الكلمة البليغة و البالغة الدلالة و المعنى و المبنى التي القاها رئيس وزراء دولة قطر ووزير خارجيتها الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني في إجتماع الجامعة العربية الأخير لها مصداقيتها الكبرى ودلالاتها الشاخصة حينما قال بأن إسرائيل ليست هي الذئب بل أن الكثير منا هم النعاج!! وقد صدق سمو الأمير في كل حرف من كلماته ووضع إصبعه على الجرح ، وطبعا ستفتح دكاكين الثورجية و القومجية وفرقة حسب الله في الإعلام العربي فوهات مدافعها على الشيخ حمد بن جاسم وعلى دولة قطر بأسرها وستتصاعد حرب المزايدات الكلامية الرخيصة وترفع رايات الإتهامات و التخوين ونبش الملفات الميتة و سيخلط الحابل بالنابل وستوجه لدولة قطر ولقادتها ضربات قوية تحت الحزام وستتوالى حملات الإفتراء و الفبركة من أطراف معروفة و مشخصة بهدف تشويه مواقف قطر وقادتها من مجمل منظومة العمل القومي وذلك لتمرد تلك الدولة الصغيرة حجما و الكبيرة عزما وإرادة و تحديا على قوالب التصنيفات السياسية المعهودة ، الشيخ حمد لم يرتكب جرما ولا جريرة سوى أنه أعاد صياغة بيت الشعر العربي المشهور للشاعر العربي السوري عمر أبو ريشة التي درسناها في الثانوية أيام زمان وتقول إحدى أبياتها المعبرة عن واقع اليوم :

لايلام الذئب في عدوانه إن يك الراعي عدو الغنم

فالغارات الجوية الصهيونية على غزة تتشابه مع الغارات الجوية لسلاح جو بطل الصمود و التصدي و التوازن الستراتيجي بشار أسد على شعبه الحر الثائر وفي متلازمة تاريخية وسياسية عجيبة وغريبة ، إسرائيل وفقا لرأي الشيخ حمد ليست أسطورة وجيشها ليس سوبرماني بل أن صواريخ المقاومة الفلسطينية البسيطة أظهرت هشاشة ورعب المجتمع الإسرائيلي المعتمد على ( الدلع ) وعلى رفاهية العيش وعلى كون إسرائيل أرض الميعاد والمن و السلوى المحمية من رب العرش وفقا للرؤية التوراتية و الصهيونية وقد أمن المجتمع الإسرائيلي طيلة سنوات الصراع و الحروب مع العرب خلال أعوام 1948 و1956 و1967 و1973 و1978و1982 و2006و2008 سلامة مدنهم الداخلية وعدم إصابة المدن الصهيونية بإطلاقة عربية واحدة ولو عن طريق الخطأ فكان مهرجان الرعب الإسرائيلي الشعبي الكبير الذي حاول قادة إسرائيل التعبير عنه من خلال الإفراط في ضرب المدنيين الفلسطينيين في جريمة إرهاب دولية لا تجد من يردعها في ظل خنوع إدارة اوباما المخزي و نفاق الإتحاد الأوروبي التاريخي وحالة عدم الإستقرار او وضوح الرؤية في العالم العربي في زمن الثورات و الإنتفاضات و الذي لابد في التهاية أن يفرز واقعا سياسيا جديدا يتجاوز حالة الشلل وضياع البوصلة القائمة حاليا وهو إحتمال قائم بكل تأكيد ، في كلمة الشيخ حمد بن جاسم تحديد لمكامن الخلل القومي الفظيعة و التي جعلت العالم العربي رغم إمتلاكه لكل وسائل القوة المادية و البشرية مجرد متفرج أبله على المجازر الإستئصالية للكيان الصهيوني العنصري الإسرائيلي الغاصب ، لقد سبق لأمير دولة قطر أن حذر إسرائيل من ضياع فرصة السلام ومن ان المبادرات لن تستمر لأبد الدهر ومن أن المزاج الشعبي العربي العام سيفرض رؤاه في النهاية مما يجعل إسرائيل تعيش في رعب حقيقي ، وطبعا لا تنتظروا من دولة قطر أن تقوم بدور ( أبو عنتر ) وتتطلع لأدوار أكبر من إمكانياتها البشرية و العسكرية ، ولكن قطر ومعها دول مجلس التعاون الخليجي لن تقصر أبدا في رفد المقاومين بكل أسباب القوة و التمكن ولن تتوانى عن أداء واجبها القومي رغم كل حملات الإساءة و الخبث و التشويه المعروفة ، فقطر ودول الخليج لم ترفع يوما الشعارات الحماسية الفارغة من مضامينها الطبيعية بل كانت وما زالت تتصرف وفقا لإمكانياتها وطاقاتها وإجتهادها في عملية إدارة الصراع الدبلوماسي و السياسي و الإعلامي وفق رؤية ومنهجية قومية واضحة وشفافة ، الأنظمة العربية بأسرها اليوم مطالبة بتحديد موقف وتيني ستراتيجية دعم حقيقية لحقوق الشعب الفلسطيني و مؤازرته ضد حرب الإبادة و الإستئصال الصهيونية المجرمة ، فكل حسب إمكانياته وجهده و ما يستطيع تقديمه ولكن ضمن إطار علمي مدروس وممنهج وبعيدا عن لغة الشعارات الميتة التي إنتهى سوقها وتلاشت ميادين عروضها الفاضحة.

نعم نحن أمة من النعاج حينما ربطنا مستقبلنا وحياتنا بشعارات مضحكة وفضفاضة ، ومالم تتم و بسرعة عملية بناء وتوافق ستراتيجي للعمل القومي فستتحول شعوبنا لكميات مهملة على ناصية التاريخ ، فالنعاج لايصنعون التاريخ ، وشكرا يا معالي الشيخ حمد بن جاسم ، فصراحتك قد تجاوزت المألوف ، وعليك الإستعداد لتلقي سكاكين الحقد و الشتيمة.. فذلك هو قدر الأحرار.

[email protected]