هذه الأيام توجد تقليعة على صفحات الـ ( Facebook ) يستخدم فيها ( Like ) كمؤشر على استحسان صورة معروضة او مقال، وما الى ذلك مما يُعرض على صفحات )الـفيس بوك(، الظاهرة الملفتة للنظر عند بعض العرب والمسلمين، هي في الإستخدام الساذج احيانا لهذا المنجز الحضاري المتميز، من خلال عرض صور اكثرها بائس وسطحي ، ثم الطلب من القارئ ان يضع (لايك) تحت الصورة او الخبر لجمع اكبر عدد من ( اللايكات ) تحت غطاء ديني وقدسي. فمثلا عُرضت صورة خروف مشوه بساقين، وكتب فوق الصورة، ( اذا ضغطت (لايك). وقرأت دعاءً معيناً، فإن لوحة مفاتيح الكومبيوتر لن تتعطل. ان خروفاً مشوها ( لأسباب معروفة لأهل الاختصاص) صار عندنا معجزة ننشرها للعالمين، و وضع (لايك) يحفظ لوحة مفاتيح الكومبيوتر من العطل، وذلك حتى نعفي عقولنا من التفكير لمعرفة اسباب عطل (اللوحة) وكيفية اصلاحها او على الاقل كيف نتحاشى اسباب العطل. وخذ مثالاً آخر، والامثلة كثيرة ، إنه (تيس المواطن الهندي (إسلام باتي) حيث ادعى صاحب هذا التيس، ان على فروة تيسه مكتوب (لفظ الجلالة) وحاز هذا التيس على لقب (التيس المقدس) وحصد من (اللايكات) ارقاماً يتعذر حصولها لأكبر مشاهير العالم، هذا التيس الذي راح صاحبه يطلب به ثمنا مقداره (128) ألف جنيه استرليني كأقل سعرٍ لتيسه المقدس، وهناك احتمال زيادة ثمنه بزيادة عدد (اللايكات). وفي هذا الجو من التهويمات والشطحات، صرنا نرى (لفظ الجلالة) على قشر بطيخ وداخل حبة بندورة و على قشرة بيضة او جلد سمكة، اوعلى السحاب حين تلعب بها الرياح. فيتحرك بذلك سوق (اللايك).

ولا ننسى استخدام الـ (photoshop) في دبلجة بعض هذه الأشياء، فقد تحول هذا الانجاز العلمي الفائق الى اداة للشعوذة بيد دجالين يلعبون بعقول البسطاء من الناس،لأهداف غير سليمة.
والأغرب من هذا، تُطرح صور لأناس مصابين بعاهات جسدية مؤلمة جداً ويُطلب منك ان تضرب (لايك) وتقول كذا وكذا... وإلّا ابتلاك الله أو أحد أفراد عائلتك بمثل هذه العاهة المدمرة، ان هذا السلوك يعكس اخلاقية انتقامية، والاكثر إيلاما وازعاجا، ان هذه الروح العدوانية يعكسونها على الله عز وجل، ويتكلمون بأسمه تعالى ( وإلّا ابتلاك الله.....) إنه تجرؤ على الله.

ومن الوان هذا التعلق بـ (لايك) صار البعض يجمع للنبي الكريم ملايين من (الللايكات) لإثبات الولاء والإخلاص لرسول الرحمة، ناسين ان العلاقة مع الرسول لاتحددها كمية الأرقام بل نوعية العمل الصالح... لقد تحول الدين عند هؤلاء، من دعوة للخير والعمل النافع للبشرية واغاثة المحتاجين، تحول الى ارقام مجردة، واصبح التزام الإنسان بقيم الدين، ومحبة الرسول يقاس ذلك كله بعدد ( اللايكات)... لماذا لا نجمع ما ينفع الأيتام والمحتاجين والمرضى من مساعدات مالية وعينية تعينهم في حياتهم. هذا ما يريده الله ورسوله، بعيدا عن هذا التوجه المجاني في جمع (اللايكات). ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ). 105\التوبة.

بهذا الصدد شاهدت عملاً انسانياً قام به اصحاب احد الاسواق (سوبر ماركت) في لندن بطرح مشروع (MILLION MEAL APPEAL ) ) (طلب للحصول على مليون وجبة طعام)، وتحت هذا الشعار الجميل (HELP FEED THOSE IN NEED) حيث يُطلب منك عندما تتسوق ان تشتري بعض المواد الغذائية المعلبة ضمن قائمة مشترياتك الشخصية ثم تتبرع بها لمشروع ( مليون وجبة طعام لترسل لمن هم بحاجة اليها ) نعم.. مليون وجبة طعام وليس مليون (لايك) فالجياع والمحتاجين لا تشبعهم ضربات مجانية من الـ (اللايكات)، ليس بالتمني وحده يعيش الإنسان.