العشائرية أو الطائفية المقيتة لكي يكونوا في هذه المواقع البريئة منهم، وهم يشغلونها لحساب منظومة المحسوبية والمنسوبية الخارجة بالتمام والكمال عن أي مفهوم للمواطنة والكفاءة والقيادة، فقد امتلأت مجالس الاقضية والمحافظات ومجلس النواب وكل الوزارات دون استثناء بالمئات من الراقصين على كل الحبال منذ زعيمنا الأوحد وحتى يومنا هذا مرورا ببطل التحرير القومي ومن يقلده اليوم سرا وعلانية، وهم يقومون بواجباتهم في تدمير البلاد وإفسادها حتى غدت الأكثر فسادا وفشلا في العالم حسب توصيف مؤسسات الشفافية العالمية؟

نظرة سريعة لكل منا في قريته أو بلدته أو مدينته على المشهد الإداري لمن تبوء موقعا من هذه الشلل في مناصب الغفلة منذ 2003 ولحد اليوم يدرك حقيقة السؤال التالي:

هل هناك حكومة غفلة أكثر من هذه الحكومة!؟

فما أنتجته هي ووزرائها ومجلس النواب وأعضائه منذ تأسيسها وحتى ساعة إعداد هذا البيان تم توصيفه بأن البلاد أصبحت بوجودهم أكثر الدول فشلا وسرقة وفسادا وتخلفا!؟

[email protected]