التحالف الوطني العراقي ضرورة للعراق كأي تكتل كبير، فقد ذكرت أكثر من مرة أن تفتت الكتل الكبيرة ليس في صا لح هذا الوطن، بصرف النظر عن هويتها الدينية والمذهبية والعرقية، فضلا عن أن الكلام ينطلق من اعتقاد بحرص الجميع على وحدة وسلامة العراق، خاصة وأن هذه الكتل فرزها الواقع ولم تكن مصطنعة.
التحالف الوطني هش، وقد ارتبك أيما ارتباك عندما طرح تيار الاحرار الصدري مشروع سحب الثقة من رئيس الوزرا ء السيد نوري المالكي، فالتحالف كله في حركة قلقة تجاه هذا الطرح، ولم تفلح كثير من الجهود لترميم سبب هذه الارتباك، وقد تبادل طرفا المعركة اتهامات ثقيلة، اي دولة القانون من جهة وتبار الاحرار من جهة، حيث يتهم كل منهما الاخر بانه سبب جوهري في تهميش الاتحاد وتضعيفه، وقد وصلت النوبة بالاتهام الى تفكيك التيار الشيعي وتحطيمه!
ليس سرا أن مشروع تيار الاحرار اربك الاتحاد الوطني العراقي بسب قوة التيار في جسم الاتحاد ولانه يعد خطوة قوية صارخة حقا، ولكن ينبغي العودة الى جذور الاتحاد لنرى هل تيار الاحرار وحده المسؤول عن هذا الارتباك، سواء على صعيد الاتحاد نفسه أو من يمثلهم، أي القاعدة الشيعية في العراق؟
الاتحاد هذا كان شقه مسبقا إئتلاف دولة القانون عندما اختلفت مع نظيراتها داخل ائتلاف العراق الموحد،حيث خرج من خيمة الائتلاف الاوسع بقائمة منفردة في الانتخابات النيابية وتحالف مع السيد ابو ريشة الذي سرعان ما انقلب على دولة القانون! وفيما لم تحصل دولة القانون على الاصوات الكافية لتسمية رئيس الوزراء اضطر للالتحاق برفاق امس ليشكلوا الكيان الجديد، أي الاتحاد الوطني، وكان هناك ماكان من حرب ضروس داخل المكون الجديد حول تسمية رئيس الوزراء...
هنا، وفي خضم هذه الفوضى انشق رئيس وزراء العراق الاسبق السيد ابراهيم الجعفري عن حزب الدعوة ليشكل تيار الاصلاح، وبصرف النظر عن مبررات هذا الانشقاق، فإنه بلا شك زاد في فوضى الاتحاد، فكلما تكثر الانشقاقات داخل مكونات الاتحاد تزداد عناصر الفوضى والارتباك.
ليس من شك أن الازمة التي يعاني منها الاتحاد الوطني العراقي اليوم اشد من الازمات السابقة، وفيما تصطف مكونات الاتحاد مع عدم سحب الثقة عن السيد نوري المالكي في مواجهة المشروع الصدري، فان هذا الاصطفاف اضطراري وليس اختيارا باعتراف أكثر من صانع قرار سياسي في الاتحاد، خوفا من تشتت القاعدة الشيعية او بالضغط من الخارج، ومثل هذه العلاجات ليست جذرية.
تيار الاحرار يؤكد بانه ما زال جزءا أو مكونا جوهريا في بنية الاتحاد، ولكن اقدامه على مشروع سحب الثقة من السيد المالكي اربك الاتحاد، رضي التيار أم رفض، ومنذ الاعلان عن مشروعه هذا والارتباك يضرب في جسم الاتحاد!
لست بمعرض نقد الموقف الصدري هنا، فهذا من حقه، ولكن اكتب هنا كمحلل وليس لي علاقة بهذا الطرف أو ذاك...
هل يمكن استثمار الواقع الجديد لانعاش الاتحاد وانقاذه مما هو فيه.؟\
أولا : ليس من شك أن السيد المالكي في اشد الحاجة اليوم لوقوف بقية مكونات الاتحاد الى جانبه في معركته الحالية مع التيار الصدري ضمن مشروعه مع ا لعراقية والكردستاني لسحب الثقه منه، هنا، يمكن للاتحاد ان يشترط على السيد المالكي الالتزام بقرارات الا تحاد وسياسته ولا يتفرد بالقرار كما تقول مصا در الاتحاد الوطني سرا أ حيانا وعلنا احيانا اخرى.
ثانيا: يجب اعادة الاعتبار لكل عنصر فاعل في بنية الاتحاد، وعدم السماح بتهميش اي عنصر من هذه العناصر، فأن الاتحاد يضم كما هو شائع عيون صناع القرار السياسي الشيعي، واي اهمال او تهميش لاي عنصر ضربة في صميم الاتحاد، وعموم (الاتحاديين) يشكون من ممارسات دولة القانون في اهمالها للآخرين داخل الاتحاد!
ثالثا: ترك التيار الصدري لحاله في مواجهة قراره، ولكن لا يجوز التفريط بها فيما يعلن مرارا وتكرارا بانه جزء من الاتحاد، والحوار مع التيار هو الاسلوب الامثل لمعالجة هذه المفارقة، ولكن يجب الاستماع الى شكواه المرة حسب تعبيرات بعض رموزه من محاولة التصفية السياسية بشكل وآخر.
رابعا: الفرصة مؤاتية الان للاتحاد بعقد تحالفات جوهرية مع مكونات اخرى فاعلة فالساحة العراقية، حتى وأن كان ذلك مع اشخاص نافذين في الكتل الاخرى، ومجموعات على هامش الكتل الكبيرة .
خامسا: التمسك بالقرار السياسي المستقل، وعدم اللجوء الى لغة الفتاوي الدينية التي اضرت بالاتحاد كثيرا، وجعلته محل تهم خطيرة.
فرصة ثمينة ليس للاتحاد وحسب بل للسيد نوري المالكي بان يعيد طريقة تفيكره في التعاون والتحالف مع الأفرقاء القريبين، فرصة رائعة للسيد المالكي بان يقوم بثورة سياسية رائعة يعيد للاتحاد قوته وفاعليته وقبل ذلك للعراق هيبته وسيادته...
هل من يسمع؟
لا اعرف....
كتبه والألام تنخر في عظامه نخرا، يارب أين النهاية؟
- آخر تحديث :
التعليقات