راعني وضع خبر quot;quot;وفاة طفلة بسبب تعذيب والدها quot; الداعيةquot; لها حتى الموتquot;quot; تحت عنوان أخبار خفيفة في إحدى الصحف العربية المشهورة.. لأنني أؤمن إيمانا قاطعا بأن مسؤولية الإعلام العربي الأولى في إحداث نقلة مجتمعية في المفاهيم والثقافة لحماية المجتمعات العربية والتي أصبحت فيها الأنثى أحوج ما تكون للحماية. وإن حرصنا على حماية المجتمعات العربية يجب أن يتصدّر العناوين الأولية قبل العناوين السياسية.. لأن الأمن والإستقرار المجتمعي هو ما يؤدي إلى إختيارات سياسية ناضجه تقوم على الإختيار الأصلح والأنسب الذي يستند إليه الناخب في المجتمعات المتحضره.... إضافة إلى أن موت طفله بهذا العمر إنما يعبّر عن موت الإحساس الإنساني حتى وإن صدر من رجل واحد إنعدمت فيه فضيلة الرحمه والإنسانية يدّعي أنه حاميا للفضيلة والأخلاق في مجتمعه وrsquo;يمثل قدوة لهذا المجتمع..وإذا إستندنا في تحليلنا هذا إلى quot; إن الأعمال بالنيات quot; فتثبت لدينا حقيقة أن نية هذا الشخص نية خبيثة لمجتمع متخلف يبقى على ما هو عليه لآلاف السنين القادمه.. وأنه بالتأكيد يروّج لثقافة هيمنه ذكورية بحته لم تستطع التمييز بين المرأة الطفلة.. والمرأة الناضجه.. ولا أحد يستطيع معرفة ماذا كان يدعو له من قيم مجتمعية في دعوته تلك....

القصة إبتدأت مع طلاق الزوجه بعد إستحالة الحياة مع زوج إعتاد أن يضربها ويهينها.. وطلقتها المحكمة الشرعية بعد إطّلاع القاضي على كافة الأدلة التي تثبت إستحالة العيش معه.. وأصدر حكمه بأن تبقى الطفلة مع والدتها مقابل إعفاءه من النفقة.. برغم محدودية مصادر الأم المادية..وحكم للأب بالزيارة شهريا.. إلى أن تبلغ الطفة سبع سنوات لتعود إلى حضن ولي الأمر؟؟؟؟

بعدها طلب الأب اخذ الطفله لبضعة أيام كي تتعود على وجوده كأب في حياتها.. ووافقت الأم.. ولكن وفي المرة الثانية لم يعيدها كما هو rsquo;متفق عليه.. إلى أن أبلغتها الشرطة بوجودها في المستشفى في العناية المركّزة..نتيجة كسر في الجمجمة أدى إلى نزيف في الرأس وكسر اليد اليسرى وآثار حروق نتيجة تعرضها للكي؟؟؟ وأن هذا الحيوان الأب إستخدم السياط لضرب الطفلة والحديد لكي جسم طفلة لم تتعدى خمس سنوات..

وبعد بحثي عن القضية في الويب.. وجدت ألآتي.. quot;quot; تصريحا للدكتورة سهيلة زين العابدين عضو جمعية حقوق الإنسان في السعودية تقول فيه بأن الأب فيحان الغامدي الداعية الديني الذي يقوم بإعطاء محاضرات دينية عبر البرامج التلفزيونية قام بقتل طفلته لشكه في سلوكها.. وأنه تم التأكد من عذرية الطفلة وتخشى أن يفلت من العقاب بدعوى أنه يعاني حالة نفسية.. أو أن تطبق عليه القاعدة الفقهية المعمول بها والواردة في كتاب quot;المغنيquot; لإبن قدامة لا rsquo;يقتل أن قتل ولده ولكن تقتل الأم بقتلها ولدها quot;.

أولآ.. كيف يحكم القضاء للأم بالحضانه ويسقط عن الرجل النفقة.. مع علمه بمحدودية موارد المرأة المادية في مجتمع حرمها أصلا من العمل ومن الإعتماد على الذات؟؟
ثانيا.. لماذا يصر الرجل على حرمان الأم من أطفالها بعد أن تكون أفنت سبع سنين من عمرها وشبابها وحياتها معهم لحمايتهم.. ولماذا يصر القضاء على إعادتهم للأب في حال تزوجت الأم.. بينما يتمتع الرجل بالزواج من أخرى ولاينتظر أو يضحي كما ضحت هي..

ثالثا.. لماذا يصر الرجل على معيشة أبنائه من الزوجه الأولى مع أخرى وهو يعلم بأن الثقافة المجتمعية تؤكد وتساهم في عدم إمكانية أن تحب الزوجة الثانية أبناء زوجها من مطلقته الأولى.. وأن السائد في المجتمع هو أن تكرههم وتذلهم.. كيف يرضى لهم بهذا.. هل هو مجرد عملية إنتقام وثأر من الزوجه المطلقة في أطفال لا ذنب لهم؟؟؟

توعية المجتمعات العربية لا يمكن أن rsquo;يكتب لها النجاح بدون تصدّر مثل هذه الأخبار في الصفحات الأولى.. وبدون أن يقوم الإعلام بتحليلها ومتابعتها وتحليل القواعد الشرعية التي يستند إليها مثل هذا الفكر والثقافة.. خاصة وأنها صدرت من رجل يدّعي التدّين.. إخراج المجتمعات العربية من حالة التخدّر الديني التي إمتهنها العديد ممن إدّعوا الفهم الديني والفقه لا يمكن أن تتم بدون نزع نقاب العفة الذي يتظاهروا به.. نزع المصداقية عن أقوالهم وكشف وفضح أفعالهم وعن ما إقترفوة من جرائم.. بدءا بجرائمهم في حياتهم وسلوكهم الشخصي ثم جرائمهم ضد الإنسان العربي حين قاموا بتزييف وعية وغلق تفكيره، خاصة مع تزايد نسبة الجهل والأمية خلال العشرين عاما السابقة بين الشعوب العربية وبالذات داخل المجتمع الخليجي الذي بدأت فيه ظواهر الإنقسام الطبقي العميق بين شباب خرجوا وتعلموا في الخارج من رجال ونساء.. تطالب بعض نسائه باللجوء السياسي إلى الدول الأخرى هربا من قمع المجتمع ورجال دينه..

إن خطر من يدّعون بأنهم رجال دين أكبر من حدود دول بعينها في هذه القرية الكونية وخاصة في الدول الإسلامية المجاورة. لبساطة الأغلبيه من الشعوب العربية التي تحترمهم وتثق بكلامهم وتؤمن بأن أوامرهم هي من اوامر الله بينما العديدون منهم جهلاء بالله وبروح الدين خاصة فيما يتعلق بالمرأة.. وأن على الحكومات العربية القيام بعملية تهميش متدرجه لأفكارهم تأتي منهم أنفسهم بإعترافات واضحة بأنهم بشر اخطاؤا في تفسيرات الدين وأن تأويلاتهم أساءت للدين.. لإعادة الثقة والإحترام للدين.. وبدون إقحام الدين في القانون إطلاقا إن كنا نريد إثبات عدالة هذا الدين وصلاحيته لهذا العصر..

أن تقديم هذا الرجل للمحاكمه وحتى توقيع أقصى العقوبات عليه لن يساعد في تغيير الثقافة النمطية التي إعتادت تقديم الأنثى ضحية في كل مرة.. أو مجرمة كما في حالة زوجة الأب التي rsquo;يقال بأنها شاركت في الجريمة.. وفي كلتا الحالتين نزع مفهوم قيمة الإنسانية في حالة مساواة شاذه بين الرجل والأنثى.. المجتمع ومن كلا الطرفان بحاجة لإحداث تغيير.. بحيث يتفهم الرجل بأن المرأة ليست للمتعة وليست ناقصة عقل ودين كما روّج له الفقه البشري تحت عباءة الديني. بل شريكة كاملة في الحياة.. ولإعادة إنسانية المرأة بأن أي أطفال قد يكونوا أطفالك. نحن بحاجة إلى عملية إيقاظ الضمير الإنساني لكلا الطرفين..وللمجتمع برمته.. وأضم صوتي لصوت الدكتورة سهيله.. في مطالبتها quot;quot;المعهد العالي للقضاء، وكلياتالشريعة بإعادة النظر في مناهجها الدراسية بع تصحيح المفاهيم للآيات المتعلقة بالمرأة والأحكام والعلاقات الأسرية والزوجيةquot;quot;

وأضيف بأن على المجتمعات العربية كلها الخروج من خانة النفاق.. فبينما يقوم مثل هؤلاء الدعاة بغض النظر عن ما يقوم به شبابهم وفتياتهم في الغرب حين يشعروا بتمتعهم بالحرية ويطلبوا اللجوء والهرب لأنهم بشر مثل بقية خلق الله.. يقوم نفس هؤلاء الدعاة ومن حولهم من أصحاب النفوذ بتزييف وعي الإنسان العربي بأن كل ما هو في الغرب فاسد ومنحط أخلاقيا وأن لا قيمة للمرأة فيه بينما يصرون على ثقافة حق الذكر في قتل الأنثى لأنه ولي أمرها.. ويرفضون إنسانيتها.. وأبسط حقوقها في الإستقلال حتى من السائق في قيادة السيارة في وطنها الأصلي..


منظمة بصيرة للحقوق الإنسانية