هل سيتم تقسيم سوريا؟ سؤال يدور على لسان السوريين وفي دول الجوار. في رأي الجواب سهل وبسيط للغاية. لماذا؟
الجواب هو ان سوريا منقسمة وصارت حقيقة واضحة على ارض الواقع. الا ان الجميع لايريدون سماع ورؤية الواقع والاعتراف به. نفس ردة الفعل التي يراها الاطباء عند مرضى السرطان عندما يتلقون خبر الاصابة بالمرض القاتل ويرفض الواقع وكأن الامر يتعلق بشخص آخر في الاسابيع الاولى من المرض.

لماذا نقول ان التقسيم حصل وانتهى؟
لأن الانقسام يبدأ بالانسان اولا ومن ثم يصبح حقيقة جغرافية وسيادية لاحقا.
الانقسام ترسخ بالفعل في نفسية و فكر وعقل وروح الانسان العلوي والسني. العلوي لم ولن يأمن جانب افراد الطائفة السنية لأسباب عديدة اهمها الارث التاريخي الرهيب وكذلك المجازر والدماء التي اهدرت في السنتين الاخيرتين تحت التاثير والشحن الاقليمي المذهبي من ايران وتركيا وقطر وبقية دول الخليج ومصر.

الارث التاريخي يعود الى العهد العثماني السني و لمدة خمسة قرون حيث كان الفرد العلوي مضطهدا ومنبوذا يلوذ باعالي الجبال هربا من القهر والعبودية. هذا التمييز الطائفي استمر حتى الانقلاب البعثي عام 1963.
في العقود الاربعة الاخيرة من الحكم العلوي لسوريا تعمق التشظي الطائفي ولكن دائما في الخفاء ومن وراء الظهر ونشأت الاجيال على النفسية الانفصامية المرضية متجاوزة التقية التي تشتهر بها كل شعوب الشرق وهو ان الظاهر كان دائما بالضد من الباطن.

في الاربعين السنة الاخيرة كانت ممارسات النظام طائفية حتى العظم، بينما كانت شعاراته كلها بعيدة كل البعد عن الممارسة ولم يتجرأ انسان واحد البوح بكلمة الطائفية والمذهبية علنا في الوقت الذي كانت الطائفية هو الحديث الوحيد على كل الالسنة دون استثناء ولكن في الخفاء والوشوشةلاسيما لدى افراد الطائفة السنية بحق العلويين بما فيه التكفير والاشاعات التاريخية المغرضة والشتائم وزرع روح الانتقام.
والحل او النية في البحث عن الحل؟

الحل هو نفسه في كل المعضلات والقضايا الكبيرة والعسيرة وذات بعد تاريخي مليء بالمآسي والكوارث. الحل يبدأ بالانطلاق من ارض الواقع والاعتراف بالحقائق والمكاشفة والتصالح مع التاريخ وهو الكفيل باطفاء نار الاحقاد التي لاتزال تشتعل في اعماق النفوس وتطهيرها من نوازع الانتقام.
ماذا عن الانقسام العرقي بين الكرد والعرب؟النظام ومن خلال الفتنة التي زرعها من خلال مخطط التعريب في المناطق الكردية فتح جروحا عميقة في الانتماء الوطني لدى الكرد. هذه الفتنة العرقية تعمقت اكثر من خلال الصمت والسكوت الكامل للطيف العربي ازاء هذه الجريمة البشعة طيلة تلك العقود. هذا السكوت والذي يُعتبر علامة الرضا لايزال ساريا حتى الآن وبشكل خاص لدى كل المعارضات السورية والتي هي في نفس الوقت دليل ساطع على الفكر العرقي الشوفيني السائد لدى العرب السنة.

امام هذا الواقع الخطير تأتي مجازر سري كانية راس العين على يد الجماعات المسلحة ضد الكرد والتي ترفع الشعارات القومية العنصرية العروبية والتي ستؤدي الى الانقسام في العقل والروح لدى الانسان الكردي ايضا كما هي حقيقة واقعية لدى الفرد العلوي كما ورد اعلاه.

هذ الروح الانقسامية العرقية ايضا قد تصل الى نقطة اللاعودة اذا استمر الساسة والمثقفون بالاستمرار في التهرب من الواقع وعدم تسليط الاضواء على الحقائق الصارخة.....النعامة لم تنجو ولا مرة واحدة من الاستفادة من كومة الرمل...............

طبيب كردي سوري
[email protected]