منذ انطلاق الثورة من حوران، أكثر من عام كان عنوان العصابة الحاكمة في التعامل مع شعبنا بوصفه عدو يستحق القتل، وبالتالي عليه الانصياع لمفردات القاتل ومحور انشغالاته وهو البقاء في سدة الحكم كنظام عائلي يتخندق حول جملة من المصالح الطائفية وغير الطائفية، نعم منذ تقليع أظافر اطفال درعا، كان عنوان العصابة الحاكمة واضحا، والمجتمع الدولي برمته، يعرف جيدا هذا العنوان ويعرف أكثر من هي هذه العصابة المجرمة، وماذا يعني لها حكم سورية وكيف تحكم سورية، ودورها في نظام إقليمي دفعت شعوب دول المنطقة دماء لايقدر حجمها، ودفعت من سبل رخاءها وتقدمها الكثير حتى شارفت على الانهيار لمستوى بحثها عن لقمة خبزها وقبل ذلك عن كرامتها المهدورة من ثلة لصوص أفاقين وشذاذ آفاق، هؤلاء هم ماكنا نسميهم النظام السوري، العالم أيضا يعرف هذا جيدا، الأمر الأكيد هو أن إسرائيل طرفا في هذا النظام الإقليمي، الذي تكرس منذ عام 1974 بعد انتهاء حرب تشرين وبدء اتفاقيات الفصل على الجبهة السورية. نظام البائد حافظ الأسد، وطد نظامه بناء على مقولةquot; اللاحرب واللاسلمquot; الإسرائيليون وطدوا ويوطدوا تهربهم من السلام العادل والشامل وقضم الاراضي الفلسطينية، واستمرار احتلالها للجولان السوري المحتل، بمقولة بسيطة عبر عنها إسحاق رابين رئيس وزراء إسرائيل قبل اتفاق اوسلو 13سبتمبر 1993 بقولهquot; اتركوا هذا الديكتاتور خلف الجولانquot; ضمن هذا المنظر البسيط رغم تعقيداته وتداخلاته الإقليمية والدولية، إلا أنه كان ساري المفعول منذ ذلك التاريخ وحتى اللحظة، ومنعت إسرائيل والعصابة الحاكمة في سورية أي تغير جدي على هذا النظام الإقليمي. بتواطؤ مباشر أم غير مباشر هذا غير مهم لأننا ننظر للنتائج، وهنا أريد التطرق سريعا لموضوعتين مهمتينquot; الأولى كنت كتبت عنها كثيرا في السنوات الأخيرة وهي أن العصابة الحاكمة في سورية، لا تستطيع إلا أن تكون عصابة ممانعة، وبأيديولوجيا الممانعة، والمتمحورة حول عدم إحداث أي تغيير على مستوى النظام الإقليمي هذا سواء بالسلام أم بالحرب، وبالتالي عدم إجراء أي تغيير ملموس على حياة الشعب السوري، وشعوب الدول المحيطة، والنقطة الثانية أن إسرائيل تفضله ممانعا وفق رؤيتها للنظام الإقليمي، تثبيت هذا النظام الإقليمي قدر الامكان يكون جزء منه استمرار كل أطرافه، والعصابة الحاكمة هي طرف رئيسي فيه. الموضوعة الثانية أن إسرائيل لاتعني بالنسبة للغرب عموما ولأمريكا خاصة أنها هي لحظة دولة تحكم من تل أبيب كل هذه الدول الغربية، أبدا بل إسرئيل هي لحظة نظام دولي غربي إقليمي، يراد تثبيته أيضا غربيا، لذا الدول الغربية تبدو كأنها محكومة من إسرائيل وهذا غير صحيح، لأن إسرائيل هي مشروع بني على أساس حل غربي للمسألة اليهودية من جهة وتثبيت مصالح تاريخية كما يراها الغرب من جهة ثانية. لهذا في الغرب لا يوجد دولة اتخذت قرارا لصالح إسرائيل بالضد من مصالحها كدولة حتى الولايات المتحدة الأمريكية، وفي التاريخ أمثلة كثيرة، على أن هذه الدول يعني لها الكثير هذه الصورة الإسرائيلية للتعامل مع هذا النظام الإقليمي. لهذا يصح القول أن إسرائيل كانت تعمل ولاتزال على أن تكون الدول التي هي شرقها، أن تبقى إما ممانعة أو تتحول إلى خراب...أو الجمع بين الخيارين كحالتها الآن في دعم العصابة المجرمة ومنع الغرب من القيام بإجراء حقيقي لحماية شعبنا، إذا الأساس في موقف المجتمع الدولي هو هذا النظام الإقليمي، وليس روسيا سوى جزء مكمل من هذه الصورة. لهذا شعبنا عرف منذ لحظة ثورته الأولى أنه إنما باسقاطه لهذه العصابة المجرمة إنما يسقط كل تفاصيل هذا النظام الإقليمي، ويختبر جديا إن كانت إسرائيل تريد السلام وإعادة الجولان أم لا؟ لهذا القتل وتدمير مستقبل شعبنا، يجد صدى حتى اللحظة في موقف اللحظة الإسرائيلية الدولية. من هنا علينا أن نقول الحقيقة لشعبنا، دوما وننخرط جديا في استمرار ثورته السلمية، وتأمين دعم لجيشنا السوري الحر من أجل استمراره في الثورة وحماية المدنيين، لهذا أكتب هذا المقال لكي أقول أن ما بعد عنان لايوجد تدخل دولي لحماية شعبنا في المدى المنظور وعلى شعبنا أن يسقط هذه العصابة، لأن استمرارها يعني ببساطة هو استمرار للخراب وللخسة وللهمجية...وشعب سورية بكل مكوناته يستحق غير هذا تماما كبقية شعوب الأرض. إسرائيل هي محنة ثورتنا بلا منازع. وبقية القضايا هي تكملة لبؤرة الصورة هذه. والدليل أن شعبنا هو الشعب الوحيد الذي طالب ويطالب المجتمع الدولي بالتدخل، ويجد من يقف ضده هم في هذه اللوحة طرفان يظهران كعدوين: إيران ونظام العصابة الحاكمة من جهة ومعهما معارضة سورية ضد التدخل الخارجي هذا طرف، وإسرائيل غربيا كما أشرت هي الطرف الثاني، وشعبنا يدفع الدم. استغرب ايضا ان من يخرج من معارضتنا وخاصة وجوه المجلس الوطني البارزة، في أنها لاتأتي على ذكر إسرائيل وإيران وإنما تهاجم فقط الموقف الروسي!!! ببساطة لأن هذه الوجوه لاتريد تدخلا عسكريا بغض النظر عن دوافعها او اسباب رفضها للتدخل!!! إن طلب التدخل العسكري من قبل شعبنا هو إحراج للمجتمع الدولي من جهة، وضغط على العصابة الحاكمة من جهة أخرى، لهذا قلت في مقالة سابقة، أن عدم طلب التدخل والنضال من أجل تكريسه كمطلب رئيسي للمعارضة السورية إنما يشير إلى رائحة غير نظيفة تجتاح هذه المعارضة..
وخاصة بعد عام وشهر على انطلاق الثورة وكل هذا الدم وكل هذا التدمير والنهب لثروة البلاد والعباد، أصبح الحديث بغير طلب تدخل عسكري مع المجتمع الدولي هو خدمة لهذه العصابة. لأن هذا الطلب كما قلنا سيجد صدى لدى دول العالم في النهاية في حال كانت معارضة قوية خلفه، وشعب مستمر في ثورته السلمية، وجيش حر يحاول حمايته. مرة أخرى عدم استجابة الدول لهذا الطلب لاتعني أنها عدم استجابة مطلقة، أبدا، فالمصالح وتفاصيل اتخاذ القرارات في دول الغرب مثلا هي نسبية ومتغيرة وليست مطلقة.
غسان المفلح
- آخر تحديث :
التعليقات