قبل عزف لحن الوداع في يوم تكتب فيه نهاية quot;الملكية quot; و بداية احزان و حسرة رحيلها او تقليص صلاحياتها و هو ما لا نتنماها، ومع اعلان قيام موعد اشجان الشعب الثائر من فساد و رفع اسعار و حكومات فاشلة و قطيع ساقط يتحكم في مقدرات البلاد منذ سنين و تصفية حسابات بين جنرالات الدولة و رؤساء حكومات، اليوم تبدء رحلة الطيور المهاجرة عن اوطانها لعلها تنقذ ما اهدرته عواصف ورياح هبت على اشجارالعرش مهددة مراحل مستقرة من تاريخ الاردن وموقدة الربيع الهادر الذي رفع شعارات quot;اسقاط النظام quot; و منها quot;الله الله..يسقط عبد الله quot; بالامس في محافظات الكرك و الطفيلة و معان.
المرحلة استثنائية، تحتاج الى رجال و نساء استثانئيون، لهم من الرؤية المستقبلية و التخطيط الافقي و الاقتصاديات العامودية ما يكفل للمايسترو عزف quot;لحن الخلود quot; لا quot;الوداع quot;. لا زال هنالك من يؤمن بأن الاردن قادر على ايجاد الحلول، قادر على البقاء، قادر على النجاح و التميز، لا زال هنالك امل و فرصة، و لكن بشرط quot;مشرط جراحي quot; يزيل السرطانات الحكومية و مستشاريي الغفلة اللذين اوصلوا البلاد الى ما هي عليه الان من quot;حافة الافلاس مثل اليونان quot; و quot;فساد اسست له سلطة خامسة، تلي سلطة الصحافة الرابعة.
الماسيترو جاهز للعزف، و لكن المعزوفة حزينة في وقت يحتاج الشعب الى الامل و الفرح.
اوتار قلب تتقطع و هي تشاهد لوحة سريالية مليئة بصورة اعادت الى الاذهان quot;فكرة نيرون و حرق روما quot;، تدميها جروح افتعلها رؤساء حكومات و مجالس وزارات مرتزقة افلست الاردن، و اثرت جيوبها الشخصية، و سياسات اقصائية امعنت في تهجير الاكفاء وطرد المتميزين و اغلاق طرق النجاح و تحطيم معنويات الباقين المتواجدين على ارض الوطن، بل و سرقت اموالهم و حقوقهم و زورت انتخابات ممثليهم،و اضحت البانورما السياسية سوادا يلف مؤسسة العرش بخيبة امل وهي تتمسك بشعرة معاوية قبل السقوط.
ليست المرة الاولى، و لكنه يبدو انها الاخيرة قبل موسيقى quot;الرحيل quot; التى تمزق القلب والامة، شعاراتها quot;جرة غاز جرة غاز...الملك عائد للحجاز quot;، في اشارة الى عودة الفرع الى الاصل و بداية فصل جديد من المضاربات السياسية و الحرب الاهلية اذا ما سقط النظام، بين اردني اردني و فلسطيني فلسطيني و اردني فلسطيني الى اخر تلك المسميات التى خلقها مستعمر و رعاها مستثمر!
2007 و في ايلاف، 2012 و في ايلاف و ما بينهما من سنوات كتبت اكثر من مقال quot;احذر من مستشارك عندما يكذب عليك quot;، و المستشار لم يكن فقط رئيس ديوان ملكي، مدير مخابرات، صحافة تقبض بالدنانير، انتخابات تزور بادارة المخابرات، صراع بين مؤسسات الحكم و المخابرات و تصفية حسابات، و اعترافات مدرائها الى اخر قائمة المستشاريين دون ان يحاسبهم احد، كلهم من طينة واحدة جبلت النفاق و المخادعة و التملص من المسؤولية و الانبطاح للعرش، جل اهتمامها وضع اليد على كل ما تصل اليه يدهم و عينهم و بطنهم الى ان امتلئت quot;كروشهم quot; و انتفخت quot;قروشهم quot;. و النتجية مظاهرات و اعتصامات و سقوف عالية من شعارات ضد الحكم و مؤسساته.
اليوم، تنتفض الاردن بأكملها، من شمالها الى جنوبها، تحرق بيوت المحافظين، مراكز الامن، سيارات الشرطة، و تغلق المدارس، و يعتقل الشرفاء، لاجل رغيف الخبز و الحرية. عائلات لا تجد سوى كسر الخبز و كيس الشاي، و افراد يقومون بتحويل ملايين الدولارات و يمرحون في باحة quot;قصر quot; مهدد بالاحتراق غير عابئين بما يحدث في الساحة و لا هم مهتمين بمن يحميهم من داخل القصر، على العكس سيكونوا اول المنشدين quot; لحن الوداع quot; و الانضمام الى اي جوقة جديدة تحقق لهم مزايا.
اقصد هنا، لا بد من روشتة علاج quot;القصر المريض quot; و مداوته لا تخفيف اعراض مرضه، مثلما تفعل دارة المخابرات التى نجحت مؤقتا بحماية و تأجيل الربيع، و لكنه بدء قوياعائدا مع اول اشارة quot;رفع اسعار quot; لاسطوانة الغاز من الحكومة، و بالتالي كل اسطوانات التسكين التى عزفتها ووزعتها الاجهزة على الشعب من خلال اعلامها شرختها اصوات الشعب الثائر.
لحن النشاذ الحكومي لا تتذوقه اذن شعب استمعت و استمتعت بما قدمته موسيقى تونس و مصر و ليبيا.
حذف كل النوتات الموسيقية الشاذة المؤذية لطبلة الاذن و احاسة التذوق الموسيقي، الاستغناء عن كل صديحة القصر، محاسبة كل من تسبب الى ما وصل اليه الاردن من سؤ ادارة سياسية و اقتصادية، كل من ادعى ان الاردن اقتصاده متميز، ان الاردن تجاوز الازمة، و كل من تسبب في الاقتراض من البنوك الدولية، و كل من وضع ميزانيات الدولة، كل من استغل الاعلام كذبا و تزويرا، كل من ساعد في اخرج المال من الاردن و تهريبه، انهم quot; كهنة سواد الامة quot; ويجب اخصائهم و اقصائهم و الزج بهم خلف القضبان.
حتى يعود اللحن قويا، محركا امال و تطلعات الشعب لا بد من فتح الابواب امام الاجيال الشابة، امام اطهار الامة، امام مثقفيها و ابنائها اللذين همشتهم سطوة الافساد و الاقصاء التى كانت عصا رؤساء حكومات اتوا باقربائهم و انسبائهم و تشاركوا مع القصر وحاشيته في الغنائم على حساب الشعب.
مطلوب حكومة جديدة تمنح كل رئيس في حكومة سابق، او وزير سابق، او مسؤول سابق،اجازة مفتوحة لخمس سنوات،لقد مل الشعب بعض فلاسفة السياسة ممن استقدمهم القصر و حرثوا ارواح العباد و اموالهم وبعضهم ممن تسلقوا احبال فلسطينية في مرتع يمهد للوطن و النظام البديل.
مطلوب حكومة استثنائية في ظرف استثنائي لا تتوقف عند الكتب و النظريات و عنجهيات الحكم التفريقي،حكومة قوية وطنية تخترق قلب و نفس و نبض حياة الامة و تعبر عن شعب يريد حياة امنة، ديمقراطية، مستقرة، يشعر معها quot;الملك و المواطن quot;معا على حد سواء ان مستقبله مضمون، ابنائه تحميهم مظلة دستورية وصحية و تعليمية، في ظل ملكية دستورية تعبق بها مكتبة بيت الحكمة التي أنشأها هارون الرشيد و لكن بعيدا عن نسائيته و لياليه.
حكومة تسهم في اثراء الفكر الاقتصادي و السياسي بابداعاتها على الارض لا نظرياتها على الورق، حكومة تختلف عن اربعين حكومة شكلها القصر بمعاونة المخابرات و رجاله و تابعيه و التى اصابت الوطن بجدري و تقرحات الاقتصاد وحرارة عالية و حُمى اجهزت على قصبات التنفس و حرية الشهيق و الزفير و اصابت الجسد السياسي بالتعفن.
حكومة استثنائية تنطلق من كتاب جديد بعيدا عن كتابquot; الفساد و الافساد للوطن و العباد quot; الذي هو مرجعا و قاموس في تشكيل الحكومات الاردنية التجريبية المتتابعة مؤخرا.
دو، ري، مي هو سلم موسيقي اخترعة فيثاغورث، ليضع أول سلم للموسيقى، لعل الملك يجد رئيسا للحكومة القادمة تميزه المهارة والحكمة، يجيد الموسيقى و الهندسة و الرياضة و الاقتصاد و السياسة و الثقافة بعيدا عن quot; لحن الوداع quot; الذي هو خطر على الملكية و البلاد.
لعل الملك يجد بين مئة الف مهندس في الاردن، مهندسا يضع سلم سياسي اقتصادي جديد للاردن عوضا عن حكومات حفرت قبورا لابناء الوطن المخلصين و عباقرته، مطلوب لتلك المرحلة الاستثنائية مهندس اوركسترا يماثل quot; المايسترو الشهير quot;ا ايزو مونتيquot;، قائد الاوركسترا الايطالي واحد أشهر قائدي الاوركسترا في العالم لاجل ان يعود لحن الوطن مفعما بقلب البشر متعلقا بارواحهم.
الجرح الدامي في الاردن الان بحاجة الى خياطة مثل تلك التى ابتدعها الرازي، خياطة باوتار العود، لعل يتماسك الجسد و يبرأء و يتعافي، عازفا quot; لحن الخلود quot; بعكس ما يحاول مستشاري الملك الايحاء بالوهم ان العلاج بحمض الكبريت هو الدواء الشافي.
بلا شك ان عين الصقر قادرة على التقاط الرجال من على بعد الاف الاميال سواء في بلاد الفرس او الهند او اليونان.
المايسترو رفع عصاه في مواجهة عصا الجلاد، فاستعد ايها الملك قبل ان يقع الخطاء و حتى يمكن للشعب ان يشاركك لحن الوطن في اروكسترا وطنية، لا ان ينشده وحيدا في غياب شَاطيء الاردن الملكي يَحكى عَنها و يُحكى بِك.
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات