لم يكن المخلوع صالح يعتقدعلى الأطلاق بأن توقيعه على الأتفاقية الخليجية في 23 نوفمبرالماضي في الرياض، سوف يكون بداية النهاية العملية لبقاءه متوجآ في الحكم، فيقين الرجل لم يكن فيه وارد قيام نظام بديل، اذ كان لحظتها يقرأ من الشروط ما يلزم الاطراف الأخرى، من هنا جاءت عبارته الأستدراكية: (ليس المهم التوقيع، ولكن المهم التنفيذ)، وكانت النرجسية قذ ذهبت بالرجل بعيدآ عن امكانية الألتزام للحضور او امكانية الألزام له من قبل الخصوم فقد خبرهم منسحقين امامه في نهاية كل ازمة، طالما ومفاتيح القوة الثلاثة بين يدية: السلاح، المال، والأعلام.

مؤشرات احداث ما بعد التوقيع وتحديدآ خلال الفترة التي اعقبت الأنتخابات الرئاسية في 21 فبراير الماضي، تشير الى ان المخلوع يتبنى من حيث الشكل تكتيك السيد حسن نصر الله، في محاولات السيطرة والتحكم بأمور البلد عن بعد، وفي مقاومة قوة القانون بقوة السلاح وان اختلف الأسم: هناك سلاح (المقاومة) وهنا سلاح الـ(حرس الجمهوري)، تسميتان لحق وظفتا لباطل!

فالسلاح الذي راكمه صالح على مدار ثلاثة عقود لم تكن له ثمة مهمة، سوى الدفاع عن بقاءه مخلدآ في سدة الحكم، ومن توريثه لاولاده، اذ سخّر جل موارد الدولة، الى جانب القروض والمساعدات، حتى الأغاثية منها، على مدار سنوات حكمه التي امتدت لـ 33 سنه، سخرها لبناء قوات مسلحة خاضعة لأرادته، ونصب اولاده وافراد اسرته قادة لمفاصلها الرئيسيه، لظمان الولاء المطلق حين تدور الدوائر كما هي عليه اليوم.

فقد اقفل مطار صنعاء نهاية الأسبوع الماضي وهدد باسقاط اي طائرة تقلع من والى، لاكثر من 24 ساعة، كما ونشر قواته ومسلحيه القبليين، في كثير من احياء العاصمة صنعاء، في رسالة تهديد للرئيس عبدربه منصور هادي، الذي رفع ثلاثه كروت حمراء يوم الخميس الماضي في وجه اربعة من الحيتان الحمراء، بما فيهم اخيه الشطري/ محمد صالح الأحمر، والكرت الرابع في وجه المدلل طارق ابن الشقيق.. وكانت رسالة المخلوع للمنتخب تقول: بأن قراراته اكثر مما يقبل.

وكان المخلوع صالح بفعلته هذه يكرر فعلة السيد حسن نصر الله عندما احتلت قواته بيروت في 7 مايو 2008م على خلفية اقالة مدير أمن مطار بيروت العميد/ وفيق شقير، المنتمي لحزب الله، في خطوة اعتبرت يومها رسالة تهديد من نصر الله للرئيس سعد الحريري ولرئيس الحكومة انذاك فؤاد السنيورة، ان هما نفذا الأقالة، او اقدما على المساس بشبكة الأتصالات السلكية التابعة لحزب الله، وكان للسيد حسن ما اراد، بقوة سلاحه الذي يطلق عليه تسمية (سلاح المقاومة).

فلعبة لي الذراع بالسلاح، ان كانت نجحت في لبنان فلن يتكرر لها ذلك هنا، اذ لا وجه للمقارنة بين السيد حسن والمخلوع صالح، فللأول مشروع مذهبي، فيما للثاني مشروع اسري، والفرق شاسع بين الاثنين، وان كان الأثنان يستندان في تمويل وجودهما غير الدستوري، على مشاريعهما الأستثمارية التي بنياها تحت الطاولة، الأ ان ما يميز السيد عن المخلوع، هو دعم وحماية الفقيه الولي، وان كان المخلوع مواضب في الرهان على ابتزاز جزرة البيت الابيض، فادمانه هذه الفعلة من خلال ازدواجية الدور الذي لعبه في العشر سنوات الأخيرة، في المواجهة بين فسطاطي الحرب على الارهاب، دور يبدو انه قد ازف بفقدان مبرراته، وحان موعد رفع العصأ في وجه المخلوع، وهو ما يستشف من الرساله التي استلمها من سفراء الأتحاد الأروبي في صنعاء، عبر اتباعه في قيادة المؤتمر الشعبي العام، امس الأول: مفادها أن قرا رات (هادي) ملزمة لصالح قبل الجميع.

بعض التسريبات تشير الى قيام صالح بأمداد الحوثيين بالسلاح من خلال نجله قائد الحرس الجمهوري، ان صحت، ففيها دليل بأن معانات المخلوع من العزلة تدفعه الى محاولة قلب وجه المجن، والسعي الى اعتمار عمة المذهب الزيدي الذي ينتمي اليه اصلآ، وتهيئة الأرضية المناسبة في صعدة ان ضاقت به صنعاء.. ولكن من غير المرجح ان يجد صدى عند السيد عبدالملك الحوثي، الاّ في حاله واحده اذا نسق جهوده مع نائبه السابق السيد على سالم البيض، وذهبا معآ الى (قم) لنيل بركة الولي الفقيه.. فكل الأمور واردة طالما والقصر الجمهوري ما زال شاغرآ، بعد ان نجح (صالح) في بذر المخاوف في ذهن (عبدربه) بقدرته على الفتك بمن يحتل سريره الرئاسي.