سيطرت مجموعات مسلحة من القبائل العربية على المسيرات السلمية المناوئة لنظام الأسد في بعض المدن الكردية وبمساعدة الشبيحة الغمريين الذين سلحهم النظام قبل شهور، طغت مظاهر التجوال المسلح مع رفع شعارات ضبابية عشائرية كانوا يحملون صور بشار الأسد وعلم البعث في اليوم الأول وهم يتجولون في شوارع مدينة تربى سبيه ( القحطانية بعد التعريب ) وفي مستعمرات الغمريين كمستعمرة المناذرة ومعشوق الغمرية وحلوة الغمر وطنورية الغمريين، والمستوطنات المتناثرة المحيطة بمدينة تربه سبيه وبعد انضمام مجموعات من القبائل العربية المحلية كالجوالة إليهم خرجت لليوم الثاني بدون شعارات وأعلام أو صور، مهمتها كانت موجهة لاسكات صوت الشارع الكردي ومسيراتهم السلمية اليومية المناهضة للنظام والداعم للثورة السورية، هذه المسيرات التي لم يشارك فيها العنصر العربي من هذه القبائل يوما منذ بداية الثورة، كل هذا يجري على مسافة ليست ببعيدة من المدن الكردية الأخرى التي دخلتها مجموعة مغايرة تحمل راية الجيش الحر وتدعي إنها حررتها من عناصر النظام، في الوقت الذي يظهر فيه مناصري النظام بكليته من نفس المنابع، والمجموعتان تنتميان إلى نفس القبائل، الغمريون هنا وهناك، مجموعات رئيس عشيرة ( له تاريخ حافل مع النظام حتى اليوم) في الجهتين، يضعون رجل مع النظام وآخر مع الثورة، يعاونهم فيها عشيرة رجل المعارضة في المجلس الوطني السوري، العنصري ن ب ( تاريخ حافل مع البعث ) والبعثي السني حتى النخاع اللواء حاج ع خ، مهمتهم في المناطق الكردية لا تتجه إلى اسقاط النظام السياسي وهم خارج مهمة الثورة ولا يطالبون بما تطالب به الثوار، بل انهم يعارضونها وهم من الجماعات التي رفضت عدة مطالب للثورة، مثل اسقاط النظام السياسي، الدعم الخارجي وأقله الحماية الدولية، وهم ضد حظر الطيران، وهي نفس مطالب النظام الأسدي، مقابلة اللواء مع السيد حسن معوض في العربية لا تزال ترن في الآذان، حول انتمائه البعثي ومواقفه من مطالب الثورة، بعد تشكيله الجيش الوطني السوري، خارج مجال الجيش السوري الحر ممثلي الثورة في الجناح العسكري.

تسكت الكتائب التي تدعي بانها تنتمي إلى الجيش السوري الحر المتواجد في المنطقة الكردية والمتشكلة اصلا من نفس تلك المجموعات وبمساعدة تركيا ولا تتدخل، بل هناك تهاون وتعاون مع هذه المظاهر، واتفاق غير مباشر، أسكتت المسيرات المناهضة للنظام في كل من سري كانية ( راس العين ) حتى ولو كانت محررة كما يدعى، من عناصر النظام أم من المسيرات الكردية السلمية وسيطرة الكرد وأهالي المدينة من القوميات الأخرى. صمتهم لا يختلف عن صمت العالم الخارجي حول الثورة السورية، لا يهتمون بما يجري في المناطق الكردية من قبل مستعمرات الغمريين والقبائل العربية التابعة للنظام، لكنها تثيرهم إذا سيطرالكرد وحلوا محل فلول النظام لإدارة ذاتهم. الغايات ابعد من الثورة ومطالبها، ورائها قوى خارجية كتركيا ودول عربية يلتقون هنا مع النظام الأسدي رغم الصراع المميت لأسقاطه، منابع ثقافتهم واحدة، وهي نفسها التي تحرك بشكل نظري قوى في الإئتلاف الوطني، كالتيارات الإسلام السني السياسي والبعثي السني العروبي، وتلتقي معا على أطراف القضية الكردية ومطالبهم حول النظام القادم ما بعد زوال آل الأسد، أنهم يندمجون حول مفهوم طمس إحدى أهم القضايا التي سوفها تحلها الثورة السورية القادمة، وهي قضية الشعب الكردي التاريخية وجغرافيته المتواجدة هنا ضمن الوطن الواحد، هذا الحل الذي سيقضي على مفاهيم البعث في المنطقة وفلوله.

الثورة اوسع وأبعد من أن يتمكن الشبيحة بمظاهرهم المسلحة القضاء عليه، والشعب الكردي اعظم من تتمكن مجموعات من المستعمريين من البعث أو شريحة من المستفيدين من النظام داخل عشائر عربية من ابناء المنطقة لترهيب الشعب الكردي واسكاتهم عن دعم الثورة أو المطالبة بزوال النظام بكل رموزه، وهم أدرى بهذا المنطق، لكن الغاية ذات أبعاد واهداف متنوعة:
- إلى جانب القضاء على القضية الكردية كما تخطط له دول وعناصر عروبية وهي الأهم لدى القوى التي تتحرك على الساحة الميدانية داخل المنطقة الكردية أو في الأروقة السياسية فيما وراء المؤتمرات المتنوعة والتي تهمش فيها يوما بعد آخر القضية الكردية والتي تعكس اجندات أروقة الدول المتأثرة بالقضية كتركيا وغيرها.

- الغاية السابقة تلتقي في أطرافها مع ابعاد النظام، وهي ضرب الأثنيات ببعضها، وخلق أكثر ما يمكن من الفساد وإثارة النعرات في الوطن وعلى أوسع رقعة ممكنة داخل الوطن، رغم تعارضها مع الأسلوب الذي تتحرك عليه النظام مع دول الجوار.

- اخراج الثورة من إطارها الذي تشكلت ضمنه، وتهديم البنية التي تكونت عليه، وابعادها عن مهمتها الأساسية، و تسخيرها لغايات آنية عنصرية عروبية بمطلقه، ليس فقط تجاه الكرد بل تجاه الطوائف والقوميات الأخرى داخل الوطن بعد اسقاط السلطة الأمنية وليس النظام السياسي.

-محاولتهم توجيه آلة الدمار من قبل النظام المجرم إلى المدن والمنطقة الكردية، وذلك بابقاء مستعمراتهم والقرى التابعة لبعض القبائل المساندة للنظام والجيش السوري الحر أو الوطني الحر التابع ل اللواء البعثي السني معاً خارج إطار صراع الشعب السوري أي الثورة ضد النظام الأسدي، وتبيان الكرد كقوة ثورية نائمة من الجيش السوري الحر، والتي تتحرك لمساعدة الثوار بمسيراتها السلمية والداعية لزوال النظام.

رغم كل هذا نلاحظ أن الشعب الكردي أكثرهم في المنطقة متمسكون ومؤمنون بمسيرة الثورة السلمية وعن قناعة، وأصدقهم إيماناً بزوال النظام بكليته، واشدهم تمسكاً بالوطن السوري وابعاده الحضارية والإنسانية، وهذا ما يرى من خلال المسيرات التي خرجت في المدن التي لم يسيطر عليها جيش البعث السني وليس الجيش السوري الحر، والشوارع التي خليت من سيطرة الشبيحة وجيش البعث السني المتخفي تحت اسم الجيش السوري الحر أو الجيش الوطني، هذه القوى نفسها تنتظر لحظة ضعف النظام لتنضم إلى الجيش السوري الحر، مهما كلف الأمر فهي قوة أحتياطية انتهازية للأخير.

الولايات المتحدة الأمريكية
[email protected]