صورة الطفل محمد ماهر (6 سنوات)، الذي صدمته إحدى السيارات المشاركة بمسيرة مرشح الإخوان محمد مرسي استفرتني تماماً، والمعارك الدامية والدماء التي تسيل هنا وهناك جعلت أسئلة كثيرة تستعصي على الإجابة تقتحمنى حول حرمة الدم.
لم أقصد هنا الدماء التى سالت منذ 25 يناير العام الماضي وإلى الآن ولكننى أتحدث فقط عن الدماء التي سفكت ولا زالت، قبل أيام قليلة من بدء التصويت لانتخابات الرئاسة داخل مصر.
في كل محافظات مصر تقريباً الآن تحدث المعارك الدامية بين مؤيدى المرشحين، ومنذ ثلاثة أيام ماضية فقط لقى أحد أعضاء حملة الدكتور محمد مرسى، مرشح laquo;الحرية والعدالةraquo; الإخوانى، مصرعه بالرصاص، كما أسفرت اشتباكات بين مؤيدى الفريق أحمد شفيق ومرسى عن إصابة 15 من الطرفين، وحرق منزل فى مدينة الشهداء بالمنوفية، وفى الدقهلية، قتل مواطن إخواني بالرصاص، أثناء تعليق لافتات فى قرية quot;ميت الكرماquot;، وأصيب 5 من أنصار الدكتور محمد مرسى، مرشح حزب الحرية والعدالة، لانتخابات رئاسة الجمهورية، أثناء مشاجرة، وقعت بمنطقة الخشابة على الطريق الزراعى مصر - أسوان مع أنصار أبو الفتوح.
المؤسف حقاً أن أتباع أبو الفتوح اتهموا أنصار محمد مرسي مرشح الإخوان أنهم اعتدوا على الأخوات المسلمات المشاركات فى مسيرة، وحرضوا الكلاب الضالة، وتعدوا عليهن بالسب!!.
وفي قرية laquo;تل العمارنةraquo; الأثرية استخدمت الأسلحة النارية بين أنصار المرشحين وأصيب فى المشاجرة مواطن بطلق نارى.
ما سبق هو قليل من كثير وسيل من فيض، ومثال فقط على ما يجري، لكن القضية الأكبر أن مؤتمرات المرشحين أصبحت ساحة للمعارك، فالثوريون يقتحمون مؤتمرات عمرو موسى وشفيق، ويهتفون quot;لا للفلولquot;، وآخرون يتصدون، ويهتفون quot;الشعب يريد موسى ولا للإخوانquot;، وتعدى الأمر إلى إلقاء الأحذية على المترشحين للرئاسة كمبالغة في الإهانة.
بالطبع ليس هذا من قبيل المنافسة، أو الديمقراطية، فلا بد من الارتقاء إلى المنافسة الشريفة، واحترام الخلاف فى الرأى دون بلطجة، لكنه من قبيل الفوضى التي تغرق فيها مصر الآن على مستوى كل المجالات (مرور ndash; قمامة ndash;إعلام - اقتصاد).
وإن أردت أن تتأكد من كلامي فجرب أن تشاهد يوماً مناقشات البرلمان المصري لتعرف أن قمة الفوضى، واللامبالاة والاتهامات المتبادلة، وتصفية الحسابات القديمة موجودة فيه، وهو عنوان أساسي لما يجري في مصر الآن.
الأدهى والأمر ليس كل ما سبق ولكن ما سوف يأتي، فقد دعا حسام أبو البخارى، المتحدث الرسمى باسم التيار الإسلامى العام، وعضو ائتلاف المسلمين الجدد، كل القوى السياسية والائتلافات الثورية إلى عقد اجتماع موسع للاتفاق على عدم الاعتراف بانتخابات الرئاسة، فى حالة فوز الفريق أحمد شفيق بها، ورد شفيق بأنه لو فاز سيكون رئيساً شرعياً، وسيتدخل الجيش لحمايته، وما حدث في العباسية خير دليل على قدرة الجيش على قهر المناوئين له.
الحاج حافظ سلامة رمز المقاومة المصرية لليهود في السبعينات دعا لعمل مجلس رئاسي موحد لأن المرشحين كلهم لا ينفعون لحكم مصر، وبالأمس فقط طالب الداعية الشهير، الشيخ هشام البيلي الجماهير بعدم التصويت لأن الانتخابات حرام، وصورة من صور الجاهلية، مؤكدا أن مبدأ الأكثرية يتنافى مع الشريعة الإسلامية وأن الضابط عندنا هو ضابط الحق والباطل.
قطاع كبير من السلفيين الثوريين والجهاديين لم يعترفوا بنتيجة الانتخابات مسبقاً لو فاز بها موسى أو شفيق على اعتبار أنهما من رجال النظام السابق، وهذه مشكلة لو صدقت كل استطلاعات الرأي التي أكدت أن شفيق الآن هو في مقدمة المرشحين، ويليه موسى ثم أبو الفتوح ومرسي.
معنى هذا أن شباب 6 إبريل والائتلافات الثورية والسلفيون الجهاديون سيخرجون إلى ميدان التحرير، لعمل ثورة ثانية، كما قال النائب عصام سلطان داخل البرلمان المصري، بأنها ستكون أشد وأنكى.
أؤكد أن هذا كله فهم خاطئ للديموقراطية، وفوضى خلاقة مرجح أن يعيشها الشعب المصري الذي انهار اقتصاده تماماً وأصبح على حافة الإفلاس، دون وعي من كل المرشحين الذين رأيناهم في مناظرات تلفزيونية لم يتحدثوا عن هذا الأمر سوى بكلمات لا تسمن ولا تغني عن جوع، لكن الأمور تنذر بفوضى حقيقية، ودفع للبلاد نحو لحظة الصدام، ومن يفعلون ذلك هم من لا يريدون بمصر خيرًا، والشعب المصري نزل إلى الشارع لأنه أحس بالظلم الشديد، وسيثور بالطبع ولكن على الذين يخططون لسفك الدماء من أجل الرئاسة.
[email protected]
التعليقات