عام آخر ينصرم وسورية من مرحلة الى أخرى،من احتجاجات خرج بها الشعب لمواجهة الطاغية بالأهازيج والشعارات السلمية والتي كانت في مجموعها دعوة للوحدة ونبذ الفرقة الى كفاح مسلح ضد حكم استبدادي طغى بتجبره ودمويته على البائد صدام حسين في العراق والقذافي في ليبيا.

من سنة الى أخرى ومن مجزرة الى أخرى ترتكبها شبيحة السلطة مزودة بآلة القتل الروسية والإيرانية يستمر الشعب السوري البطل في مسيرته وصموده الكفاحي ململما جراحه، فيما نفاق السياسة الدولية الذي فاق كل المعايير يستمر أيضا في شراكته مع النظام. الموقف الروسي يزداد غباء في تعاطيه مع الصراع الدائر في سورية. لا فروف كان يقول في تصريحاته السابقة بأنه ليست المعارضة السورية من تقرر بقاء الأسد أو تنحيه عن السلطة بل الشعب السوري، بالأمس ذهب أبعد من ذلك في تصريحه الأخير اذ قال بأنه ليس المجتمع الدولي من يقرر بقاء الأسد أم لا بل الشعب السوري، منذ متى كان للشعب السوري في الداخل صوتا بوجود الأسد على رأس السلطة في دمشق لكي يختار حاكمه. روسيا تتمادى في غباءها اذ تستمر في معاداة شعب كامل لأجل نظام في طريقه الى الزوال،فالشعوب هي الباقية والأنظمة فانية.

رفض الشيخ معاذ الخطيب لدعوة لافروف بزيارة وفد الائتلاف لموسكو ومطالبة الحكومية الروسية بالاعتذار من الشعب السوري على دعمها للنظام والقبول باللقاء مع الروس في دولة أخرى، مهما وصف بعدم الدبلوماسية فان ذلك جاء معبرا عن وجدان وألم المواطن السوري، ويعد أشجع تصريح سياسي منذ بدأ الثورة السورية حيث لامس رده الجرح النازف للشعب السوري الذي لا يتوقف سيله من جراء سياسة الدعم الروسي بالتقنية العسكرية ميدانيا والمعنوية من خلال وقوفها الى جانب النظام السوري في المحافل الدولية.

الحديث عن التوصل الى حل سياسي لانتقال السلطة بات في ظل المعطيات على الأرض السورية أقرب منه الى الهزل عن الجدية، بشكل خاص عندما يطرح بقاء الأسد في السلطة خلال مرحلته الانتقالية!
امّا الجحيم أو الحل السياسي هذا ما يقوله الابراهيمي ! كان من الأجدر به أن يقول ليس أمام الشعب السوري سوى الجحيم، فالتفاوض مع الأسد بزعم التوصل الى (حل سياسي) يعني أيضا احتراق السوريين في سعير جحيمه.

أين الحل السياسي والسلمي بعد كل هذه الدماء؟
أين ارادة التحول السلمي من طرف النظام والذي ترجمه من خلال لجوئه لأقصى أساليب القمع،التنكيل،التدمير والترويع من خلال ارتكابه المجزرة تلو الأخرى؟!
سلوك رأس النظام ليس الا تأكيدا للاستمرار في النهج الديكتاتوري الدموي مدعوما بحاشية اكتسبت امتيازات لا حصر لها في ظله، الأمر الذي يجعلهم على استعداد للقتال لآخر رمق.
الآن مع ارتفاع وتيرة المعارك في دمشق كثرت التخمينات والتوقعات من قبل الكثير من المحللين السياسيين بأن الأسد سوف ينتقل الى الساحل السوري لقيادة المرحلة التي سوف تتبع معركة سقوط دمشق، تلك ليست سوى تأويلات تعتمد على مبدأ طائفية الحرب، الأمر الذي حتى الآن ابتعدت عنه المعارضة في خطابها الوطني ورفضته معظم فصائلها ان لم تكن جميعها بشقيهم العسكري والسياسي، كما أننا يجب أن لا ننسى بأن النظام نفسه يحاول تحميل المعارضة بتهم السعي الى التقسيم والعسكرة الطائفية. الأسد صمد حتى الآن ليس فقط بدعم الطائفة العلوية فقط فأكثر من 80% من قوات الجيش السوري الحكومي ليسوا علويين وبمجرد اعتراف النظام بقيادة حرب طائفية من الساحل السوري سيجد نفسه وحيدا وسيكون قد قدم أفضل خدمة لتوحيد صفوف السوريين وبالتالي نهايته الحتمية.

تحرير دمشق هو السقوط النهائي لأركان نظام الأسد. الخشية من الصوملة التي يدعيها الابراهيمي و تحول النظام نفسه الى مليشيات والأسد الى أمير حرب لقيادة حرب داخلية مدمرة طويلة الأمد بعيدة الاحتمال أيضا فالحاضنة الشعبية لأركان النظام ستكون شبه معدومة.
الشعب السوري لن يوفر الاحتضان لنظام قام طيرانه الحربي المدفوع أثمانه من قوت أبناء الوطن، بقصف المواطنين المدنيين الذين تزاحموا لشراء الخبز في حلفايا وغيرها من المدن السورية الأبية وغمس رغيفهم بدماء الأبرياء.

ستوكهولم

مترجم وكاتب سوري مقيم في ستوكهولم