نزار جاف
الفأر الذي بدأ يلعب فيquot;عبquot;مسعود البارزاني، إنطلق اساسا من داخل عمامات ملالي إيران، وهو فأر غير عادي لأنه يدري بکل المسالك و الدروب و يعرف کيف يدخل و متى يخرج و ماذا يفعل!
معسکر أشرف الذي کان الشغل الشاغل لرئيس الوزراء العراقي و کان يرکز عليه الى الحد الذي يدفع المرء للإعتقاد بأنه لم تبق من مشاکل و أزمات للعراق سوى مشکلة معسکر أشرف، يبدو أن إخلاء هذا المعسکر قد يفتح بابا لايمکن غلقه بسهولة خصوصا مالم تکن هناك ضغوطات دولية و إقليمية تمارس على الطرفين و لاسيما على نوري المالکي.

معسکر أشرف الذي صار بعد سقوط النظام العراقي السابق مسألة مثيرة للجدل، يظهر أن إصرار حکومة نوري المالکي على جعله مقرا لقيادة قوات دجلة الموجهة ضد الکرد، سيسلط عليه من جديد الاضواء بقوة، واللافت للنظر هنا هو أن المالکي لايأبه او يکترث للنتائج و التداعيات و مستمر في موقفه المتشدد من الکرد عموما و من البارزاني خصوصا، حتى وصل الامر به الى أن يعلن بأن البارزاني و المسؤولين الکرد ممنوعين من السفر من دون إذن رسمي، ومن المتوقع أن يقود هذا الموقف الجديد الى موقف کردي يميل للمزيد من التشدد ضد المالکي، لکن السؤال الذي يجب طرحه هنا هو: ماهو مقدار و حجم التشدد الذي سيتخذه الکرد مجددا ضد المالکي؟ وهل ان ذلك کفيل بالتأثير على الرجل الذي يحظى بدعم مکشوف من ملالي إيران و يعتبر رأس حربتهم في العراق؟

مسعود البارزاني الذي بدأ يتحرك منذ مدة بطريقة لايبدو أنها قد أعجبت ملالي إيران، أرسلوا له العديد من الاشارات و الرسائل الرمزية لکن البارزاني وعلى مايبدو وعلى الرغم من فهمه الکامل لمضمون تلك الاشارات و الرسائل إلا انه لم يغير من اسلوبه و نهجه شيئا يذکر، وهذا مادفع بنظام الملالي الى ترجمة أقوالهم أفعالا، خصوصا لو دققنا قليلا في أن إخلاء معسکر أشرف کان اساسا مطلبا ملحا للملالي أنفسهم و أن جعله مقرا لقيادة قوات دجلة تحمل في طياتها معاني کثيرة جدا خصوصا وان نظام الملالي قد أطلق إشاعات من خلال مواقع مشبوهة تابعة له على شبکة الانترنيت إتهامات للبارزاني بعلاقة مزعومة له مع منظمة مجاهدي خلق وانه قد تلقى رسالة من الزعيمة الايرانية المعارضة مريم رجوي.

الاختلاف الحالي الذي يفصل بين المالکي و البارزاني يترکز على نقطتين رئيسيتين هما:
ـ المناطق المتنازع عليها.
ـ الموقف من النظام السوري.

المناطق المتنازع عليها مسألة لايبدو أنها تهم نظام الملالي وخصوصا في الوقت الحاضر، بل وحتى من الممکن أن يجدوا لها حلا فيما لو ارادوا ذلك، لکن المسألة العويصة التي تهمهم هي الموقف من النظام السوري و الذي يظهر واضحا أن مسعود البارزاني يحبذ رکوب الموجة الدولية الرافضة له و الداعية لإسقاطه، على العکس تماما من نوري المالکي الذي لايجد غضاضة من الإصطفاف على نفس الرصيف الذي يقف عليه ملالي إيران و الذي يدعم و يساند نظام بشار الاسد بقوة و يرفض الاطاحة به و يبحث عن حلول وسط بديلة للموضوع، ولو غير البارزاني موقفه من هذه المسألةquot;کما تؤکد اوساطا دبلوماسية في بروکسل و فيناquot;، فإن هذه المشکلة ستأخذ طريقها للحل بإيحاءات من الملالي.

ملالي إيران الذين يعيشون أياما صعبة و يمرون بمرحلة حساسة و استثنائية، يلعبون هذه الايام العديد من الاوراق و على أصعدة مختلفة من أجل أن يخرجوا من هذه المرحلة بأقل الخسائر المحتملة سالمين، ويعلمون بأن احدى الشروط المهمة الواجب توفرها لعبورهم الى مرحلة جديدة هي بقاء نظام بشار الاسد، ولذلك فإنهم لايسمحون لا للبارزاني و لالغيره من الساسة العراقيين الآخرين أن يغردوا خارج سربهم، ويقفوا حجر عثرة بوجه هذه المسألة، أما البارزاني الذي يسانده الطالباني على إستحياء في موقفه من قوات دجلة، فإن إستمراره في موقفه آنف الذکر من الاسد سوف يقود به الى معترکات و منعطفات أخرى متباينة خصوصا وان الملالي يعرفون کيف يلعبون على الارض العراقية التي للأسف باتوا متمرسين في کل أرجائها، فهل يعني ذلك أن البارزاني يسير في طريق ذي إتجاه واحد؟ الاجابة على هذا السؤال يعتمد على الموقف الامريکي الضبابيquot;المراوغquot;وquot;الهلاميquot;من هذه المسألة تحديدا، وهو الذي يحمل في ثناياه الکثير من الاجوبة الشافية على الاسئلة المتناثرة و المتراکمة هنا و هناك على هذا الفأر الذي بات يثير اليوم حفيظة الکرد و الذي لايمکن الامساك به إلا في طهران نفسها!