مع تطور الموقف الميداني العسكري ووصول الثورة السورية لعمق العاصمة وضربات الثوار المركزة على محيط مطار دمشق، إضافة لتساقط غربان الشر والجريمة وتهاوي السلاح الجوي العدواني الذي اعد لإفناء الشعب وإستئصال كل بذور التحرك فيه، يبدو مصير النظام السوري واضحا وشفافا وهو يسير الهوينا نحو حتفه وحيث يستقبل مصيره القادم القريب في مزبلة التاريخ التي أعدت له ولأمثاله من عتاة القتلة والفاشيين، لقد أثبتت مناقشات الجمعية العامة للأمم المتحدة حول الملف السوري عن عقم دولي كبير في معالجة ذلك الملف، وعن فشل قيمي كبير أحاق بالمنظمة الدولية وعن إعلان واضح بإفلاس وفشل خطة المبعوث العربي والدولي الأخضر الإيراهيمي التي أضحت مهزلة حقيقية في ضوء تصاعد المشهد العسكري وإزدياد حدة المواجهات الميدانية ووصول حالة إدارة الصراع لنهايات حاسمة ومؤلمة وبما يفرض إستحقاقات وطنية جديدة باتت تتجه إليها الأوضاع، فمعركة دمشق هي في بدايتها وستكون معركة صعبة وشرسة بمختلف المقاييس لأنها عبارة عن مواجهة شاملة وحقيقية ونهائية بين النظام وجيوبه وأنصاره وبين قوى الشعب السوري الحر المنتفضة والتي بيدها وحدها لابيد أي طرف آخر إنهاء النزاع وحسمه على الأرض وتقرير شكل سوريا المستقبلي الذي يكمن في ضرورة بناء ورعاية نظام تعددي ديمقراطي عادل ومسالم يعوض الشعب السوري عن عقود الهيمنة الفاشية والتسلط الفردي والنهب العائلي المنظم، مسألة سقوط نظام آل الأسد أضحت مسألة تحصيل حاصل مرتبطة بالوقت وبمجموعة من الترتيبات الفنية الأخرى والتي بإستكمالها ينتهي كل شيء وتصدر شهادة وفاة النظام الذي إنتهى عمليا وواقعيا منذ أن لجأ لإستخدام مخزونه التسليحي ضد شعبه،وهي الحقيقة التي تعرفها الأطراف الدولية الداعمة للنظام جيدا والتي حان اليوم وقت تخليها عنه وتحولها الستراتيجي للتعامل مع قوى المستقبل التي فرضت نفسها بتضحيات الشعب السوري الهائلة، الموقف الروسي وهو الأهم قد شهد إنقلابا جذريا عبر الإستعداد عن الحديث عن سوريا بدون آل الأسد!، والموقف العراقي الرسمي يشهد إنقلابا واضحا نحو العودة لما ينبغي أن يكون عليه الحال عبر الإعلان الرسمي عن الوقوف لجانب الشعب السوري، أما الموقف الإيراني فهو لايمتلك الكثير من المعطيات التي من شأنها تغيير الموقف المتداعي لصالح النظام المنهار، فطهران تخشى من إنتقال فايروس الحرية نحو ديارها وهو ماسيحصل في نهاية المطاف، فنهاية الفاشيين واحدة في مختلف الأحوال، وإنهيار نظام دمشق سيتبعه بكل تأكيد بداية زلزال التحرك الشعبي الإيراني وإحياء ربيع طهران الثوري الواعد والذي ستعيد نتائجه رسم خريطة الشرق القديم، نجاح وإنتصار الثورة السورية بات قاب قوسين أو أدنى والفضل كل الفضل لصمود الثوار وقة سواعدهم وتضحيات الشعب السوري العظيمة وإلتفافهم حول ثورتهم الإيمانية السلمية التي أبى النظام الدموي إلا أن يرسم حروفها بالدم السوري الحر العبيط، لاعاصم اليوم من أمر الله، وقد فرض الأحرار خيارهم الطبيعي والتحرري ولا بديل أبدا عن حالة التصر الكامل والذي ستتبعه تحديات أقوى وأخطر من تحديات الثورة والشهادة، إنها تضحيات البناء المستقبلي، فمن السهل على مدافع الثوار وصواريخهم أن تهدم القديم المتداعي، لكم من الصعب عليهم وكما أثبت تاريخ الثورات العالمية بناء الواقع الجديد في ظل تداعيات وتحديات وإستقطابات ومطامع وأهداف بعضها يهدف لتحويل سوريا الحرة لكيان متعصب متخلف في نكوص واضح عن الدور الحضاري الكبير للشعب السوري في الشرق القديم، وهو دور إنفتاحي شفاف ومعطاء يتميز بالتدفق الحضاري والعطاء القيمي والأخلاقي، سوريا التي شارك كل الشعب السوري في صياغة وكتابة تاريخها الحر لايمكن أن تتحول لمستوطنة متخلفة من التعصب و التخلف لأنها عبر التاريخ واحة للتلاقح والتبادل الحضاري، فمنها إنطلقت أزهى الحضارات القديمة وفي دروبها وحواريها وعلى روائح ياسمينها الشهير أنتجت الدولة الأموية خلاصة عبيرها الحضاري ومنها وبها وعن طريقها عرف الشرق القديم بأسره بدايات التطور والإنفتاح والتواصل، إنها سوريا الحرة العصية على التدجين والإنكفاء ترنو بعد نجاح ثورتها لإستعادة دورها الحضاري المعطاء ولبدء مرحلة جديدة من البناء الوطني الشامل التي هي مهيئة له، النظام المتخلف وهو يندحر سينهار بشكل فضائحي ليشكل إنهياره التام قمة الإنتصار الشعبي وهو ما سيسقط في النهاية كل سيناريوهات الخراب والتشظي والحرب الأهلية المفترضة التي لن يكون لها محل من الإعراب في سوريا الحرة الجديدة، عصر سوري جديد يوشك على البزوغ وسيتمرغل النظام المجرم في أوحال مزبلة التاريخ، فقد إستعاد الشعب السوري الحر قراره وسيبني سوريا الجديدة بأقوى من زخم الثورة الهادر... فالأحرار لايعرفون المستحيل..

[email protected]