احتمال كبير ان يستقيل السيد الاخضر الابراهيمي حوالى العشرين من كانون الثاني المقبل من السنة الجديدة وهو تقريبا نفس التاريخ الذي سوف يتسلم فيه السيد جون كيري رئاسة الخارجية الامريكية. فالسيد الاخضر لم يعد في استطاعته تحمل مسؤولية تدفق quot; اللون quot; الاحمر كالانهار في الساحات السورية من جهة، و من جهة اخرى ولكونه عربيا لا يمكن له تحمل مسؤولية السيناريوهات التي قد تنهي وجود الدولة السورية.

قبل كل شيء لابد من القول ان السيد الابراهيمي هو ديبلوماسي ناجح من الطراز الرفيع في مجال الوساطات الدولية، اي ان تركه لمهمته الحالية ليس الفشل وانما استحالة ايجاد مخرج للمعضلة السورية.

السيد كيري يعكف منذ الآن على دراسة ملفات الخارجية وطبعا في المقدمة الملف السوري الشائك. كيري ليس وزيرا عاديا في منصبه الجديد، اذ ان له تاريخ طويل في العمل السياسي الذي بدأه وهو في ريعان الشباب عندما وقف ضد سياسة بلاده الخرقاء في فييتنام كمجند هناك يؤدي الخدمة العسكرية الالزامية. اصبح سابقا مرشحا للرئاسة عن الحزب الديمقراطي بالاضافة الى تجاربه الكبيرة كسيناتور وهو حريص على مبادئ حقوق الانسان ويكره العنف ووقف ضد الحرب على العراق وسوف يكون متنفذا في شؤون وزارته و يترك بصماته على مجمل السياسة الخارجية في الاربع سنوات القادمة. على الارجح سيتفرغ الرئيس اوباما للشأن الداخلي وفي المقدمة الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والخدمات.

السيد الابراهمي ادى بتصريحات خطيرة اليوم في القاهرة بما فيه اشارته الى تضاعف العنف والضحايا وصولا الى quot; صوملة سوريا quot; او المصير اليوغوسلافي للدولة السورية اي تقسيم سوريا في حال عدم

التوافق على الحل السياسي.

مهمة الامم المتحدة بعد الابراهيمي لن يكون تبديل النظام وانما سيكون حماية العلويين من التطهير الطائفي و حماية المسيحيين وهو ما يشعر به الابراهيمي دون يلفظ ذلك صراحة.

الاحتقان الطائفي يطبق على ارض الواقع الآن في مجازر حلفايا ودير بعلبة والعقرب وو.....الخ.المصيبة هنا هو ان الجميع ينكر وجود الطائفية بينما الجميع يمارسها على ارض الواقع والجميع حتى من المثقفين يريدون نفي وجودها بالكلام والشعر والشعارات.

لا يمكن اقتلاع المرض من جذوره دون وضع التشخيص الصحيح والا سيكون الامر كمن يريد الشفاء بالاحجية او الدوران حول سرير المريض حتى الموت. دون التشخيص الصحيح سوف يرتكب الطبيب من الاخطاء تؤدي الى الوفاة حتما مع زيادة في المعاناة والعذاب.

عندما نضع التشخيص للوضع السوري والذي يكمن في ان الحرب الاهلية الحالية هي حرب طائفية نتعرض نحن الى الى كل انواع التهم الرخيصة وصولا الى الخيانة دون ان يحاول احد الرد على النص ودحض ما جاء فيها من ادعاءات بالمنطق والحجة.

اغماض العين تجعلنا عدم رؤية الموجودات من حيطان وكراسي وابواب حولنا ولكن الواقع يفرض ذاته بمجرد فتح العين خلال ثواني.

اذن ماهو الحل؟

الحل ينطلق من التشخيص والخطوة التالية تبدا بالتدبير والمعالجة ويمكن اختصارها بـ quot; التصارح والتصالح مع التاريخ quot; اولا ومن ثم يتم معالجة الحاضر وكوارثه.التصارح والتصالح يكون في :

ــ اعتذار من السنة السوريين للعلويين لكل ما اصابهم من ظلم وتعسف بما فيه الاستهتار بمذهبهم من مرحلة الحكم العثماني وحتى انقلاب حافظ الاسد على كرسي السلطة.

ــ اعتذار واعتراف من قبل العلويين بكل الموبقات التي ارتكبوها من الفساد والافساد والسرقات والقتل اليومي في زنازين المخابرات ونشر الرذيلة في المجتمع السوري في الاربعين السنة الماضية.

لا ننسى ان في كل المراحل التاريخية المذكورة اعلاه كانت هناك اعداد كبيرة من السنة والعلويين بعيدين عن كل تلك الشرور التي نالت السوريين. لو حصل التصارح والمصارحة في بداية الاستقلال لما كنا وصلنا

الى ما نحن عليه الآن. طبعا الشعاراتية والقاء الشعر والكذب على الذقون وانكار الحقائق لم يحصل فقط في مجال الطائفية فقط بل كان القاعدة السارية في جميع المجالات من تحرير فلسطين الى الامة البعثية الخالدة وبناء سورية الحديثة وهلم جرا...

الم يحصل نفس الاستقطاب الطائفي في العراق ايضا؟ وبداياته ايضا تعود الى العهد العثماني المعادي للشيعة واكملها الانكليز باستيراد ملك سني هاشمي من خارج العراق. حكومة السيد نوري المالكي ترتكب نفس الاخطاء بحق السنة. اي انه يصحح الخطأ بالخطأ ونتيجة هذه المعادلة لا تحتاج الى فيثاغورف او اينشتاين ليفك طلاسمها اذ ان النتيجة الآن امامنا بكل جلاء.

حتى تكتمل الصورة ويسود السلام والثقة بين السوريين جميعا لابد من اعتذار من العرب الى الكرد بسبب المخطط المجرم لما يسمى بـ quot; الحزام العربي quot; عندما استولى على اراضي الفلاحين الكرد واعطوها لعرب الغمر وكان الهدف منه سياسة فرق تسد نجحت فيها السلطة وبدعم من الاغبياء منممن ادعوا العروبة بدءأ من محمد طلب هلال فنازلا ولكنهم يحصدون ما زرعوه على يد اسيادهم في النظام.

لو اعطى النظام اراضي كرد الجزيرة او حتى اراضي عرب الجزيرة الى اكراد كوباني وعفرين لوقفنا ضد ذلك ايضا بلا تردد انطلاقا من مبادئ حقوق الانسان ثم ان سياسات التذويب هي جريمة ضد الانسانية في

عصرنا هذا وتعاقب عليها نصوص القانون الدولي.

ترصيف الكلام امر سهل والافكار براقة على الورق. اذن ماهو السبيل الى تحقيق مبدأ quot; المصارحة والتصارح quot; لانهاء الصراع في سوريا؟

من لديه القدرة او من يملك التفويض للبدء بالخطوة الاولى؟

هنا تبدأ المشكلة و quot; تبقى المشكلة قائمة quot; والثمن هو القتل والتدمير وسيول الدماء واليتامى والثكالى والابدان المهشمة حتى اللحد.

اذا جاء خلف الابراهيمي شخص نرويجي او فنلندي يعني ان الازمة السورية ستصبح شأنا تابعا لمجلس الامن بتوافق روسي امريكي اوربي صيني وعندها سيعرف الجميع ما كان يقصده الابراهيمي بـ quot; الجحيم quot; وان لم يقل وبئس المصير.

طبيب كردي سوري

[email protected]