احياناً تعطينا الأشياء التي من حولنا إثارة او إشارة لا نتوقع حصولها، ولكنها تحصل على أية حال، فالأحذية الرياضية الخاصة بكرة القدم مثلاً، بتأريخها الممتد طويلا، أعطتنا هذه الإضاءة. المعروف ان بعض الشركات الصانعة لهذه الأحذية ثُبتت عليها ( براغي فولاذية ) لتزيد من سيطرة اللاعب اثناء اللعب، وتقلل من فرص سقوطه على أرض الملعب.

ولكن إحدى الشركات طورت هذه (البراغي)، حيث استخدمت نوعا من (اللدائن البلاستيكية) بمتانة عالية، بدلا من الفولاذ الذي كان يستخدم في صناعة هذه البراغي، وقد حقق هذا التطوير انجازاً مهما في دنيا الرياضة، حيث أصبح الحذاء الجديد أقل وزناً ببضعة غرامات من وزن الحذاء القديم. ولكن هل يستحق هذا الفرق الذي لا يتجاوز بضعة (غرامات) كل هذه الضجة التي جعلت بعض الشركات تدعي ان لها السبق في هذا التطوير.

يقول خبراء الملاعب وصناعة الأحذية الرياضية ان هذا الفرق اليسير في الوزن، يخفف على اللاعب في المباريات التي يلعبها وزنا يصل احيانا الى (الأطنان). لأن كل حركة يؤديها هذا اللاعب يحمل خلالها وزن هذه البراغي، والمعروف ان اللاعب في كل مباريات يحرك قدمية آلاف المرات ان لم يكن مئات الآف، فيصبح وزن هذه البراغي مضروباً بعدد حركات اللاعب، من هنا ندرك ما معنى ان يصبح حذاء الرياضي أخف ببضعة غرامات، ونعرف معنى هذه الضجة حولها.

لاحظنا مما تقدم الفرق بين النظرة السطحية لللأمور و النظره العميقة التي ترى ابعد من الظاهر البسيط والمقطوع عن سياقاته الواقعية. الى هنا انتهينا من عالم الرياضة والبراغي الرياضية. اقول كم عندنا من هذه (البراغي الإجتماعية ) الثقيلة والخشنة في حياتنا اليومية، بكل مجالاتها، المشكلة تكمن في نظرتنا السطحية لهذه البراغي المصنوعة من اصلب انواع العادات والأعراف واحياناً من التفاهات الصدئة، اننا نراها وقت حصولها فقط، وكأنها تحدث مرة واحدة.

ووفق هذا التصور السطحي، فهي لا تشكل شيئا خطيراً في واقعنا، ناسين انها تتحرك معنا في كل مناحي حياتنا، كالبراغي في حذاء لاعب كرة القدم. انها تلقي على كاهلنا أطناناً من الضغوط النفسية والإجتماعية والصحية بل، وحتى المالية.