رغم النجاح الدبلوماسي الكبير الذي حققه الرئيس الفلسطيني محمود عباس برفع تمثيل فلسطين الى مستوى دولة مراقب غير عضو في الامم المتحدة، الا ان القرار الاسرائيلي الاخير القاضي بإنشاء 3 آلاف وحدة سكنية جديدة في القدس والضفة الغربية سوف يكون البداية العملية للقضاء على آمال الفلسطينيين في اقامة دولة قابلة للحياة وعاصمتها القدس الشرقية.

لقد تقرر بناء الوحدات السكنية الجديدة في منطقة تدعى E1، وهي عبارة عن منطقة فارغة تقع بين القدس الشرقية ومستوطنة معاليه أودميم تبلغ مساحتها 12 كم مربع. ولهذه المنطقة خصوصية مختلفة؛ فإذا بنيت الوحدات السكنية الاسرائيلية فيها، فإنها ستسد الفراغ الموجود بين مستوطنة معاليه أودميم والقدس الشرقية، مما سيلحق القدس الشرقية بالمستوطنة، هذا من جانب. من جانب آخر، هذا من شأنه ان يحيط القدس الشرقية بقوس من المستوطنات، مما سيفصلها عن باقي مناطق الضفة الغربية وسيمنع الفلسطينيين من بناء منازلهم بين القدس الشرقية ورام الله. وهذا يعتبر استهداف واضح لعاصمة الدولة الفلسطينية المستقبلية ومحل الخلاف الطويل، وسيجعل اقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية أمراً مستحيلاً. اضافة الى ان المساحة الممتدة من القدس الشرقية وحتى أريحا ستصبح أراض اسرائيلية بامتياز.

لعل القرار الاسرائيلي لم يكن رد فعل على رفع تمثيل فلسطين -وهنا رد الفعل لا يساوي الفعل- وانما كان اتفاق سري ينتظر الفرصة المناسبة للظهور. خاصة إذا ما علمنا أن مثل هذا المشروع تبناه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الربع الاول من عام 2009 في صفقة سرية ابرمت بينه وبين زعيم حزب اسرائيل بيتنا افيغدور ليبرمان لبناء الوحدات الاستيطانية.

ان معظم الدول الغربية تدرك مدى خطورة هذا القرار الاسرائيلي والذي بالنتيجة سيعمق الخلاف في الشرق الأوسط، ولهذا نشهد تحرك دبلوماسي دولي واسع النطاق لثني اسرائيل عن قرارها. وهنا على اسرائيل ان تدرك أيضاً خطورة هذا القرار وتتدارك النتائج الوخيمة المترتبة عليه، وأولها تخلي الدول الغربية عن دعمها.

صحيح ان رفع التمثيل الفلسطيني الى مستوى دولة غير عضو هو بمثابة زرع بذرة الدولة الفلسطينية، لكن في نفس الوقت يجب عدم الاطمئنان من اضمحلال آمال انشاء الأوطان البديلة. فالاطمئنان مقبول نظرياً، لكن على المستوى العملي، فالأمر خطير واصبح تهديده أكثر من أي وقت مضى.


باحث ومحلل سياسي