أرسلت بالأمس بطاقة الإستفتاء على دستور مصر وبالطبع قلت quot;لاquot; لهذا الدستور، والأسباب كثيرة، منها أنني بداية إعترضت على تشكيل لجنة الدستور والتى ضمت العديد من البشر والذين لا يعرفون الفرق بين الدستور وبين كوز الدرة، لقد أهمل تشكيل لجنة الدستور أعلاما كبيرة من الفقهاء الدستوريين المصريين لا لسبب إلا أن توجهاتهم قانونية وليست أخوانية، ثم أن قرار المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب نظرا لعدم دستورية إنتخابه كان من المفروض أن يحل لجنة الدستور اتوماتيك لأن ما بني على باطل فهو باطل وهي قاعدة فقهية وقانونية وبديهية ولكن عناد الرئيس وجماعته وأهله وعشيرته من ناحية وضعف المعارضة في هذا الوقت وتفرقها من جهة أخرى جعلت لجنة الدستور تستمر لعدة أشهر، حتى فاجئنا الرئيس بالإعلان الدستوري والذي كان يهدف أساسا إلي تمرير الدستور قبل أي شئ آخر لأن جماعة الرئيس تدرك تماما أن الدستور هو أبو القوانين ومن رحم هذا الدستور سيتم تفصيل أي قوانين ترغبها الجماعة وستتم ولادات قيصرية عديدة من رحم هذا الدستور.
وتوالت الفضائح بعد الإعلان الدستوري المشبوه، ففي ماراثون عجيب تفوق على ماراثون نيويورك الشهير صدرت تعليمات quot;إلهيةquot; لتلك اللجنة بأنه يجب أن ينتهي الدستور ويتم الموافقة عليه ويقدم للرئيس والذي سيقوم بدعوة الناخبين كل هذا قبل يوم الأحد 2 ديسمبر، وقد تم هذا وكانت فضيحة كبرى على الهواء مباشرة أن توالى إنعقاد لجنة الدستور حتى بعد مطلع الفجر ولم يكن مسموحا للأعضاء بالمغادرة وربما عدم الذهاب للحمام!! قبل الإنتهاء من عملية سرقة الدستور من الشعب المصري، ثم تم تقديم الدستور للرئيس على الهواء مباشرة والذي لم يقرأه وتوجه مباشرة لتوجيه الدعوة للإستفتاء رغم أنه قبلها ب 24 ساعة فقط صرح في مقابلة تليفزيونية بأنه سيقرأ الدستور عندما يقدم إليه وإذا وجد أي مادة تحتاج إلي إعادة نظر فسوف يقوم بإعادته إلي اللجنة لإعادة النظر، ولكنه لم يفعل هذا ولكنه إكتفى بإخراج الدستور من المظروف ولم quot;يفرهquot; بسرعة حتى لكي يخزي العين ولكنه ذهب مباشرة لدعوة الشعب للإستفتاء بعد 15 يوم مع أن القانون يمنحه فترة 15 يوم لمراجعته وعرضه على الشعب (الذي لا يقرأ أساسا)!!
ولم يكتف الرئيس وجماعته بهذا ولكنهم في تصرف مخجل قد يكون الأول في التاريخ أرسلوا ميليشياتهم لمحاصرة المحكمة الدستورية العليا ومنع أعضائها من ممارسة أعمالهم بل والتهديد علنا بقتل قضاة المحكمة الدستورية العليا وإحضارهم في شكاير للرئيس!!، ولم تستطع الحكومة من حماية مبنى المحكمة أو تمكين أعضاء المحكمة من دخول المبنى، وهو نفس المبنى الذي أقسم فيه الدكتور مرسي القسم الدستوري وبعدها أصبح رئيسا وهم نفس الأعضاء الذين شكرهم الرئيس وشكر المحكمة لأنها صرحا شامخا، ولكنه للأسف لم يستطع حماية هذا الصرح الشامخ، ليس هذا فحسب ولكنه لم يستنكر أبدا لا هو ولا أي من قادة جماعته أو أهله وعشيرته حصار هذا quot;الصرح الشامخquot; وتهديد قضاته بالقتل.
وأنطلقت المظاهرات في مصر بعضها مؤيد وبعضها معارض وسقط الضحايا ولكن جماعة الأخوان والأهل والعشيرة شيعوا جنازة ضحايا الأخوان على أنهم شهداء، أما الباقون فيمكن إعتبارهم quot;ولاد كلبquot;، أو على حد قول أحد زعماء المتأسلمين :quot;قتلانا في الجنة وقتلاهم في النارquot; وفجأة أصبح الأهل والعشيرة يمثلون المسلمين وأصبحنا نحن وباقي الشعب المصري من كفار قريش.
ولم يكتف المتأسلمون بهذا بل حاصروا مدينة الإنتاج الإعلامي وأرسلوا تهديدات بالقتل لكل الإعلاميين الذين يخالفوهم في الرأي، مع أن هؤلاء الإعلاميون المصريون أنفسهم هم من جعلوا من عبود الزمر (القاتل) بطلا قوميا، وجعلوا من حازم لازم (مرشحا رئاسيا ndash; لولا قدر الله ووالدته الأمريكية الجنسية)، وجعلوا من محمد مرسي نجما ورئيسا للجمهورية.
وأمتدت بذاءات بعض من يدعون التدين (وكل رأسمال تدينهم هو الذقن والزبيبة والجلباب) إلي أهل الفن والأدب والثقافة فالممثلات داعرات وأدب نجيب محفوظ يشجع على الدعارة والسينما فاسدة والفن فاسد ويجب هدم أبو الهول والأهرامات لأن حضارة مصر الفرعونية هي حضارة عفنة!!
وإمتدت تلك البذاءات إلي المصريين المسيحيين بأن تم إتهامهم بالكفر وتمت السخرية من دينهم ومن كتابهم المقدس وحرقه على مرأي من العالم دون أن يتم القبض على أي من أدعياء الإسلام هؤلاء ويتم محاكمته بتهمة إزدراء الأديان وتأجيج الفتنة الطائفية.
وتحت ضغط المظاهرات الصاخبة وإضراب القضاة وتحت ضغط حرق مقار الأخوان (وهي جريمة بكل المقاييس لا يمكن تبريرها) رجع الرئيس مرسي (كعادته وربنا لا يقطع له عادة) عن قراراته الدستورية، ولكن بعد أن نفذ ما أراد وقدم الدستور للإستفتاء في الموعد الذي حدده من قبل، وبعد أن قطع الطريق هو وميليشياته على المحكمة الدستورية العليا لإتخاذ أي قرار ضد قراراته.
وسياسة قطاع الطرق تلك والتي يمارسها الأخوان والأهل والعشيرة لا تبني بلدا ولا توظف شابا ولا تعالج فقيرا ولا تعلم طفلا ولكنها تخلق دولة فاشلة بكل المقاييس وليكن لنا في الصومال والسودان وأفغانستان عبرة لمن يعتبر.
وأنا لا أريد الحديث المطول عن أسبابي الموضوعية لرفض الدستور، ولكن أكتفي بذكر مادة واحدة وهي كافية لتدمير أي دستور وتحويل مصر إلي مصرستان، ألا وهي المادة التى تفسر المادة الثانية من الدستور (مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع) وهي المادة 219 والتي تنص على:
quot;مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية، وقواعدها الأصولية والفقهية، ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعةquot;
فكما ترون هي مادة مطاطة هلامية يمكن أن ينتج عنها آلاف القوانين الظالمة والمقيدة للحريات والفن والأدب والحياة بصفة عامة، يكفي أن يجئ أحدهم بفتوى لإبن تيمية (وهو يعتبر مصدرا معتبرا من مذاهب أهل السنة والجماعة) تقول تلك الفتوى بأن النصارى هم من الكفار يجب دعوتهم للدخول لللإسلام أو قتالهم أو طردهم من الديار أو دفع الجزية عن يد وهم صاغرون!!
وهناك آلاف الفتاوى من المصادر المعتبرة لأهل السنة والجماعة إللي تودي في داهية أي دولة في العالم.
ويكفي بالنسبة لي المادة 219 لكي أرفض هذا الدستور.
والكلمة الآن للمصريين، قولوا quot;لاquot; لهذا الدستور إن أردتم الحياة بشرف وكرامة دون تسلط ممن سرقوا ثورتكم والآن يتحدثون بإسم الثورة حتى أنهم أطلقوا على هذا الدستور اللقيط quot;دستور الثورةquot;، فيا أيتها الثورة كم من الجرائم ترتكب بإسمك!!
[email protected]
تابعونا على تويتر
@samybehiri
التعليقات