لست محاميا عن البارزاني ولكني وكل المواطنين العراقيين نشعر بقلق غامر وخوف كبير من تداعيات ومخاطر السياسة التي تنتهجها بعض اوساط دولة القانون ضد الشعب الكوردي إذ لا يمر يوم دون تصريحات استفزازية جديدة تصب مزيدا من الزيت على نار الازمات المتلاحقة التي يصطنعونها وتهدد مستقبل العراق ووحدة شعبه، فقد اتهم يوم امس قيادي اخر في دولة القانون إقليم كوردستان ( بإرسال مسلحين يرتدون زيا مدنيا الى كركوك )دون أي دليل ملموس وإنما كجزء من حملة تصعيد منظمه وسياسة مرسومة لتوزيع الاتهامات بغية تأليب الشارع العراقي ضد الكورد ومن أجل توفير المقدمات اللازمة لشن عدوان كبير مبيت ضد الاقليم وشعبه، وإمعانا في إثارة الشكوك والمشاكل حول السياسة التي يتبعها الاقليم إزاء الحكومة الاتحادية يؤكد هذا القيادي بأن ( البارزاني يتصرف وكأن الاقليم دولة مستقلة وليست جزء من العراق ) والعراقيون يعرفون جيدا ان الشعب الكوردي وقياداته السياسيه ومن بينها السيد البارزاني اختاروا عام 1992 ومع وجود قرار دولي لحمايتهم النظام الاتحادي حرصا منهم على حقوقهم القومية من جانب وعلى وحدة العراق وشعبه من جانب اخر، وهو نفس الموقف الذي أعادوا تأكيده وترسيخه عشية سقوط النظام الدكتاتوري حيث كان أمام الكورد فرصة تاريخية للانفصال او فرض شروطهم بل فرصة تاريخية للسيطرة على الاقل على ما تسمى اليوم بالمناطق المتنازع عليها وهو أمر لم يقدم عليه لا السيد البارزاني ولا القيادات الكوردية الاخرى احتراما لإرادة الشعب العراقي والإجماع الوطني وحل المسألة بالحوار والاتفاق من اجل إرساء دعائم عراق ديموقراطي قوي قائم على الالتزام بالهوية الوطنية واحترام إرادة مكوناته الاثنية.

القيادي في دولة القانون يتساءل عن ( هل كوردستان دولة مستقلة لتحشد قواتها ضد القوات الحكومية )، وكأن العراقيون يعيشون في المريخ ولا يعرفون من يحشد القوات ضد من، وهل قوات مايسمى بعمليات دجلة هي تابعة للبارزاني والإقليم أم للحكومة الاتحادية؟ وهل تتحرك بناء على اوامر الاقليم أم ان السيد رئيس الوزراء ومستشاروه المعروفون بعدائهم لشعب كوردستان هم الذين يحركون هذه القوات التي لا مبرر لوجودها اصلا واعتبرت من قبل معظم العراقيين وقواه الوطنية أن وجودها تصعيد خطير قد يؤدي الى حرب أهلية مروعه.

دولة القانون وعلى لسان هذا القيادي تؤكد ان مشكلة الاقليم هي (في سيطرة البارزاني وعائلته على الاقليم وليس مع بغداد) على طريقة كل إناء ينضح بما فيه فمشكلة العراق هي مع سيطرة بعض اوساط دولة القانون وتفردهم بالحكم ولكن كما سبق وان كتبت في ايلاف الغراء بان هذه القيادات لا تقرأ وإلا لسمعوا باجتماع القوى السياسية الكوردية، سواء التي في السلطة او في ألمعارضة وخرجت بقرار موحد تستنكر وتدين الاستفزازات التي تقوم بها عمليات دجلة وتطالب بإلغائها كما تطالب بسحب الثقة من السيد رئيس الوزراء الذي ينتهج سياسة اقل ما يقال عنها انها فاشلة وتهدد وحدة العراق ومستقبله.

ان على قادة دولة القانون الذين يصرون على جر البلاد الى اتون حرب اهلية طاحنة،ان يعرفوا بأن توجهاتهم باتت معروفه للجميع وان سياسة خلق الازمات وتصعيدها ورفع الشعارات العنصرية لن تسعفهم في الانتخابات القادمة والمشكلة لا تكمن في السيد البارزاني او في العراقية او في الصدريين،

وإنما مشكلة العراق وشعبه هي في دولة القانون وإصرار بعض الاوساط فيها على بناء نموذج دكتاتوري جديد ونظام الحزب الواحد الذي اصبح في ذمة التأريخ.

المشكلة في نظام دولة القانون وسلطتها التي لم تقدم أي شيء للشعب العراقي عدا فضائح الفساد والرشوة وسرقة المال العام كما في عملية شراء الاسلحة الروسية على سبيل المثال لا الحصر.

المشكلة هي في تجميد الدستور ومواده وإلغاء دور السلطة التشريعية وعدم الالتزام بأي اتفاق يوقع عليه، هي في سياسة الغاء الاخر والتسلط وفرض لون واحد واللجوء الى الطائفية والمحاصصة واحتكار كافة مرافق السلطة حتى القضاء والمصرف المركزي العراقي لم ينجو من عبث دولة القانون.

المشكلة هي في معاداة التنوع والفيدرالية وإقليم كوردستان بشكل خاص واللعب على وتر القومجيه وهم الد اعداء العرب والعروبة، هي في محاولة إعادة عقارب الساعة الى الوراء الى حروب الابادة الجماعية والأنفال والأسلحة البيوكيمياوية وتغيير ديموغرافية الاقليم.

المشكلة وما اكثر مشاكل دولة القانون هي في فشل سلطتهم على توفير الامن والخدمات التي اصبحت حلم العراقيين واضطر الكثيرون منهم الى اللجوء الى إقليم كوردستان هربا من الفقر والمرض والكواتم.

المشكلة في دولة القانون التي لم تعد صالحة بكل المقاييس لإدارة البلاد وعلى الناس الوطنيين والطيبين فيها الوقوف بوجه هذه التوجهات الخطيرة قبل ان ينفجر غضب الشعب العراقي ومستضعفيه ضد كل اولئك الذين يعبثون بمستقبلهم ووطنهم ووحدة بلادهم.

* كاتب عراقي * [email protected]