quot;كيف يفكّر الإخوانquot;؟ سؤال أجاب عليه الإخواني الصحيح على quot;صراطquot; الجماعة، مرشد quot;الإخوان المسلمينquot; السابق مهدي عاكف، في حوارٍ صريحٍ بدون رتوش، أجراه معه الصحفي المصري المتميز سعيد شعيب، قبل حوالي ست سنوات ونصف، حين قال: quot;الجنسية هي الإسلام.. طز في مصر وأبو مصر واللي في مصرquot;! (روز اليوسف، 09.04.2006).

يجدر القول بأنّ quot;لعنةquot; هذا الحوار القديم الجديد، لا تزال تطارد شعيب في quot;مصر المطزطزةquot;، هذه الأيام، وذلك عبر تهديدات صريحة تلقتها زوجته إسلام عزّام من جماعة quot;الأمر بالمعروف والنهي عن المنكرquot;، تطالب فيها بquot;بأن يتوقف زوجها عن الهجوم على الإسلام فوراً، وأن يترك العلمانية فوراً، ويعود للإسلام ويدافع عن شريعة اللهquot;. ولكي quot;يتوبquot; الرجل quot;فوراًquot; على يد الجماعة، ليس له إلا أن يرمي بحريته وآرائه وأفكاره في أقرب quot;زبالةٍquot;، كما طُلب من المفكر المصري سيد القمني ذات فتوى (للمزيد حول خلفيات وحيثيات هذه quot;اللعنةquot; الأخوانية التي لا تزال تُطارد شعيب، يُنظر مقال د. عصام عبدالله quot;لماذا سعيد شعيب الآن؟quot;، إيلاف، 08.11.12).

بيت القصيد في التفكير الإخواني منذ نشأته في مصر عام 1928، هو أنّ الدين فيه وطنٌ بلا حدود: هو الإنتماء والجنسية والهوية، هو الزمان والمكان، هو الدولة والإجتماع والثقافة والسياسة والمال. الدين، في فكر quot;الإخوان المسلمينquot;، هو الكلّ من كلّ شيء، الصالح لكلّ زمانٍ وكلّ مكان..من أول الدنيا إلى آخر الآخرة.
هكذا يفكّر quot;الإخوانquot; في الدين، بإعتباره عابراً لكلّ الزمان وكلّ المكان. كما الدين، بحسبهم quot;عابر للحدودquot;، كذلك دولته عابرة للحدود والجنسيات والوطنيات. لا حدود لدين الله، في عقل quot;الأخوانquot;، كذا لا حدود لدولته. فيما عدا ذلك، هو ليس إلا مجرّد لعب في فراغ السياسة وفضائها المفتوح على الحيلة والخداع بلا حدود.

quot;الإخوان المسلمونquot; في سوريا، ليسوا استثناءً من هذه القاعدة الإخوانية quot;الذهبيةquot;. هم، مثلهم مثل كلّ أخوانهم quot;العابرينquot; للعالم في جهات الله الأخرى، بلا حدود، quot;يطزطزونquot; بالديمقراطية وكلّ أخواتها، وبالمساواة والحرية والشراكة مع الآخر ومبادئ حقوق الإنسان، وبكل ما حولها من حقوقٍ مدنية.

أول هذه quot;الطزطزةquot; الأخوانية على الطريقة السورية، كان قد دخل حيز التنفيذ عند عتبات quot;الباب العاليquot; في إستانبول التركية، حيث مولد quot;المجلس الوطني السوريquot;.
هناك في quot;دولةquot; هذا quot;المجلسquot; الخفية، تمّ التحضير في إستانبول وأخواتها، لدولةٍ سورية بديلة عن quot;دولة الأسدquot;، أقل ما يمكن أن يقال فيها، هي أنها quot;دولة أخوانيةquot; بإمتياز، دولة دينية بزيّ مدني، لا تمتّ إلى الدولة المدنية العصرية بصلةٍ. الدولة السورية التي أراد لها quot;الأخوانquot; في quot;مجلسquot;(هم) ولا يزالون يريدون لها أن تكون، دولةً بديلةً عن quot;ديكتاتورية الأسدquot;، بإعتبارها quot;ديكتاتورية أقليةquot;، هي ليست أكثر من quot;ديكتاتورية بديلةquot;، يمكن وصفها بquot;ديكتاتورية الأكثريةquot;.

لن نبالغ إن قلنا بأنّ quot;المجلس الوطني السوريquot;، الذي بدأ بالأول من quot;مشروعهquot; في إستانبول، قبل أكثر من عامٍ (تحديداً في الثاني من أكتوبر 2011)، بquot;تشكيل هيئة وطنية لتمثيل الثورة السورية سياسياً، وتجسيد تطلعاتها في إسقاط النظام وتحقيق التغيير الديمقراطي، وبناء الدولة المدنية الحديثةquot;،كما يقول لسان حاله، كان مشروعاً طائفياً بإمتياز: quot;دولة طائفيةquot; تحكمها quot;الأكثرية السنيةquot; لخدمة الخارج السوري (التركي بالدرجة الأولى) أكثر من داخله، وللهروب بالثورة إلى المزيد من التأجيل والتسويف والمراوحة في المكان، فضلاً عن دفعها نحو المزيد من الطائفية والطائفية المضادة، والدم والدم المضاد.

quot;المجلسquot;، بعد مرور أكثر من عامٍ على عطالته quot;الإخوانيةquot; المفصّلة تركياً، أثبت أنه ليس أكثر من quot;دكان تحت الطلبquot; لأخونة الثورة السورية، بل أخونة سوريا كلها، مكاناً وزماناً، وثقافةً واجتماعاً وسياسةً. quot;المجلسquot;، ببساطة شديدة، وبإعتراف ضمني حيناً، وصريح أحياناً أخرى، من أهله الذين دخلوه بquot;ثورة سوريةquot;، ثم خرجوا منه بدونها، هو مشروع كبير quot;عابرquot; لسوريا، لأجل التأسيس لquot;دولة أخوانية عميقةquot; لخطف الثورة، أو التمهيد لإقامة دولة سورية فاشلة، بإمتياز، على أشلاء الثورة السورية وأهلها.

مشروع quot;المجلس الوطني السوريquot;، الذي كان ولا يزال مشروعاً نواة لquot;دولة إخوانيةquot; قادمة، رغم مباركته في بداياته، من جهة أطراف إقليمية ودولية وعلى رأسها quot;مجموعة أصدقاء سورياquot;، كان مشروعاً فيه من quot;الطزطزةquot; ما تكفي ليس للإنقلاب على شركائهم من المعارضين السوريين، العلمانيين، والليبراليين، واليساريين، وحتى بعض الإسلاميين المعتدلين الخارجين عن سرب الإخوان فحسب، كما تبيّن من سلسلة الإقصاءات والإقالات والإستقالات والإنسحابات المتلاحقة في مسيرة quot;المجلسquot;، وأنما للإنقلاب أيضاً على كلّ سوريا وكلّ أهلها، بكلّ موزاييكها القومي والديني والإثني المتعدد والجميل.

quot;المجلسquot;، نجح في البدء، قبل انفضاح مقاصده، في كسب أو لنقل في quot;خداعquot; الكثيرين من أهل المعارضات السورية، بمختلف أطيافها وتياراتها بما فيها القومية (العربية والكردية)، والعلمانية والليبرالية واليسارية، لكنّ خطاب quot;الإخوانquot;، الذي هو أشبه بquot;كلام الليل الذي يمحوه النهارquot;، على حدّ قول المثل، فضح لعبهم السياسي على المكشوف، واحتيالهم quot;العابر للحدودquot; ليس على الداخل السوري فحسب، وإنما على الخارج أيضاً وعلى رأسه quot;مجموعة أصدقاء سورياquot;.

معارضون كثر، في الداخل السوري وخارجه، وضعوا في حينه إشارات استفهام كثيرة حول جدية مشروع quot;الأخوانquot; في قيادة معارضة سورية جدية حقيقية. لعلّ أول من فضح الخطاب الإخواني quot;المطاطquot;، الحمالّ لأكثر من وجهٍ، وفي عقر دار quot;الأخوان، بquot;حطاب إسلامي مضادquot;، هو الشيخ الكردي محمد مراد، نجل الشيخ الخزنوي الشهيد معشوق، الذي جادل بquot;قرآنquot;(ه) quot;قرآنquot; الإخوان المسلمين، مؤكداً، وهو شيخٌ كردي فصيح، من الإسلام الإسلام، ومن القرآن إلى القرآن، على سوريا، ديمقراطية، حرّة، ليبرالية، علمانية، تقوم على أساس فصل الدين عن الدولة، وليس معادة الدولة للدين، أو الدين للدولة. هذا الخطاب الإسلامي المعتدل جداً، من كردّيٍّ مسلم حتى النخاع، لم يرُق آنذاك لquot;إسلام الإخوانquot; وآلهم وصحبهم من المعارضين quot;المغرّدينquot; على شجرتهم quot;الوارفةquot;، ما دفع هؤلاء في مؤتمرهم quot;الأنطاليquot; العتيد، آنذاك، إلى quot;تكفيرquot; الشيخ الخزنوي، ورمي خطابه بquot;الإلحادquot; وquot;الزندقةquot; وquot;الشعوبيةquot; وquot;الخروجquot; على دين الله، لسبب بسيط، واحد ووحيد، وهو لأن الدولة في quot;إسلام الإحوان المسلمينquot;، لا يمكن لها أن تكون خلا دولةٍ واحدة، كالله، لا شريك لها. هي دولة تختزل كل الدين في الإسلام، وكلّ الدنيا في دنيا المسلمين، وذلك عملاً بشعارهم الأوحد: quot;الإسلام هو الحلquot;!

من هنا كان هروبهم، على طول وثائق المجلس وبياناته ومؤتمراته، من مصطلح quot;الدولة العلمانيةquot;، واستبدالها بمفهوم quot;الدولة المدنيةquot;، إيماناً منهم بأنّ الدولة الإسلامية ممثلةً بدولة الخلافة الأولى، هي quot;الدولة المدنيةquot; الأولى في التاريخ، والمكتوب لها أن تظل quot;مدنيةً نهائيةquot; إلى نهاية التاريخ!

ومن هنا أيضاً، نفهم سرّ ربط quot;الإخوان المسلمينquot; ومن لفّ لفّ quot;دولتهم الخفيةquot;، من المعارضين السوريين، المنظرين في quot;العلمانية العربيةquot;، وعلى رأسهم الأستاذ الناجح لعلم الإجتماع السياسي في جامعة السوربون سابقاً، والسياسي الفاشل بإمتياز في quot;المجلس الوطني السوريquot; لاحقاً، مفهوم quot;الدولة العلمانيةquot; بquot;الدولة الديكتاتوريةquot;، وquot;الدولة الكافرةquot;، أو quot;الدولة الملحدةquot;.
في الوقت الذي يرى فيه المنظرون الأوائل في شئون quot;الدولة العلمانيةquot;، بأنها دولة تقوم على أساس الفصل الكامل بين الدين والدولة، وبين quot;مملكة اللهquot; ومملكة البشر، وبين القانون السماوي والقانون الوضعي، نرى أصحاب التنظير لquot;الدولة المدنيةquot;، إخوانياً بشكل خاص، يصرّون على ربط الدين بالدولة، وبالتالي تقسيمها وفقاً لثنائية quot;مؤمن/ كافرquot;، إلى quot;دولة مدنية مؤمنةquot; ودولة علمانية كافرةquot;. هكذا تصبح الدولة ديناً، كما يصبح الدين دولةً، علماً أن الدولة المدنية، في مفهومها الحديث لا دين لها.

quot;الماكيافيلية الإسلامويةquot;، هي طريق الإخوان الأكيد إلى الدين في الدولة، كما هي طريقهم إلى الدولة في الدين. الغاية، وفقاً لفقه quot;الإخوان الماكيافيليينquot;، على طريقة quot;الإسلام هو الحلّquot;، لا تبرر الوسيلة فحسب، وإنما تبرر كلّ شيء..كلّ شيء: كلّ الطرق مباحة في السياسة، وفقاً لفقه هؤلاء، طالما أنها ستؤدي في المنتهى إلى quot;شرع اللهquot; حيث حكم quot;دولة الخلافةquot;، التي يسوّقونها في أدبياتهم السياسية، على أنها quot;دولة اللهquot;، أو quot;الدولة المدنيةquot; التي ما قبلها وما بعدها مدنية، الدولة الأولى والأخيرة في التاريخ.
دولة quot;الإسلام هو الحلquot;، بحسب الفقه السياسي لquot;الإخوانquot;، هي إذن، مبتدأ quot;الدولة المدنيةquot; وخبرها، هي الدولة quot;الخاتمةquot; أو الدولة النهائية للمدنية النهائية.

فشل الإخوان المسلمين في العبور بquot;المجلس الوطنيquot; من مجلس بمبادرة أخوانية مدعومة من دول quot;المحور السنيquot;، إلى مجلس وطني لكل سوريا، وكلّ السوريين، وكلّ الثورة السورية، طيلة أكثر من عامٍ، هو الذي دفع بالبعض الأقوى من quot;أصدقاء سورياquot; وعلى رأسهم أميركا إلى سحب الثقة منه، بإعتباره quot;مجلساً منتهي الصلاحيةquot;، معطّلاً، عطّل الثورة السورية، والمعارضة السورية، بدلاً من أن يكون فاعلاً ومفعلاً أساسياً فيهما.

سحب الثقة من quot;المجلسquot; كانت صفعةً أميركية وأوروبيةً قوية لquot;الإخوان المسلمين وquot;أصدقائهمquot;، وشهادة غربية على quot;سوء سلوكquot; مشروعهم، فضلاً عن أنها كانت رسالةً واضحة لهم، مفادها: quot;فشلتم في الإمتحان..افسحوا المجال لغيركم..أنتم جزء من المعارضة وليس كلّها..سوريا ليست كتونس ومصر، ولا حتى كليبيا، والإسلام لن يكون فيها حلاًّquot;.

لا شكّ أن سوريا وثورتها تأجلّتا، لأسباب خارجية وإقليمية كثيرة، لعلّ أبرزها صراع العالم على سوريا، سواء دولياً بين روسيا والصين من جهة، وأميركا وأوروبا من جهة أخرى، أو إقليمياً بين المحورين quot;السنيquot; بقيادة تركيا والسعودية وقطر، والشيعي بقيادة إيران، لكنّ داخلياً، وعلى مستوى المعارضة السورية، يتحمل quot;الإخوان المسلمونquot;، بإعتبارهم المبادرين الأوائل لمشروع quot;وحدة المعارضةquot; مسؤولية القسط الأكبر من التعطيل للثورة، والتأجيل للمشكلة السورية إلى أجل غير مسمى.
فشلهم في أن يرتقوا بquot;مجلسهم الوطنيquot; المعطّل والمقفّل على quot;الأخوانquot; و quot;قرار الأخوانquot; وquot;دولة الأخوانquot; وquot;زمان ومكان الأخوانquot;، إلى مستوى معارضة سورية حقيقية تمثل كافة أطياف الشعب السوري ومكوناته، كان سبباً أساسياً ليس في إفشال مشروع المعارضة السورية فحسب، وإنما سبباً في إفشال الشعب السوري أيضاً، في أن يكون ثورته كما كان يجب عليها أن تكون، من كلّ الشعب إلى كلّ الشعب، ومن كلّ سوريا إلى كلّها.

أكثر من عامٍ مضى على تشكيل هذا quot;المجلس المعطّلquot; أخوانياً، ولا يزال أهله quot;يطوفونquot; حول الثورة السورية ويحومون فوقها، بالطيران من عاصمةٍ إلى أخرى، ومن quot;مؤتمر خمس نجومquot; إلى آخر، تحت هذه اليافطة quot;الثوريةquot; وتلك، وهذا الشعار quot;الديمقراطي الثوريquot; وذاك، وهذه quot;المشروعية الثوريةquot; وتلك، دون أن يستطيعوا التقدم بالثورة نحو أهدافها خطوة عملية حقيقية واحدة. بل على العكس، خسرت الثورة من ورائهم، وخسر الثوار، وخسرت سوريا كلّها. كلّ السوريين، عدا quot;المنتفعينquot; وعلى رأسهم صقور quot;الإخوان المسلمينquot;، خسروا الكثير من ثورتهم ودمائهم ولحمتهم ووحدتهم وتعدديتهم وديمقراطيتهم وسماحتهم وحريتهم وعدالة قضيتهم، أيما خسارةٍ، من وراء لعبهم الطائفي المقيت، على ذات الحبل الطائفي الذي لعب عليه النظام، وعلى ذات ديكتاتوريته، وذات سياسته في إقصاء وإلغاء وإنهاء الآخر المختلف ومحوه عن بكرة أبيه.

الآن، بعد مرور أكثر من عامٍ على ولادة quot;المجلسquot;، سقط القناع عن طائفية وديكتاتورية وتابعية أهله من quot;الأخوان المسلمينquot;، الذين مارسوا من الإقصائيات والإلغائيات والمحويات ما يكفي ليس لإلغاء مخالفيهم في الدين أو في الدنيا فحسب، وإنما لإلغاء كلّ سوريا. الآن، سقطت عن quot;مجلسquot;(هم) آخر ورقة توتٍ، في الدوحة التي ألبسته إياها ذات اتفاقٍ، حيث نسمع على الهواء المباشر، حدوتة quot;الإنتخاباتquot; وquot;الهيكلة الواسعةquot; وquot;المبادرة الوطنية البديلةquot;.

في آخر تقريرٍ له عن أخبار quot;هيكلتهquot; الجارية على قدمٍ وساق هذه الأيام في الدوحة، يتبجح لسان حال quot;المجلس الوطني السوريquot; بquot;إرتفاع عدد أعضائه من 280 إلى 420 عضواً يمثل الحراك الثوري فيه نسبة 33%، والمرأة 15%، إلى جانب ارتفاع نسبة حضور الناشطين في الداخلquot;. حتى لو ارتفع عدد الأعضاء في المجلس ليصبح quot;4200quot; أي بزيادة صفر، أو حتى أصفار، فإنّ ذلك لن يغيّر من شكل quot;الدولة الإخوانية العميقةquot; في المجلس شيئاً. ذلك لن يغيّر شيئاً من سياسة quot;الأحوانquot;، وماكيافيليتهم الجديدة القديمة، وطريقة تفكيرهم في دنيا الدولة، ودين الدولة، وطائفية الدولة، وقيام وقعود الدولة، ومآل الدولة، حيث كلّ الطرق منها لا تؤدي سوى إلى الإسلام. بإعتباره quot;حلاً نهائياًquot;.

quot;سقوطquot; المرأة في quot;انتخاباتهquot; المحسومة نتائجها، والتي لا تختلف من حيث المضمون والمغزى، عن quot;انتخاباتquot; النظام السوري، الضامنة لنجاح الديكتاتورية بquot;أكثرية مريحةquot;، كشفت القناع عن الوجه الحقيقي لquot;المجلسquot;، الذي لا يرى في المرأة، إلا quot;نصفهاquot;، أو حتى ربعها. quot;المجلسquot; الأخواني من ألفه إلى يائه، أثبت بquot;ديمقراطية الذكوريةquot;، أنّ المرأة فيه، ليست سوى مجرّد ديكور في زوايا المجلس.

أما عن تمثيل المكوّنات والأقليات السورية فيه، فحدّث ولا حرج. لعل أقرب مثال على هذا quot;التمثيل الوهميquot; للمكونات السورية في quot;المجلسquot;، الذي لا يخدع إلا المعمى عليهم، فهو حديث أهل quot;المجلسquot; عن quot;التمثيل الليبراليquot; ممثلاً برئيسه الأسبق د. برهان غليون، وquot;التمثيل الكرديquot;، ممثلاً ب رئيسه السابق د. عبدالباسط سيدا، وquot;التمثيل المسيحيquot; ممثلاً برئيسه الجديد جورج صبرا.
كلّ هؤلاء وسواهم، ممّن يسوّقون بإعتبارهم quot;ممثلينquot; للمكونات السورية، مع جلّ احترامنا لماضي وحاضر الجميع، بدون استثناء، أثبتوا طيلة أكثر من سنةٍ على العمل تحت وصاية quot;الأخوانquot; وضمن شروطهم وسدودهم وحدودهم، أثبتوا أنهم لا يمثلون سوى أنفسهم، كمعارضين، بإعتبارهم جزءً أو أفراداً ضمن هذا التيار أو هذا المكوّن وذاك.

فعلى سبيل المثال لا الحصر، د. عبدالباسط سيدا، مع التقدير لشخصه، هو بإعتراف كلّ التيارات والأحزاب والمجالس الكردية (quot;المجلس الوطني الكرديquot; المكوّن من 16 حزباً وجماعة، وquot;مجلس غربي كردستانquot; التابع لحزب الإتحاد الديمقراطي)، فضلاً عن الشخصيات المستقلة، الخارجة على quot;المجلسquot; والتي لا تروق لها سياسته الضبابية تجاه الحقوق المشروعة للشعب الكردي، لا يمثل سوى نفسه. هو، بإختصار شديد جداً، حسب توصيف quot;الإجماع الكرديquot; في سوريا، كردي محسوب على quot;الإخوان المسلمينquot;، وماشي معهم على الخط كما يقال، رغم علمانية الرجل، ومواقفه المعتدلة، قبل صعوده كquot;نجم سياسيquot; في quot;المجلسquot;.
حال تمثيل الآخرين المحسوبين ولو على سبيل quot;البروباكاندا الثوريةquot; على المكوّنات السورية الأخرى، ليس بأفضل من حال سيدا.
فكيف لنا أن نقرأ تمثيل المسيحي جورج صبرا في كونه ممثلاً للمسيحيين، وهؤلاء في المجمل لم يحسموا أمرهم في سوريا بعد، لا ضد النظام، ولا مع الثورة. لا بل يمكن القول، أنهم باتوا يضعون الآن بعد عسكرة الثورة، أكثر من إشارة استفهامٍ على قيام أهل الثورة وقعودهم، خصوصاً وأنّ الصراع في سوريا وعليها تحوّل إلى صراعٍ طائفي بإمتياز، ما أدخل البلاد في حربٍ أهلية، سيخسر فيها الجميع ضد الجميع؟

وجه quot;المجلسquot; الطائفي المسجّل بماركة أخوانية، انكشف على حقيقته، ولم يعد بالإمكان إخفاءه أو تجميله، بquot;مسحوقٍ كرديquot; من هنا، أو quot;ماكياجٍ مسيحيquot;، أو quot;مسحة ليبراليةquot; هناك.
لا ممثل حقيقي في quot;المجلسquot; خلا quot;الإخوان المسلمينquot;، ولا خيار ولا قرار في المجلس فوق خيار وقرار quot;الإخوان المسلمينquot;.

كان لquot;الإخوانquot; ولا يزال حق الملكية الكاملة للمجلس، والتصرّف الكامل بسياسة المجلس، ومجتمع المجلس، وثقافة المجلس، و quot;دولة المجلسquot;، وquot;سوريا المجلسquot;.
فشل quot;الأخوان المسلمينquot;، كمعارضة إسلامية فاشلة، في احتواء معارضة سورية موحدة تحت سقف quot;المجلسquot; بإعتباره أول جسم سياسي سوري معارض حصل على بعضٍ من الشرعية من بعض العالم، أثبت للعالم أجمع، أصدقاء وأعداء، أنهم مشروع سوري فاشل، نحو سوريا فاشلة.

إفشالهم لسوريا، كمشروع وطنٍ فاشل، بلا حدود، بدأ في quot;المجلس الوطني السوريquot; باستانبول، لكنه لن ينتهي في quot;الإئتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السوريةquot; في الدوحة.
quot;الأخوان المسلمونquot;، مشروع فشلٍ لا يزال قائماً، على طول سوريا وعرضها، دفع السوريون ثمنه غالياً في حاضر الثورة وماضيها، وسيدفعون الثمن، على الأغلب، في قادم الثورة وما بعدها أيضاً.
quot;الأخوان المسلمونquot;، مشروع سوريا قادمة فاشلة: دولة فاشلة، بسياسة فاشلة، وثقافة فاشلة، واجتماعٍ فاشل، وفوقٍ وتحت فاشلين.
النظام السوري، نجح في إفشال سوريا طيلة أكثر من أربعة عقودٍ من الفشل المتواصل، لكنّ السؤال الذي يبقى مفتوحاً على ما تبقّى من سوريا، وما تبقى من معارضتها هو:
كيف سينجح السوريون في الهروب بسوريا(هم) من فشل quot;الإخوان المسلمينquot;؟

هوشنك بروكا

[email protected]