تحدثنا في الحلقة السابقة عن تغيير المرحلة.. وتغيير المرحلة كتغيير الموسم، مثلما نقلنا هذه الايام من الشتاء إلى الربيع.. حول الأشرفيون في غضون السنوات الخمسة والعشرون الماضية أشرف التي كانت صحراءا جرداء لم يكن فيها الا ثلاث أو أربع بنايات صغيرة جدا ولم تتواجد فيها ولو شجرة واحدة، حولوها إلى منطقة خضراء.. وفي غضون السنوات العشرة الماضية تحولت أشرف إلى مدينة بجميع إمكانياتها من بحيرة اصطناعية وجامع ومتحف إلى حدائق ومسابح لا مثيل لها في مدن كبيرة في بعض البلدان..،ومدارس وجامعة ومجمع رياضي ومتنزه ومستشفى مجهزة وقاعات طعام وقاعات اجتماع كبيرة ومكتبات وطرق رئيسية وفرعية وشوارع تتلألأ في ظلام الليل انوارها و تم تسمية أشرف من قبل سكان المنطقة بـ rdquo;لؤلؤة الصحراءrdquo;. وتعدى الأمر ذلك فقد تحولت أشرف في غضون هذه الاعوام إلى بؤرة الأمل للشعب الإيراني المظلوم المكبل في طريق نضالهم من اجل الحرية.. واصبحت اشرف مثال الامل والشرف وقوة الارادة عند ابناء الشعب الايراني كحصيلة لعشرة سنوات من صمود مذهل للأشرفيين وجميع مؤيديهم في إيران وانحاء العالم.، وللشعب الايراني الفخر بابنائه الذين اصبحوا مثال فخرٍ لأحرار العالم وهكذا تجلى الامر في شوارع ايران لدى انتفاضة الشعب الايراني.
القوى الوطنية الايرانية بمجلسها الوطني للمقاومة شرعية قائمة بقيمها ونهجها ونقائها ومسيرتها وتتجلى يوما بعد يوم باحلى صورها ومن تلك الصور محل الاحترام الاعتصام الذي بدأه مؤيدو المقاومة وانصاره منذ 300 يوم على الدوام بلا إنقطاع رغم ظروف الجو القاسية من برد وحر في جنيف بسويسرا امام المقر الأوروبي لمنظمة الأمم المتحدة ومقر المفوضية العليا لشؤوون اللاجئين والمفوضية العليا لحقوق الإنسان وفي هذا الاعتصام يناضل مؤيدو الأشرفيين من أجلهم ومن أجل احقاق حقوق مجاهدي أشرف.. وفي واشنطن عاصمة الولايات المتحدة الأمريكية هناك اعتصام منذ 400 يوما.. و مؤيدون آخرون في جميع أنحاء العالم من إيران إلى بلدان أوروبية أو آمريكية يقومون بعمل دؤوب طوال الليل والنهار يتضامنون يعتصمون يعملون أو يتقاسمون رغيف خبزهم ليقدموا لهم العون المادي والانساني من قوت ودواء ولوازم الحياة البشرية ايمانا منهم بقضيتهم المشروعة العادلة كقضية شعب يسعى وراء انعتاقه من قيود الظلم والظلام.
بعد عقد من بداية حرب العراق، ومنذ الفترة التي تمت فيها عملية قصف جميع معسكرات مجاهدي خلق، إلى التأييدات الكبيرة للشعب العراقي الى جانب الأشرفيين حيث وقع خمسة ملايين ومئتي ألف مواطن عراقي على عريضة في يونيو 2007 أبدوا فيها تأييدهم الكامل لمجاهدي خلق وسكان أشرف وإلى تأييد ثلاث ملايين من شيعة العراق لاعضاء مجاهدي خلق وللمنظمة وأشرف في ربيع عام 2008 وللايضاح فان جميع من ايد ووقع على اسناد في تلك العرائض والبيانات كانوا من البالغين معلومي محل الاقامة.. ومن احداث هذا العقد تراجع الولايات المتحدة الأمريكية عن تعهداتها إزاء الأشرفيين وتسليم حماية أشرف إلى الحكومة العراقية ثم الهجوم الدامي في 28 و29 يوليو 2009 من قبل القوات المسلحة العراقية الذي تحدثنا عنه في الحلقة الثانية وهجوم دامي اكبر في الثامن من أبريل 2011، نعم بعد عقد من النضال والمعارك والصمود وفي ظل الإقامة الجبرية غير القانونية، و حصار لاإنساني وقمع وتنكيل في أبشع الصور، وبعد حملة عالمية واسعة لم يسبق قادتها السيدة مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية وبعد هذه التضحيات والمعانات آن أوان التغيير وهو آت لا محالة باشراقة ستسر الناظرين وتحق الحق وتزهق الظالمين.
قلنا أن أشرف تجلت في غضون السنوات العشر الماضية كبؤرة ونقطة أمل للشعب الإيراني وكانت دائما تمتلك وزنا سياسيا وإستراتجيا حيث لم تنحصر تطوارتها ومجرياتها في اطارها الذاتي المحدود فحسب أو مع مصير النظام الحاكم في إيران.. فالامر وفق رؤية كثيرين من المفكرين والمحللين والشخصيات السياسية الدولية أن القضية تتجاوز اطارها الاول وابعادها المؤطرة في قضية وطن وشعب فقد اصبحت الآن متلاحمة مع التطورات في المنطقة ومع بعض القضايا الدولية ولها تأثيرها ووزنها الخاص.، اذن التغيير في قضية أشرف معناه تغير ودخول في مرحلة عليا واكثر من معقدة تصل الى حد الدخول في هوية وشكل وسلامة الشرعية الدولية، وعليه فأن المعركة التي يقودها مجاهدو الشعب ترتقي بشرعيتها ونقاؤها إلى مراحل عليا جديرة بالعلو والسمو.، نعم إن هذه هي المرحلة التي دفع الأشرفيون ثمنها ومؤيديهم في جميع أنحاء العالم..،دفعوا ثمنها في كل لحظة وبشكل باهض جدا ويدفعون وسيدفعون في المستقبل وسيناضلون من أجلها.. إنها في الحقيقة معركة السمو على طريق التغيير الديمقراطي في إيران وهي معركة تقف في جانب منها المقاومة الإيرانية وجميع أحرار العالم وفي الجانب الآخر نظام ديكتاتوري دموي ومؤيدين قلائل في المنطقة والعالم يتأطرون في اطار فصائل ازمات ليس إلا.
أما التغيير في مرحلة والدخول إلى مرحلة جديدة لم يتحقق بشكل تلقائي او انه كان امر صدفة بل على العكس فقد تم بناء المراحل واحدة تلو الاخرى وامتحان تلو الاخر وفوز يليه فوز وقد كان ذلك نتاج صبر وصمود وثبات ومضي على مسيرة اشواك وآلام ومحن.. انه مسيرة صناعة النصر بخيوط الامل التي لم تنقطع على الدوام وهكذا صنع الأشرفيون ومجاهدو الشعب النصر طوال العقد الأخير واوجدوا تلك المراحل وحققوها بمعاناة كان حجمها اكبر مئات المرات مما كانت عليه في الماضي، وتمكنوا من إدخال المجتمع الدولي في هذه المعركة ليتحمل مسؤولياته تجاه قضيتهم.. واليوم اصبحت الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي اطرافا جادة وملتزمة ومٌلزمة بقضية أشرف.، ولو لم يكن هذا لم نتمكن من القول بأن أوان التغيير قد آن ولاح فجره.، وقد كان هدف الديكتاتورية الارهابية الدينية الحاكمة في إيران وأياديها هو القضاء على الأشرفيين ومجاهدي خلق واستئصال جذورهم وبالطبع لم تكن هذه الغاية وكما أشرنا حديث العقد الماضي فحسب بل منذ العقود الخمسة الماضية، سواء في فترة حكم الشاه محمد رضا بهلوي أو أبان حكم الخميني ووراثه في الحكم.
لقد كان العالم شاهدا على آثار وتداعيات مختلفة تماما في العقد الأخير بشكل خاص، ولهذا نتحدث عن صمود تأريخي من وجهة نظر نوعية قياسا بمساحة زمنية اوسع واوجه عديدة للمقارنة والقياس مع صعوبة الموقف وتعاظم تعقيداته ودموية العدو..، الى ذلك وبذلك وبحيادية تامة تجد نفسك تفرز رقما ومكانة بتفرد وتميز بالغين لمجاهدي خلق في عالم المقاومة والصمود في القرن الحادي والعشرين وقد تصل الى تلك الرؤية والقرار لمجرد الاستناد الى نقطة واحدة وهي نمطية السلوك النضالي بمفرده.
استهدفت الديكتاتورية الارهابية الدينية الحاكمة في إيران وأياديها بكل شراسة ودموية إبادة القوى الديمقراطية والمناهضة لها وسعت لاستئصال جذورها بكل ما اوتيت من قوة وعنف وخصوصا مع الفرص المتاحة منذ العام 2003 حيث كان الملالي واجهزتهم الاستخبارية يتحدثون بشكل سافر وفي احاديثهم ووسائل اعلامهم أن صلب قضيتنا هي تنظيمات مجاهدي خلق التي يجب تفتيتها ووفقا لرؤية العدو هذه لم يدخروا عملا ولا جرما دون اقترافه والامعان فيه طيلة العقد الماضي.. والاشرفيون ماضون ويمضون ويكملون المسيرة وتتواصل المسيرة مرحلة تلو اخرى وبنجاح.. ولم تكن المهلة المحددة بغيا لغلق أشرف في نهاية عام 2011 وسنتحدث عنها لاحقا..لم تكن تلك الا مهلة في الاطار ذاته اطار القتل والتفتيت وعلى ضوئها يتم النقل القسري الى المخيم المسمى بـ ليبرتي rdquo;الحريةrdquo; المرجو ان يكون محل سكنى كريمة وفق تعهدات رسمية دولية وعراقية الا انه ليس الا سجنا حمل اسما آخر rdquo;الحريةrdquo; كيف لا ولا توجد فيه بنية تحتية بالحد الادنى.. كيف لا وكاميرات التجسس في كل مكان.. كيف لا ويعجز كيس اسمنت عن دخول المخيم لانجاز اعمال انشائية بسيطة وملحة لإنشاء ممر للمشاة للجرحى والمعوقين.. وياتي ذلك كله في اطار متابعة العدو للهدف ذاته الذي اعلنه. ولكنهم laquo;يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِه الْكَافِرُونَraquo;.. هنا rdquo;الحريةrdquo;.. وفي rdquo;الحريةrdquo; هذه ممنوع دخول كيس من الإسمنت وقد يسبب كيس الاسمنت هذا خطرا جديا! خطرا لمن؟ وهل سيؤدي إلى انطباع آخر غير السجن كتعريف بدلا عن مخيم rdquo;الحريةrdquo;.. حرية يهددها كيس اسمنت!!.. هنا rdquo;الحريةrdquo; وللحديث صلة.

*خبير ستراتيجي إيراني
[email protected]