فى يوم 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2012 نشرت وكالة خبر ما يلى:
(وقال علي الموسوي إن quot;قرار مجلس الوزراء بإلغاء البطاقة التموينية سيخضع للمناقشات في إطار وطني واقتصادي، للاطلاع على أراء المؤيدين للقرار والمعترضين عليهquot;.وأضاف الموسوي أن quot;رئيس الحكومة نوري المالكي تحدث عن إمكانية تطبيق قرار إلغاء التموينية بمحافظة أو أكثر، لمعرفة مدى نجاحه، وتعميمه بعد ذلك على بقية المحافظاتquot;، متهما بعض السياسيين بـquot;محاولة الاستفادة والاستثمار السياسي من أي قضية كانت، بهدف إيقاع الخسارة بالأخر وتحقيق مكاسب على حسابهاquot;. وكان المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء أكد لـquot;السومرية نيوزquot;، في وقت سابق من اليوم، أن رئيس الوزراء نوري المالكي لم يميل لقرار إلغاء البطاقة التموينية، مشيرا إلى أن جميع الوزراء صوتوا على إلغائها، فيما وصف الاعتراضات على القرار بـquot;السياسيةquot;.)

وفى نفس اليوم نشرت وكالة اور الإخبارية بعنوان : المالكي يشعل فتيل (ثورة الجياع) والمرجعية تصطف الى جانب الفقراء، قالت فيه: (( بينما سعت كتل برلمانية عراقية إلى جمع تواقيع 70 نائباً لوقف قرار رئيس الوزراء نوري المالكي بإلغاء البطاقة التموينية والذي أشعل فتيل quot;ثورة الجياعquot;، مقترحة تشكيل هيئة عليا للإشراف على توزيع مفردات تلك البطاقة، اكد ممثل المرجعية الدينية في كربلاء الشيخ عبد المهدي الكربلائي quot;اعتراض المرجعية الدينية على قرار الغاء البطاقة التموينية quot;. وتساءل في خطبة صلاة الجمعة من العتبة الحسينية المقدسة اليوم:quot; لماذا تلغى البطاقة التموينية؟، مؤكدا quot;ان مسوغات الالغاء التي تشير الى القضاء على حالات الفساد المالي والادراي غير مقنعة وغير مقبولة وغير منطقية وتدل على مقولة العذر اقبح من الذنبquot;.))

رجل الدين فى عصر الفضائيات والانترنيت لا شأن له بالتدخل فى الأمور الاقتصادية التى لها رجالها، ثم ان الموضوع لا زال قيد الدراسة والكلمة الأخيرة لمجلس النواب، فلماذا يلمح الكربلائي لما يسميه بُـquot;ثورة الجياعquot;؟ وهل هناك مجاعة فى العراق حقا؟ أم ان كلامه تمهيد للفوضى؟ إتق الله يا شيخ.

وفى يوم 10 تشرين الثاني 2012 كتبت quot;شفق نيوزquot;:
((دعا محافظ نينوى اثيل النجيفي، الجمعة، الى ضرورة رفض قرار مجلس الوزراء القاضي بالغاء البطاقة التموينية مطالباً اهالي محافظة نينوى الى التظاهر والتعبير عن رفضهم لهذا القرار في حال عدم الاستجابة للمطالب الشعبية والتراجع عن هذا القرار. وقال النجيفي في بيان صادر عن مكتبه تلقت quot;شفق نيوزquot; نسخة منه ان quot;هذه الدعوة تشمل الوزراء من جميع الكتل السياسية الا ان المسؤولية الرئيسة تقع على من يقود الوزارة ويعطي التوجيهات فيهاquot;. وطالب محافظ نينوى الحكومة الاتحادية بـquot;تحمل مسؤولياتها بتوفير قوت المواطنين او بترك المجال لمن يستطيع توفير الخدمة التي يعجزون عنهاquot;.))

إنه يدعو اهالى نينوى الى التظاهر، بينما كان رد فعل أخيه السيد صالح المطلك نائب رئيس الوزراء مخالفا تماما لما قاله، ففى يوم 10 تشرين الثاني/نوفمبر كتبت (السفير نيوز) تحت عنوان : صالح المطلك يبدى استغرابه من الضجة الاعلامية حول قرار إلغاء البطاقة التموينية :
((ابدا نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات صالح المطلك استغرابه من الضجة الإعلامية التي أثيرت حول قرار إلغاء البطاقة التموينية واستبداله بمبالغ مالية. وقال المطلك في بيان تلقت وكالة السفير نيوزنسخة منه اليوم السبت انquot; قرار إلغاء البطاقة التموينية جاء تمهيداً لتحسين واقع المواطن الغذائي والحد من الإستغلال والفساد.
وعبر المطلك عن إستغربه من الضجة الإعلامية التي أثيرت حول موضوع إستبدال مفردات البطاقة التموينية بمبالغ مادية، مبدياً: أسفه لقيام بعض الفضائيات بتصوير الموضوع على أنه قطعٌ لقوت الفقراء.))

وكتبت صحفة جاكوج بعنوان: مقتدى الصدر يستدعى وزير العمل نصار الربيعي ويوبخه بشدة: ((استدعى زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر يوم امس الخميس وزير العمل نصار الربيعي بعد تصويته لصالح قرار رئيس الوزراء نوري المالكي بالغاء البطاقة التموينية واستبدالها بمبلغ خمسة عشر الف دينار، وقال مسلم الحجامي المقرب من مكتب الصدر في النجف : ان مقتدى الصدر وبخ وزير العمل بشدة بعد تصويته لصالح قرار الحكومة الغاء البطاقة التموينية لافتا الى انه اعتبره محاربا في صفوف من اعتبرهم جيش اعداء الفقراء،ودعا الصدر وزراءه لاعلان رفضهم قرار الحكومة من على شاشات التلفزيون كي يشعر الشعب بانهم معه لا مع الجيش الذي يقف بالضد من الفقراء.))
أيظن السيد حقا أن الجيش مجموعة مترفة (ارستوقراطية) ضد الفقراء؟!! أم انها فرصته للنيل من المالكي؟

وكتبت شفق نيوز:
((خرج العشرات من اهالي محافظة البصرة، السبت، في تظاهرة تطالب الحكومة الاتحادية بالعدول عن قرار الغاء مفردات البطاقة التموينية. وقال مراسل quot;شفق نيوزquot; الذي كان قريباً الاحتجاج إن quot;اكثر من 300 شخص خرجوا اليوم في تظاهرة امام مبنى محافظة البصرة مطالبين الحكومة الاتحادية بالعدول عن قرارها بالغاء مفردات البطاقة التموينيةquot;. واوضح أن quot;المتظاهرين رفعوا لافتات كتبوا عليها ان الحكومة تستهدف الفقراء بهذا القرارquot;.))
والمعروف أن أتباع مقتدى الصدر فى البصرة يخرجون للتظاهر ضد الحكومة متى ما طلب منهم السيد ذلك.
وكذلك كتبت (وكالة أنباء نيوز) : ((قالت المتحدثة باسم القائمة العراقية ميسون الدملوجي في بيان صحفي، تلقت وكالة خبر للانباء (واخ) نسخة منه إن مجلس الوزراء بأكمله يتحمل المسؤولية في توفير القوت اليومي للمواطنين ومحاربة الفساد والمفسدين وتوفير الحصة التموينية المناسبة للناس، بدلاً من الاستقواء على المتعففين والضعفاء. وأوضحت الدملوجي أن ائتلاف العراقية اصطفافه الكامل مع المواطنين واستنكاره الإلغاء العشوائي للبطاقة التموينية والتي يعتمد عليها الملايين، مشيرة إلى أن الطبقات المتوسطة والفقيرة في المجتمع كانت تنتظر تحسن المواد وزيادتها بالكم والنوعية في ظل ارتفاع الموازنة الاتحادية إلى أعلى مستوياتها في تأريخ العراق.))
عن أي إستقواء على المتعففين والضعفاء تتحدث الدملوجي؟ قد يكون مجلس الوزراء قد أخطأ التقدير ولكنه بالتأكيد لم يقصد الاستقواء على أحد ولا يمكنه ذلك. وإذا كان هذا موقف العراقية فلماذا صادق وزراؤهم على إلغاء الحصة؟ وهذا يطابق ما عودتنا عليه القائمة العراقية، فكلما تُقدِّم الحكومة لائحة او قانون او مقترح تنتظر العراقية رد فعل الشارع فإن وافق الشارع تسارع الى الاعلان عن أنها هى صاحبة المشروع، وإذا كان رد الفعل سلبا سارعت الى التهجم على الحكومة.
وكتبت وكالة خبر ذاكرة: ((اعتبرت النائب عن التحالف الكردستاني أشواق الجاف قرار إلغاء البطاقة التموينية من قبل الحكومة انتهاكا جديدا بحق المواطن العراقي،فيما أشارت إلى أن الدستور ألزم الحكومة بضمان حق العيش الرغيد لأبناء العراق. وقالت الجاف في بيان صحفي، تلقت وكالة خبر للانباء (واخ) نسخة منه أن البطاقة التموينية تعتبر الشريان المغذي للطبقة الفقيرة التي غابت من حسابات الكثير من المسؤولين لاسيما في الآونة الأخيرة،موضحة أن الطبقة الفقيرة تعتمد على ما تبقى من مفردات البطاقة التموينية على حالها السيئ الذي وزع في الفترة الأخيرة بعد أن كانت تمثل لقمة العيش لهم.))
لا أجد غرابة من موقف التحالف الكردستاني بعد أن إتّفق رئيس الإقليم بالتوافق مع العراقية ضد القرارات الحكومية بحسب توجيهات أمير دولة قطر (العظمى) عند زيارة رئيس الاقليم له قبل أيام قليلة.
الفساد فى البطاقة التموينية موجود ولا يوجد ادنى شك فى ذلك ومن الصعب جدا القضاء عليه. ومن خبرتى الطويلة (أكثر من ثلاثين عاما) بالتجارة الدولية من استيراد وتصدير، أوضح للقارىء الكريم كيف يتم العمل بها ابتداء من توجيه الوزير او المدير العام لحين وصول المادة المطلوبة الى المستهلك:
يشكل الوزير او المدير لجنة لتنسيق استيراد مواد البطاقة التموينية. تتدخل الوساطات حول تعيين أعضاء اللجنة، وقد يدفع البعض نقدا لشراء العضوية. تقرر اللجنة إرسال وفود لها لعدة دول لغرض البحث عن مصادر المواد المطلوب استيرادها بدلا من الاتصال بها الكترونيا وطلب العروض أو حتى الطلب الى الشركات الكبرى أن ترسل مندوبين عنها الى العراق فتوفر بذلك مبالغ طائلة للدولة فان مثل هذه الوفود لا تسافر إلا بالدرجة الأولى ولا تنزل إلا فى فندق ذو سبعة نجوم. ومن المحتمل جدا أن يتفاوض بعض الأعضاء مع المصدرين على الاحتفاظ بعمولة مناسبة لهم توضع فى حساباتهم فى المصارف الأجنبية. الأعضاء لن يهتموا بجودة البضاعة او حتى صلاحيتها للاستعمال قدر اهتمامهم بالحصول على العمولة. تصل البضاعة الى العراق، وتتأخر اياما طويلة فى الكمارك فيصيبها التلف بانتظار الاتفاق بين الأعضاء وموظف الكمارك الذى يستلم ثمنا لقاء سكوته عن مخالفة نوعية البضاعة للمواصفات المذكورة فى قوائم الشحن. تصل البضاعة الى المخازن فيستقبلها الموظف المختص الذى يحدد مقدار عمولته قبل تسليم وصولات استلام البضاعة بدون أن يفحصها. يذهب بائع المفرد لاستلام حصته ولا يمكن ان يستلمها بدون دفع مبالغ للموظف وللحمالين. يعود بائع المفرد الى دكانه ويتصل بأقاربه وأصدقائه ومن يدفع له مبلغا اضافيا لقاء إنتقاء النوعية الجيدة نسبيا، وما يتبقى منها يستلمه المواطن الفقير الملهوف، فإن احتج على البائع لسبب ما فسيعود صفر اليدين الى عائلته يلوم رئيس الوزراء على عدم إهتمامه بشؤون الرعية!. أتظنوننى أبالغ؟ إذهبوا الى باعة المفرد واسألوهم، ولكن لن يرد عليكم إلا الشجعان منهم وهم قلة.

هل أن تسليم النقود لمستحقيها أفضل من الحصة التموينية؟ ربما. ولكن الاحتمال الأكبر أن المستفيدين من البطاقة التموينية اعتبارا من المدير الى بائع المفرد سيقفون ضد إلغائها لأنها مصدر ثرائهم.
القضية ليست سهلة وتحتاج الى دراسة مستفيضة من كل الجوانب، على أن تراعى مصلحة المواطن قبل كل شيء. وفى نفس الوقت يتوجب على الحكومة مساعدة صغار رجال الأعمال واصحاب المشاريع الصغيرة، وتشجيع بناء دور السكن والمدارس والمستشفيات وغيرها بمنحهم قروضا بفوائد رمزية، وهذا سيوفر العمل للعاطلين، وينعش الاقتصاد بصورة عامة.