هل الحكومة العراقية بحاجة الى اموال الاخرين؟ الجواب القاطع هو لالا. لان مدخولات العراق من النفط سنويا حوالي 90 ndash; 100 مليار دولار , هذا حسب الاحصاءات الرسمية , رغم ان غالبية هذه الاموال تذهب الى جيوب المستغلين في السلطة , وقد كانت الفضيحة الاخيرة ( صفقة السلاح مع روسيا ) خير دليل على الفساد المالي المستشري في حكومة المالكي. اذن الحكومة العراقية ليست بحاجة الى عوائد ممتلكات الاشرفيين في مخيم اشرف , التي صارت قضية مثارة على الصعيد الدولي. وعلية لماذا هذه المماطلة في نقل هذه الممتلكات من اشرف الى ليبرتي , او الموافقة على بيعها في المزاد العلني. ومن المؤسف ان سكان أشرف يواجهون كل مرة انتهاك حقوقهم من جانب الحكومة العراقية.
هدف حكومة المالكي هو تنقيذ تعليمات ملالي طهران للضغط على الاشرفيين الذين يعيشون في سجن ليبرتي ,واذلالهم بعد ان شطبت الحكومة الامريكية منظمة مجاهدي خلق المعارضة من قائمة الارهاب , وصار الاشرفيون بموجب هذا القرار يتمتعون بصفة لاجئين.ويترافق هذا الضغط على الاشرفيين في ليبرتي مع الاعدامات بالجملة التي ينفذها نظام الملالي بحق الابرياء الايرانيين او المطالبين بالحرية والكرامة الانسانية.
كيف تنفذ خطة المصادره؟
قلنا ان الحكومة العراقية تعتزم وبناء على طلب النظام الايراني مصادرة ما يتعلق بمعدات وصهاريج عائدة للاشرفيين. وقد تم تشكيل لجنة في دائرة المياه في محافظة ديالى تعمل على تزوير مستندات ووثائق هذه المعدات والادعاء كذباً بأنها تعود الى الحكومة العراقية وذلك لمنع نقلها الى ليبرتي.
وبحسب الوثائق الموجودة فان السكان دفعوا جميع نفقات محطتي ضخ المياه وشبكة أنابيبهما من زرگانيه (30 كيلومترا غربي أشرف) ومرفوع (6 كيلومتراً شرقي أشرف) والبالغة أكثر من 15 مليون دولار. كما دفعوا نفقات مد انابيب المنظومة الداخلية لإسالة المياه والمعدات وصهاريج المياه والتي بلغت كلفتها ملايين الدولارات. ودفع السكان أكثر من 10 ملايين دولار نفقات شراء المولدات وتحديث المحطة التي كانت تجهز كهرباء أشرف في السنوات الماضية خاصة أثناء انقطاع الكهرباء. كما إن السكان دفعوا نفقات نقل الخط الخاص للكهرباء من الخالص الى أشرف والبالغة مليوني دولار.
واليوم تمنع الحكومة العراقية نقل 6 مولدات كهربائية سعة كل واحدة ميغاواط الى ليبرتي اشتراها السكان ونصبوها في محطة مولدات أشرف , وتدعي دائرة كهرباء ديالى بأن المولدات عائدة للحكومة. وتمنع ومنذ مدة مهندسي أشرف من دخول محطة المولدات.
ان المقاومة الايرانية تدعو الأمم المتحدة والحكومة الأمريكية الى ادانة قوية لهذه الاجراءات التي تشكل تجاوزاً صارخاً على حق سكان أشرف في الملكية وإقرار ترتيب لاحترام كامل ملكية سكان أشرف لممتلكاتهم المنقولة والغير منقولة وامكانية نقل ممتلكاتهم أو بيعها دون أي قيود.
تحرك دولي على الامم المتحدة:
قلت ان هذه القضية المادية اخذت ابعادا دولية وعربية ففي رسالة إلى الامين العام للأمم المتحدة عبرت اللجنة البرلمانية البريطانية لإيران الحرة برئاسة اللورد ( وادينغتون ) عضو بارز في مجلس اللوردات البريطاني وزير أسبق عن قلقها من مصير ممتلكات سكان أشرف في العراق.
وقالت اللجنة التي تحظى بتأييد من اغلبية اعضاء مجلس العموم وأكثر من 200 عضو في مجلس اللوردات البريطاني: ان الحكومة العراقية أكدت علنا بان ليس لسكان أشرف أي حق في ممتلكاتهم التي تعود اليهم. فبذلك تنتهك الحكومة العراقية حقوق السكان مرة أخرى وتخالف القوانين الدولية والاتفاقيات والبروتوكولات القانونية.
وأضافت اللجنة في الرسالة مخاطبة الامين العام : quot; تعلمون ان سكان أشرف قد وقعوا عقدا اوائل العام الجاري مع شركة بريطانية لبيع ممتلكاتهم المنقولة والغير منقولة لحسم القضية بشكل مناسب. ومن المؤسف ان مارتين كوبلر المسؤول عن حل مشاكل اشرف قد التزم الصمت في هذه القضية بشكل فاضح. فعلى مارتين كوبلر والأمم المتحدة التأكيد على ان تحترم الحكومة العراقية حقوق سكان أشرف لبيع ممتلكاتهم واتخاذ خطوات ضرورية للتأكد من ذلك.
واختتمت اللجنة الرسالة بالقول: ان اصدار بيان علني من جانبكم بصفتكم الأمين العام للأمم المتحدة دعما لحق السكان في الملكية يطمئن البال بعدم مصادرة ممتلكاتهم من جانب الحكومة العراقية. اننا نحثكم على اتخاذ خطوات سريعة في هذا المجال quot;.
مذكرة قانونية حول ممتلكات اشرف :
أصدر سماحة الشيخ الدكتور تيسير رجب التميمي قاضي قضاة فلسطين رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي سابقاً عضو اللجنة العربية الإسلامية للدفاع عن أشرف مذكرة قانونية بيَّن فيها الحكم الشرعي الفقهي والقانوني بشأن ممتلكات سكان أشرف المنقولة وغير المنقولة، فبعد الدراسة المستفيضة للقوانين ذات العلاقة تبين أن هذه الممتلكات تنطبق عليها نصوص وأحكام القانون المدني العراقي لعام 1951 المعمول به في العراق واجب التطبيق والنفاذ على النحو التالي :
1- إن أرض مخيم أشرف والمعروفة بحدودها وأوصافها قد امتلكها سكان المخيم بوضع اليد , حيث إنها مُلِّكَتْ لهم من الجهة الرسمية المختصة التي خصصتها لهم في حينه بصورة قانونية، وإن وضع اليد عليها تم بحسن نية، ومضى على ملكيتهم الزمن المُكْسِبِ للملكية ؛ فأصبح سكان أشرف وورثتهم من بعدهم يملكون هذه الأرض سنداً للمادة رقم 1117 من القانون المذكور والتي جاء فيها [ كل ما على الأرض أو تحتها من بناء أو غراس أو منشآت أخرى يعتبر من عمل صاحب الأرض إقامة على نفقته ويكون ملكاً له ما لم يقم الدليل على خلاف ذلك ]، وسنداً للمادة رقم 1165 التي جاء فيها [ يملك الحائز حَسَنُ النية ما قبضه من الزوائد وما استوفاه من المنافع مدة حيازته ].
2- إن جميع المنشآت المقامة في مخيم أشرف من قبل سكانها سواء المنقولة وغير المنقولة وكل المنشآت المقامة عليها والأشجار التي غرست فيها هي ملك لهم وفقاً لنص المادة رقم 1120 من القانون المذكور والتي جاء فيها [ إذا أحدث شخص بناء أو غراساً أو منشآت أخرى بمواد من عنده على أرض مملوكة لغيره برغم سبب شرعي، فإن كانت قيمة المحدثات القائمة أكثر من قيمة الأرض كان للمحدث أن يمتلك الأرض بثمن مثلها، وإذا كانت قيمة الأرض لا تقل عن قيمة المحدثات كان لصاحب الأرض أن يمتلكها بقيمتها قائمة ]، ووفقاً لنص المادة رقم 1121 التي جاء فيها [ إذا أحدث شخص منشآت بمواد من عنده على أرض غيره بإذنه ؛ فإن لم يكن بينهما اتفاق على مصير ما أحدثه فلا يجوز لصاحب الأرض أن يطلب قلع المحدثات، ويجب عليه إذا لم يطلب صاحب المحدثات قلعها أن يؤدي إليه قيمتها قائمة ]
وبعد الرجوع إلى المصادر الشرعية وأمهات المصنفات الفقهية ومجلة الأحكام العدلية تبين أن هذه النصوص منبثقة من أحكام وتعاليم الشريعة الإسلامية الغراء.
والخلاصة أن القوانين العراقية المحلية تتفق وأحكام الشريعة الإسلامية على حق سكان أشرف الشرعي والقانوني في ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة الذي كفلته لهم القوانين والمواثيق الدولية ؛ حيث إن حيازتهم لها على مدى السنوات الطويلة الماضية هي حيازة قانونية، وأن جميع ممتلكاتهم القائمة على أرض المخيم هي من صنع يدهم وحصيلة جهدهم.
إنني وبالنيابة عن اللجنة العربية الإسلامية للدفاع عن مخيم أشرف وسكانه، وبناء على متابعتنا لعملية نقلهم القسري إلى معسكر ليبرتي والمعاناة التي تعرضوا لها نتيجة الأعمال القمعية اللاإنسانية التي مارستها الحكومة العراقية ضدهم، والعراقيل التي وضعتها أمامهم لإعاقة بيع ممتلكاتهم في مخيم أشرف ؛ فإنني أؤكد من موقعي القانوني والقضائي والشرعي وكرئيس لمركز القدس للدراسات وحقوق الإنسان أن حق سكان أشرف في ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة ؛ بل وفي أرض مخيم أشرف ذاتها حق ثابت لا يقبل المعارضة أو المنازعة من أحد.
إن اللجنة العربية الإسلامية للدفاع عن مخيم أشرف وسكانه تؤكد حرصها وإصرارها على الدفاع عن حقوقهم، وأنها لن تتوانى في اتخاذ الإجراءات القانونية والجماهيرية في سبيل ذلك.
قصة الممتلكات ومشوارها الطويل :
ان مسألة ممتلكات الاشرفيين المنقولة والغير منقولة بقيت غير محسومة وهناك علامات متزايدة تؤكد أن حكومة المالكي بصدد مصادرة هذه الممتلكات ووضع اليد عليها لارضاء ملالي طهران.
في 20 كانون الأول/ ديسمبر2011 أعلنت السيدة مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المقاومة الايرانية أن من متطلبات انتقال سكان أشرف الى ليبرتي هو نقل سياراتهم وممتلكاتهم المنقولة الى ليبرتي , وبيع ممتلكاتهم الغير منقولة تحت اشراف الأمم المتحدة , بهدف تسديد نفقاتهم للحماية والاقامة والانتقال الى بلدان ثالثة.
في 28 كانون الأول / ديسمبر 2011 أكد الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في رسالته الى سكان أشرف laquo;بشأن ممتلكات أشرف سنواصل مناقشاتنا حتى نصل الى حل يحترم فيه حق سكان أشرف في الملكية بشكل منتظمraquo;.
وفي 25 كانون الثاني وفي 6و12 شباط 2012 أبلغ ممثل الحكومة العراقية لممثلي سكان أشرف وبحضور الممثل الخاص للأمين العام ونائبه موافقة الحكومة العراقية على بيع الممتلكات والسيارات , و تم تزويد يونامي فيما بعد بنسخة من قائمة الممتلكات.
الا أنه،لم يتم حسم عائدية الممتلكات الغير منقولة للاشرفيين ولم يسمح للسكان بنقل ممتلكاتهم المنقولة الى ليبرتي أو بيعها. وقد تضمنت القائمة مختلف المواد منها:
1. سيارات ومختلف المكائن (1200معدة )
2. مولدات كهربائية وأجهزة انتاج الطاقة الكهربائية (700 قطعة وجهاز)
3.مطبعة وطابع وأجهزة الاستنساخ (300 عدد)
4. أجهزة ومستلزمات علاجية (300 عدد)
5. أجهزة ومستلزمات صناعية وانتاجية (أكثر من 400)
6. أجهزة ومستلزمات منزلية (40.000 قطعة وجهاز)
7. معدات وأدوات المطبخ (600 قطعة ومعدة)
8. أجهزة التبريد والتدفئة (10.000 جهاز)
9. معدات وأجهزة الصوت والتصوير (3000 قطعة وجهاز)
10. معدات وأجهزة اتصالات هاتفية (200 عدد)
11. كرفانات وحاويات (500 عدد)
12. أجهزة ومستلزمات شبكة ايصال المياه (2000 عدد)
13. معدات الدفاع المدني (3000 عدد).
اشرف تركت مدينة عامرة
وليبرتي معسكر خرب.
ان سكان أشرف وطيلة 26 عاماً حولوا أشرف من صحراء قاحلة الى مدينة حديثة مزودة بمحطة كهرباء وشبكة ايصال الكهرباء ومحطتين لضخ المياه من النهر ومنظومات تصفية وايصال المياه وشبكات الطرق وجامعة ومكتبة ومتحف ومستشفى ومقبرة وجامع ومتنزة وبحيرة ومزارع وورش صناعية ومجمعات رياضية وترفيهية وملاجئ تحت الارض للحماية من القصف والهجمات المتكررة للنظام الايراني بصواريخ سكود بي. في اشرف هناك مئات البنايات وقاعات اجتماع , فضلا عن قرابة 100 كيلومتر طرق وشوارع معبدة.
ووصف المالكي رئيس الوزراء العراقي في 21 كانون الأول / ديسمبر 2011 أشرف بأنه laquo;مدينة في العراق وليس مخيم كما يقال في الاعلامraquo;. وفي 18 آذار / مارس 2012 نقل موقع laquo;الاستقامةraquo; العراقي عن مصدر في محافظة ديالى ان laquo;معسكر أشرف مؤهل لإنشاء مطار دولي أو لإقامة عدد من المشاريع الزراعية والتجارية التي تنعش اقتصاد المحافظة.
ان اشرف مدينة متكاملة ويصلح كوحدة ادارية يخدم ناحية العظيم في المحافظة. ان كافة مرافقه مؤهلة لإقامة عدد من المشاريع الاستراتيجية وانعاش الفرص الاستثمارية للمحافظة بشتى القطاعاتraquo;.
ما بُني في أشرف هو حصيلة عمل وجهود بذلت على قدم وساق ليل نهار لآلاف الاشخاص من السكن طيلة 26 عاما من الاستثمارات الضخمة. وقبل الحصار الجائر المفروض على أشرف من قبل الحكومة العراقية في مطلع عام 2009كان يعمل يومياً 1500 عامل عراقي ومئات التقنيين تم التعاقد معهم من قبل السكان.
ان سعر ممتلكات الغير منقولة في أشرف الآن يقدر بـ 500 مليون دولار يشمل البنى التحتية ومنشآت وبنايات وشبكات الطرق ومنظومات الماء والكهرباء.
اننا نحذر من سرقة ونهب ممتلكات سكان أشرف ونطالب الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والحكومة الأمريكية والاتحاد الاوربي والجهات الدولية المعنية أن يحولوا دون نهب ممتلكات سكان أشرف المنقولة وغير المنقولة ووضع اليد عليها من قبل وكلاء النظام الايراني في العراق. ان ممتلكات سكان أشرف يجب أن يتم بيعها تحت اشراف الأمم المتحدة ليتم بذلك تسديد نفقات سكان أشرف في ليبرتي وانتقالهم الى بلدان ثالثة.
* كاتب اردني
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات