تختلف تقديرات قيادة حماس بقطاع غزة عن غيرها من قياداتها في الخارج، وتعتبر ان فوز الاخوان في مصر نصر من الله لها، وتشعر أن الوقت اليوم اكثر من مناسب لخلق تصعيد عسكري مع اسرائيل يعيد لها القليل من بريقها الذي اختفى من الشارع الفلسطيني بعد معارك حرب غزة قبل ثلاث سنوات وما لحق بها من خسائر موجعة جعل حماس تحارب بكل قوتها اي محاولة لاستفزاز اسرائيل عسكريا.

المتغيرات التي تراها قيادة حماس ايجابية تتمثل بأن اسرائيل تحسب المتغيرات الجديدة في المنطقة قبل قيامها بعملية عسكرية ضد غزة، وسيناء اليوم تحررت من قبضة نظام مبارك ومرور الاسلحة او ضرب اسرائيل منها اسهل بكثير مما سبق، وأي حرب جديدة على غزة سيدفع بمصر الاخوانية لاتخاذ مواقف غير مسبوقة ضد اسرائيل.

هذا الواقع ينبع من قراءة حماس لمتغيرات صعود الأخوان في المنطقة على أساس انها الخطوة الرئيسية للتمهيد لاستكمال مشروعها لتحرير فلسطين او في مرحلة اولى تغيير واقع غزة السياسي من قطاع محاصر الى ارض محررة مستقلة وربما دولة فلسطينية على اراض تم تحريرها.

المتغيرات على الارض بدأت تأخذ طابعا جديدا فحماس عادت لاطلاق الصواريخ بعد ثلاث سنوات من صمت مطبق كانت غزة فيها هدفا مفتوحا لقوات الاحتلال ويضاف لها الصورة المهترئة لحماس امام انصارها وحلفائها خلال حرب غزة وتراجع الاهتمام باوضاع القطاع والحصار المفروض عليه بعد ان استنزفت حماس بدون دراية هذا التعاطف لاقصى درجاته وانكشاف الفساد الذي وصلت اليه قياداتها التي تتحدث عن الحصار بينما تسير سيارات الرولز رويس والهامر والمرسسيدس في شوارع القطاع المحروم من الكهرباء وتضرب البطالة فيه اكثر من ثلثي اليد العامله فيه بينما تسير تجارة الانفاق التي تشرف عليها قياداتها كدخل مالي خاص بهم يظهر على الارض فجأة في المشاريع التي يتم الاعلان عنها كبناء الفنادق او الشاليهات السسياحية.

اسرائيل فهمت الرسالة جيدا وردت عليها في النقطة التي تربك حماس وتعيد لها قراءة حسابات الربح والخسارة مجددا ولم تهدد بعملية عسكرية كبيرة في غزة بل بتصفية قيادات حماس اذا استمرت باطلاق الصواريخ، وهذه النقطة ستفرض حالة من الهدنة لان كل قيادة الحركة ليست مستعدة اليوم لمثل هذه التضحيات في زمن ما تعتبره انتصار الاخوان وتقاسم كعكة الفوز.

اسرائيل تريد فرض معطيات جديدة على الارض فهي اعادت نشر دباباتها على الحدود مع مصر بعد ما اعتبرته تزايد الهجمات على جنودها وارتفاع وتيرة اطلاق الصواريخ من سيناء باتجاهها وهذا مؤشر على استعداد اسرائيل للسير خطوات اخرى للأمام في حال تفاقمت الاوضاع مما يجعل سيناء برمتها في وضع يصعب التكهن بنتائجه في ظل رغبات حماس وبعض التنظيمات في غزة على رفع درجة الاشتباك مع اسرائيل.

حماس تراهن اليوم على قدرتها لجر الاخوان سواء في مصر او غيرها من الدول على منحها مواقف سياسية ودعما يغير من طبيعة المعادلة التي قبلت بها منذ ثلاث سنوات مع اسرائيل وتريد تحقيق مكاسب استرايجية في أليات الصراع سواء عبر ضرب اتفاقية السلام بين مصر واسرائيل أو تغيير أليات التعامل مع غزة كقطاع محاصر واعتباره اراض فلسطينية محررة يمكن ان تشكل نواة المشروع الاسلامي القادم.

من يتابع تصريحات قيادة حماس الاخيرة والتي بشرت بان غزة ستكون عاصمة الخلافة الاسلامية وان حماس لن تتحاور مع العلمانيين الفلسطينين يستنتج بعض مما تخطط له هذه القيادة التي ترى اللحظة مناسبة لها لتحقيق مكاسب بالجملة.

كيف ترى قيادات اخوان مصر انعكاسات رغبات حماس بتغيير قواعد الهدوء والاستقرار في المنطقة وهل للاخوان القدرة على السير بها الاتجاه أم أن كل ما يجري في غزة من تصعيد يتم بالاتفاق معهم، نقاط تثير الكثير من الشكوك حول مستقبل القادم في المنطقة التي يبدو أن عصر الهزات سيتسمر فيها طويلا ولكن ما هي قدرة الفلسطينين في غزة على تحمل النتائج التي يمكن ان تكون تدميرية اكثر بكثير مما حصل في السنوات الثلاث الماضية.

بين احلام حماس بقيادة القادم الاسلامي في المنطقة وواقع الانظمة الاخوانية في مصر وتونس أكثر من مفارقة ومن نقطة مبهمة فهل هنالك حساب اخواني جماعي لواقع العلاقة مع اسرائيل ام وكما العادة اوهام قيادات حماس التي يراكمونها على أمل ان تتحق، مع تزايد المخاوف من تكرار سيناريو نصر معركة الفرقان الذي كان ومازال ليومنا هذا كارثة يدفع ثمنها كل اهالي قطاع غزة.