بعد سيطرة الشيعة على السلطة في العراق من خلال استغلال الدورة الانتخابية البرلمانية الاخيرة وازاحة الاغلبية النيابية للقائمة العراقية بحجج تفسيرية واهية، واستلام قيادة تشكيل الحكومة من قبل نوري المالكي القيادي في حزب الدعوة بدعم من نظام الخامنئي في طهران وبدعم من من الولايات المتحدة الامريكية، واضطرار التحالف الكردستاني الى السكوت على الانقلاب الانتخابي للمالكي والتحالف السياسي للشيعة، دخل البلاد في سلسلة ازمات مستعصية ومتلاحقة اضافة الى الازمات والمشاكل الخدماتية والحياتية التي كان العراقييون يعانون منها بعد سقوط صنم الاستبداد عام الفين وثلاثة.
وللاستدلال على تخلف وتراجع البلاد في ظل سلطة الشيعة بقيادة المالكي الذي استحوذ على صلاحيات مطلقة للحكم واستولى بطرق شرعية وغير شرعية على كل الامتيازات المالية والتجارية والاقتصادية لحاشيته واقربائه ولقيادات حزب الدعوة، نمر على العاصمة بغداد التي تعيش منذ سنة سقوط صنم الاستبداد ولحد الان في دوامة من المشاكل والازمات الخانقة المتلاحقة، منها الارهاب والتفجيرات والعمليات الانتحارية والاختراقات الأمنية، وازمة متواصلة في الكهرباء خاصة في الصيف، وشحة دائمة في المياه الصالحة للشرب، وتلوث بمستوى عال في المجاري ونهر دجلة، وازدحام في حركة المواصلات، وبطالة قاتلة متصاعدة بمشاكلها وازماتها الاجتماعية والمعيشية سنة بعد سنة، وغيرها من المشاكل الخانقة التي تعيشها بغداد بنفوسها البالغة اكثر من سبعة ملايين انسان، وكل هذا الواقع المتأزم يتواصل في ظل أزمة سياسية مستمرة ومفتعلة من قبل شخص ملك دهاءا وخداعا سياسيا قدم من جنوب بغداد ليصل الى رئاسة حكومة فاسدة بكل معاني الكلمة لينخر من قلبها وجسمها واوصالها العشرات من المليارات بالدولار من ميزانية وخزينة شعب يتشكل غالبيته من الفقراء والمستضعفين والبائسين والمجروحين والمقهورين.
أجل ميزانية منهوبة ومقسومة فسادها المسجل عالميا في مقدمة المراتب المتقدمة حسب معاير الشفافية الدولية بين الحكومة الاتحادية بنسبة 83% وحكومة الاقليم بنسبة 17%، وللمقارنة بينهما نقول بكل ثقة ومع الاقرار بفساد السلطة في الاقليم برئاسة مسعود البرزاني وفي ظل ميزانية وصلت حجمها الى اكثر من عشر مليارات نجد عمرانا وتقدما وازدهارا حياتيا ومعيشيا وخدماتيا وتجاريا واقتصاديا في كل محافظات كردستان، وبينما في ظل الحكومة التوافقية برئاسة المالكي وفي ظل ميزانية وصلت حجمها الى اكثر من تسعين مليار دولار لا نجد اي تقدم ولا اي مظهر للعمران ولا اي مشهد للازدهار ولا حتى اي برنامج للاعمار في العاصمة المقهورة والمجروحة بغداد ولا في اغلب المحافظات العراقية الفقيرة التي تعيش حياتها ببؤس شديد.
واليوم وفي ظل الازمات الحياتية والمعيشية والخدماتية التي يعيشها العراقييون، يخرج المالكي الذي خدع بخباثة سياسية القائمة العراقية والذي وعد التحالف الكردستاني بوعود وتنصل منها، ويأتي ببطولة فارغة ومعركة عسكرية شبيهة بالقادسيات المكسورة للمعدوم صدام حسين، لينفخ في جيش طائش مشكل من البقايا المريضة والمتعفنة للبعث المقبور على مدينة آمنة حضنت الكرد والتركمان والعرب في قلبها بأخاء وتعايش مشترك، وليخلق أزمة جديدة باسم quot;طوزخورماتوquot; ليضيفها الى الازمات السابقة المستعصية على الحل وكأن البلاد وبفضل السياسة الحكيمة لرئيس الورزاء لا قدرة له الا العيش في أزمات متلاحقة وخطيرة ومتلاصقة بحياة العراقيين، وكأنها سلسلة متواصلة من الهموم والغموم والشعائر الحزينة محكومة بالتواصل مع كل شهر على مدار السنة في العراق.
وللاستدلال على الواقع الواقع الخدمي والحياتي المزري في ظل الحكم الرشيد للمالكي، نسوق بما حدث للعاصمة المهمومة بغداد اذ غرقت بمياه الأمطار الغزيرة في ظل غياب مجاريها وتعطيل شبكة التصريف الصحي فيها وكادت ان ترجع بالعاصمة المجروحة والمقهورة الى سنوات الخمسينات عندما كانت تجتاحها مياه ذوبان الثلوج، واليوم بدلا منها اجتاحتها فيضانات حاكم فاقد للحكمة والمنطق من خلال تصنيع ازمات مفتعلة بدهاء والتواء مع عرب السنة ومع الكرد ومع اياد علاوي رئيس القائمة العراقية و مسعود البرزاني رئيس اقليم كردستان، ومع عمار الحكيم رئيس المجلس الاعلى الاسلامي ومع مقتدى الصدر رئيس التيار الصدري وأخيرا مع الرئيس جلال طالباني، كل هذا وهو قد جعل من بغداد ملعبا للازمات والمشاكل والكوارث الانسانية والخدماتية.
والكل يعلم ان عهد عراق ما بعد صدام قارب عقدا كاملا، وفترة الازمة السياسية جاوزت ست سنوات ومازالت الحياة على تخلفها وتدهورها في بغداد، ومازال الوضع على حاله دون ظهور اية بارقة امل للخروج من الازمات التي خلقها المالكي في ظل غياب برامج وخطط واليات سياسية واقتصادية واجتماعية لانقاذ العراق، والمؤكد ان المشهد مازال يتعرض الى هزات عنيفة بفعل السياسات المضادة والمضرة بالعراقيين من قبل المالكي وحزبه الدعوة ومن قبل الحليف الايراني الذي يسيطر على القرار الشيعي العراقي سياسيا واقتصاديا وعسكريا ونفطيا وتجاريا وامنيا، وفي ظل اوضاع حرجة بادت بعيدة عن تحكم قدرة الاحزاب والكتل للمكون السني والتحالف الكردي ان لم تتوحد في جهودها ضد رئيس الحكومة المنفرد في الحكم.
وبخصوص العاصمة المقهورة بغداد، اقول وبكل ألم شديد ان من لا يعيش فيها لا يعرف كم هي مظلومة ومهمومة ومغدورة ومتخلفة ومتألمة ومجروحة المدينة التي تسكن فيها اكثر من سبع ملايين من النفوس البريئة التي تملك قلوبا صافية ووجوها باسمة بالرغم من الامها وجروحها ونزيفها الدائم، وبهذه المناسبة لابد لنا من القول الم يحن الوقت لاهل بغداد عزيز النفس النهوض بوجه المالكي السياسي الماكر والمخادع الذي لم يجلب غير المشاكل والازمات لبغداد وللعراق والذي تلاعب بالانتخابات من خلال الانقلاب على نتائجها، والذي جعل من بغداد مدينة للتخلف الحياتي والخدماتي والاجتماعي والمعيشي، وهنا لابد من قول حقيقة ناصعة وهي الم يدرك اهل بغداد ان الوقت قد حان للتخلص من حاكم لا يخدم الا نفسه وحاشيته واقربائه وحزبه من خلال استغلال السلطة والتفرد بها وحيدا منفردا لنهب المال العام للشعب العراقي.
وللحقيقة نقول ان المالكي عرض عليه الكثير من النصائح الاخوية والاستشارات الحكيمة من قبل قيادات عراقية وكردستانية ومنهم الرئيس جلال طالباني ونائبه في الحزب كوسرت رسول علي حسب ما روته لنا بعض المصادر المقربة، ولكن كل هذه الاستشارات النابعة من الحرص والاحساس بالمسؤولية المشتركة في قيادة البلاد لم تفلح من التأثير على المالكي وانقاذه من مساره المنفرد في الحكم والمتسم بأخطاء استراتيجية كبيرة اضرت بالبلاد وبالامة العراقية.
ولهذا وليعلم العراقييون ان الوضع وصل الى حد كسر العظم في الخلافات والمشاكل العالقة بين الاطراف والكتل والتيارات السياسية، ولهذا فان الوقت قد حان للجميع للتحرك والتشاور والاتفاق والالتحام معا ضد المالكي وحكمه الانفرادي الفاسد لحماية العظم العراقي من الكسر بعد ان تآكل لحمه بفعل عضات السارقين والفاسدين والناهبين والمارقين من داخل وخارج البلاد، ولابد من تحرك فعال وجدي لحماية المكون الشيعي من السقوط في حبائل رئيس الوزراء وحاشيته الفاسدة والماكرة ومن الوقوع في فخ ومكر النظام القابع في طهران المخادع الذي خدع الشعب الايراني والمجتمع الدولي من عقود ومن سنوات بمكر شديد.
ولهذا نقول بملء الفم لا بد من كسر قيد السيد المالكي وحكمه الفاسد والمتسم بالمكر والطيش لانقاذ العراق من نظام برئيس وشخص واحد يحكم منفردا ويعمل بنفس طائفي شديد ومقيت وبنيات سيئة وغير وطنية للتفريق بين العراقيين على اصولهم المذهبية والقومية ولاستغلال السلطة والتفرد بها لنهب اموال وممتلكات العراقيين وسرقة موارد خزينتهم بصقفات وعقود مشبوهة وفاسدة في وضح النهار لحماية أنظمة مجاورة لم تجلب غير الأضرار والكوارث والمأساة المتواصلة والازمات الحياتية المستمرة للبلاد، وصدق قائل المثل البغداد البليغ quot;حِسَبْنا حِسَابَ الحَيّة، والعَقْرَبْ مَجَّتي عَالبَالْquot;.
كاتب ومستشار
[email protected]
التعليقات