ان متابعة تطورات الحالة الكردية وما حدث من خلافات مع بغداد نرى أن الأكراد لا يزالون يعولون على الدور الأميركي في العراق رغم أن كل المؤشرات تدل على أنه رهان خاسر. فهل أصيب القادة الأكراد بنوع من العمى السياسي؟

فهل نسوا دعم ادارة الرئيس الامريكي باراك اوباما للحكومة العراقية؟ وهل يوجد رئيس في الولايات المتحدة الامريكية يقدم على اتخاذ قرارات خارج الأجماع العام الامريكي؟ وهل يدركون حقيقة أن الولايات المتحدة الامريكية وحلف الأطلسي وبالتنسيق مع اسرائيل تستعمل تركيا كثقل مضاد ضد ايران والعراق و تطور في الفترة الأخيرة الى ثقل مضاد لسوريا.

يضاف الى ذلك نجاح اللوبي الأسرائيلي في تطويق النزاع العربي الأسرائيلي من جديد بعد فوز الرئيس أوباما في الانتخابات الأخيرة، و واللوبي الاسرائيلي سوف لن يقبل في هذه المرحلة عمل الأدارة الامريكية مع الأكراد كحليف محتمل لأنها مسألة تمس مصير المنطقة وتؤثر على حساباتها الأستراتيجية، بسبب فرص السلام القادمة بعد ثورات الربيع العربي والنداءات الدولية الاخيرة لأسرائيل التي حثتها على ضرورة المباشرة بالمفاوضات مع الفلسطينيين، ولذلك لن تستطيع الأدارة الامريكية بسبب علاقتها الأستراتيجية مع أسرائيل ودورها المرتقب في قضية السلام في الشرق الأوسط أن تؤدي دور الصديق الفعلي للأكراد.

لقد أعلنت الولايات المتحدة الأميركية بعد أحتلالها للعراق وبشكل واضح أنها صاحب مشروع تغييري في الشرق الأوسط عبر ما أسمته بسياسة الفوضى الخلاقة. ورغم كل هذا الوضوح في غايات وأهداف الأستراتيجية الأمريكية في المنطقة وانهيار العديد من الانظمة السياسية في المنطقة، يجد القادة الأكراد أنفسهم أمام أتجاهين سياسيين متباعدين للتعامل معها. أحدهما وهو الغالب ما زال يرى أن التحالف مع الولايات المتحدة قدر لا خيار فيه رغم القلق من الأدارة الأمريكية الحالية بسبب دعمه القوي لبغداد، والثاني أن علينا التعامل مع نفوذ وهيمنة الدول الأقليمية من منطلق انه ليس لدى الأكراد القدرة على مواجهة تركيا وأيران.
هذا الواقع يجعل البعض يتساءل هل من الصحيح بأن قادة الأكراد لا يمتلكون أزاء الهيمنة الأمريكية والدول الأقليمية سوى خيار الالتحاق والعمل وفق أجندة تلك الدول؟

واذا كان خيار الألتحاق غير مقتصر على القادة الأكراد فلماذا لم يلتحق المالكي بالموقف الامريكي من الأزمة في سوريا وفي ملفات كثيرة مثل ملف شراء الأسلحة أو علاقته بأيران؟
ولانقصد أن على القادة الأكراد تبني رؤية اقليمية ودولية جديدة تتبع سياسة المواجهة لانها غير واقعية ولكن مع التغيرات التي طرات على السياسة الاستراتيجية الامريكية في المنطقة وانسحاب قواتها من العراق ونشوء فراغ يصعب على واشنطن أن تملأه يمكن لأقليم كردستان أن تستفيد من المستجدات و المتغيرات لتوسيع هامش أختياراتها الأقليمية والدولية وتبني رؤية سياسية عراقية موحدة.

وعلى القادة الأكراد أن يدركوا أنه في أي نقطة زمنية ستكون عملية أستنهاض الوضع الكردي من وضعه هو خلاصة مسار مدرك وموجه ومستمر،بتعاظم اعادة بناء الداخل سياسيا وأجتماعيا وتحقيق التنمية الحقيقية. وأفساح المجال بشكل أوسع أمام المشاركة السياسية وصنع القرار، والسير بعملية الأصلاح السياسي كحاجة داخلية ملحة تفرضها عملية تطوير المجتمع وتحديثه.

ان الرهان الكردي على واشنطن أو أنقره رهان خاسر وتفتقر الى أبسط الأبعاد الأستراتيجية وسط تكهنات تشير بأن الأكراد قد يطلبون نشر قوات اميركية في المناطق المتنازعة.لقد أن الأوان لأن تدرك أربيل أن العمل الكردي المنفرد أو الالتحاق بمعسكر الخصوم، لن يجدي في حماية أمن أقليم كردستان وسيؤدي الى زيادة حدة التدخلات الأطراف الخارجية في صميم أمورنا.

ان اعادة الاعتبار والحياة للعمل الجماعي العراقي الموحد هو وحده الكفيل بتحجيم الوصايات الأجنبية، والضامن الحقيقي لبقاء الدولة العراقية الاتحادية وسلامتها الأقليمية.
فمثلما يتهم المالكي بالتصعيد في كركوك من أجل كسب اصوات السنة فالبرزاني متهم ايضا بتأجيج الموقف لارساله للبشمركه الى كركوك من أجل كسب أصوات الجماهيير وحشد تاييد قوى المعارضة في الداخل.
وهذه هي الحقيقة التي يتنازعها المالكي وبرزاني التي كسب المالكي اولى جولاتها.


[email protected]