انتهي وللأبد عصر الإجماع الوطني علي شخصية من الشخصيات الوطنية، فقد انتهت فترة 99.9 % للأبد، فهذه هي الديمقراطية عندما فازت المرأة الحديدة مارجريت تاتشر بالأغلبية في البرلمان البريطاني بما يزيد عن خمسين في المائة من المقاعد قالت مقولتها ألشهيرة إنني أخشي علي بريطانيا من ديكتاتورية الأغلبية، فهذه هي الديمقراطية الحقيقية، إن الحصول علي ما يقارب الخمسين بالمئة هو إنجاز كبير في دنيا الديمقراطية. ومهما يختلف البعض حول الدكتور البرادعي ومهما حاول التيار المتطرف تشويه صورته، يظل البرادعي هو الأب الشرعي والحقيقي للثورة المصرية، وهو ملهم ثورتنا وهو أحد أهم أسباب الثورة، والغريب أن الذين يهاجمونه اليوم هم الذين كانوا يلهثون خلفه قبل قيام الثورة، وهم السبب أيضا في إبتعاد الكثيرين امثالي ممن لهم بعد نظر سياسي والذين كانوا ومازالوا يرفضون أي شكل من أشكال التعاون مع التيار الديني الإنتهازي.

ويحتل البرادعي مكانة مرموقة في قلوب غالبية المصريين، ولم لا وهو علم من أعلام مصر ومن خيرة من انجبت مصر علي مدار تاريخها وهو حامل جائزة نوبل وهو المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية وهو مؤسس الجمعية الوطنية للتغيير التي كانت أول خطوة في طريق التغيير الحقيقي، كما يتمتع البرادعي بثقة كل القوي والتيارات الثورية المصرية ويحظي بحب واحترام شباب الثورة وصناعها الحقيقيون.

ولما كنا كمصريين نعترف أن البرلمان الحالي ليس هو برلمان الثورة باعتراف أمين إسكندر أحد مؤسسي حزب الكرامة وعضو مجلس الشعب الحالي والذي كان حزبه متحالف مع الإخوان في الانتخابات البرلمانية حيث قال، ان هذا البرلمان ولد مشوها ولا يعتبر برلمان الثورة والبرلمان القادم هو برلمان الثورة، فعندما قامت مثلا ثورة 1919 بقيادة سعد زغلول فاز الوفد بزعامته بأغلبية المقاعد لذلك سمي البرلمان في ذلك الوقت ببرلمان الثورة، ولكن البرلمان الحالي حصل فيه التيار المعادي للثورة علي الأغلبية وهم الذين أفتوا قبل وأثناء قيام الثورة بأن الخروج علي الحاكم هو خروج علي quot;شرع اللهquot;، وما أن تنحي الحاكم حتي قفزوا علي الثورة في سرقة علنية لجهود وتضحيات شباب الثورة.

لذلك أدعو البرادعي لإنشاء برلمان مصري من شباب الثورة وصناعها من مختلف التيارات التي شاركت في الثورة، مع استبعاد التيار الدينى، وهذه ليست بدعة فقد شرعت المعارضة المصرية في أنشاء برلمان موازي بعد انتخابات 2010، وها هي نفس الظروف تتكرر لذا فمن الواجب احياء الفكرة القديمة، ويتم أختيار اعضاء البرلمان من الحركات الثورية والشبابية ومن قيادات الثورة ولا مانع من ضم شخصيات من اعضاء البرلمان الحالي كحمزاوي وأبو حامد والنجار علي سبيل المثال ليكونوا اعضاء في البرلمان، وأن يكون البرادعي هو رئيس البرلمان ويكون البرلمان ممثلا لكل الدوائر الانتخابية المصرية.

وهي فرصة ليري المصريون جميعا الفرق بين أداء برلمان الثورة وبرلمان الكتاتني الذي هو أكثر سوءا من برلمان سرور، كما ستكون فرصة لتدريب شباب الثورة علي العمل البرلماني وخير إعداد لهم للفترة القادمة التي سيكونون فيها نوابا بإذن الله وبالإرادة الوطنية التي سرعان ما ستكتشف كذب التيار الديني وخطورته علي مصر كما أنها فرصة من ناحية ليري العالم الخارجي الفرق بين فكر شباب الثورة المصري وفكر التيار الديني المتطرف وخصوصا العالم الغربي، وهي رسالة للشعب الأمريكي قبل الانتخابات الرئاسية لإظهار خطأ أوباما في دعمه للتيار الديني المتطرف في الشرق الأوسط، وهي أيضا رسالة للمتطرفين الذين ظنوا أن الوطن صار في قبضتهم لتقول لهم أن الثورة مستمرة ولن نترك لكم مصر لترجعوها لعصور ما قبل التاريخ.

والتجربة موجودة في العالم كله ففي الغرب يشكل حزب المعارضة حكومة تسمي حكومة الظل تتكون من نفس عدد أعضاء الحكومة التي في السلطة، ليكون الحزب جاهزاً لتشكيل حكومة في أي وقت وربما لا يكون في حاجة للتشكيل فهي فعلا مشكلة فبمجرد انتهاء المدة وأجراء انتخابات أو اسقاط الحكومة يكون الحزب المعارض جاهزاً تماما، وهي تجربة تثري الحياة السياسية في مصر كما يمكن من خلال برلمان الظل أن تشكل حكومة الظل ليضع اعضاؤها تصوراتهم ومقترحاتهم للمشاكل المصرية المزمنة والمشاكل الأخرى التي ستطرأ علينا.

أن حكم مصر لابد أن يكون لصناع الثورة الذين صنعوها وضحوا من أجلها ومن يقرأ تاريخ الثورات سيعرف أن الثورة قد تسرق كما حدث في رومانيا وغيرها من دول أمريكا اللاتينية ولكن سرعان ما تعود الثورة لمن صنعوها وسرعان ما يفيق الشعب ليعود ويدعم ثواره وصناع ثورته، وثورتنا مستمرة والمستقبل لنا.