لنبدأ بغزة. اثناء اشتداد المعارك بين حماس واسرائيل ارتاح النظام السوري عندما غابت الاضواء عن الازمة السورية، الا ان ذلك لم يدم اكثر من ثمانية ايام.

حرب غزة الاخيرة اثبتت للعالم اجمع ان امن وسلامة اسرائيل هو خط احمر للعالم الغربي وحتى للدولة الروسية وان لا تهاون او مساومة مع اية قوة تحاول حتى مجرد الاقتراب من هذا الخط.
امريكا وفرنسا وبريطانيا والمانيا وو...الخ وقفت منذ الساعات الاولى من بدء المعارك الى جانب اسرائيل وبشكل حازم دون تردد بالرغم من الفرق الهائل في ميزان القوى بين الطرفين.
الغرب الذي كان يلقي بصيصا من الضوء على آمال المعارضة السورية في الحصول على السلاح المتطور، اي صواريخ ستينغر والمناظير الليلية ومضادات الدروع وغيرها، قد انطفأ تماما مع حرب غزة.
لماذا؟

حماس واهل غزة اظهروا صمودا كبيرا في المعارك بالرغم من الخسائر الكبيرة في الارواح والممتلكات. لو كانت بيد حماس اسلحة متطورة مالذي كان سيحدث؟
لنتصور ماذا كانت ستؤول اليه المعارك العسكرية لو كانت تلك الاسلحة المتطورة المذكورة في ايدي مقاتلي حماس وبقية الجماعات الجهادية المسلحة؟. اعتقد ان خسائر اسرائيل كانت ستصل الى عشرة اضعاف وربما هزيمة منكرة في حال لو تدخلت اسرائيل في هجوم بري على غزة.

السؤال هنا : من يضمن ان الاسلحة المتطورة في حال ان المعارضة السورية حصلت عليها لن تصل الى حماس والقاعدة وبقية السلفيين والجهاديين؟ كل تلك المنظمات هدفها هو ازالة اسرائيل من الوجود اوالقائها في البحر في احسن الاحوال. كذلك المعارضات السورية لا تقبل بشرعية الدولة العبرية وهو امر بديهي.

اذن من السذاجة بمكان ان يفكر المرء في ان الغرب الذي هو حامي حمى اسرائيل سيقبل في نفس الوقت بازالتها من الخارطة.
من هنا يظهر وبكل وضوح ان حصول المعارضات والجيش الحر على الاسلحة المتطورة هو ضرب من الخيال لا يحصل الا في الاحلام.
بناء عليه سوف يستمر الصراع بين النظام والمعارضات السورية على هذه الوتيرة، بمعنى ان النظام لن يستطيع القضاء على المعارضة ولا الاخيرة يمكنها اسقاط النظام مما يعني بدوره استمرار الحرب الاهلية لسنوات وما ستجلبه معها من هدر في الارواح والدماء والدمار والهجرة والتشرد.

ماهي تداعيات الازمة المصرية على المعارضات السورية؟
الرئيس المصري كان قد قام سابقا بأول انقلاب له في شهر شباط من هذا العام عندما اصدر قراره باعادة الشرعية الى البرلمان الذي كان قد تم الغاؤه من قبل محكمة الدستور ونفذه العسكر بقيادة المشير طنطاوي.وقد فصلت ذلكفي مقال سابق نشرته ايلاف في حينه على الرابط التالي : http://www.elaph.com/Web/opinion/2012/7/747728.html
في خطوة لاحقة نجح مرسي في التخلص من المشير طنطاوي وذلك باقالته وبشكل مفاجئ دون مقدمات على غرار ما يحدث في اي نظام يتحكم فيه حاكم فرد.

ثم جاء الفرمان الاخير من الرئيس مرسي اي الاعلان الدستوري والذي يجعل منه حاكما اوحد في خطوة اخرى في درب تحويل مصر الى افغانستان طالبانية بيد الاخوان في المستقبل القريب.
الصراع في مصر سيستمر لمدة طويلة بين العلمانيين والاخوان، الا انني لا اتصور ان مصر ستدخل حربا اهلية حيث ان الشعب المصري شعب مسالم ويكره العنف واراقة الدماء وتاريخه يشهد على ذلك.
المعارضات السورية سواء كان المرحوم المجلس الوطني السوري او وريثه الائتلاف كانت ولاتزال تحت هيمنة الاخوان مدعومة من تركيا وقطر وآخرين وسابقا امريكا.

القنبلة الدستورية التي فجرها الرئيس مرسي كفيلة بقلب كل المعادلات السابقة رأسا على عقب. بالدرجة الاولى سوف يعيد الشعب السوري وبقية المعارضين خارج حركة الاخوان حساباتهم واستدراك ان ما يحصل الآن في مصر الاخوانية سينتظرهم في سوريا اخوانية في المستقبل وهو الاستفراد بالسلطة وادخال سوريا في خدمة اجندات الحركة الاخوانية العالمية وتداعياتها.

الغرب ايضا يعيد الآن حساباته و من المتوقع ان يسحب دعمه السياسي والمادي من الائتلاف والبحث عن البدائل غير الاخوانية بعدما ظهر ما كان يبطنه الاخوان في مصر وآخرها الاعلان الدستوري.
تركيا ستواصل دعمها كالسابق ولكن لا يمكن ليد واحدة ان تصفق لا سيما اذا علمنا ان تركيا هي المطاردة من قبل النظام السوري وصواريخ باتريوت التابعة للناتو هو اكبر دليل.

حزب العدالة والتنمية التركي بزعامة السيد رجب طيب اردوغان تخلص من هيمنة العسكر و ازلامه في جهاز القضاء من محكمة الدستور فنازلا في ثماني سنوات وثلاثة دورات انتخابية، الا ان اخوان مصر اصروا على اجراء نفس التغيرات في عدة اشهر!!.

هذه اشارة استفهام كبيرة لخطوات الاخوان لا يقدم عليها حتى الهواة في عالم السياسة، ام ان الرئيس مرسي والاخوان كانوا يسمعون وقع خطوات الجيش قادمة للاجهاز على السلطة في انقلاب بعد منتصف احدى الليالي مع قراءة البيان رقم واحد مع الحان الاناشيد الحماسية و المارشات العسكرية؟ وهو امر ليس مستبعد حتى هذه اللحظة.


طبيب كردي سوري