ما حدث في مصر من انتخابات رئاسية، خاصة بعد إعلان جماعة الإخوان فوز مرشحها، ثم إعلان أحمد شفيق فوزه أيضاً، ووضع المجلس العسكري لإعلان دستوري مكمل، يقيد الرئيس القادم بما يشبه انقلاباً عسكرياً دستورياً، ثم اعتصام آلاف المتظاهرين بالتحرير، يطرح علينا عدة أمور، أولها هي الفوضى والانقلاب العسكري وقد تحدثنا عنه من قبل، وثانيها هو تمكين الإخوان من كرسي السلطة، والأوضاع التي من الممكن أن يكون عليها الحال فى حال إدارتها للدولة.

بداية فإن الإخوان بعد أكثر من 80 عاماً من العمل المتواصل في مصر يحاولون أن يحققوا أملهم فى كرسي الرئاسة، وساروا على نهج يمكنهم من التغلغل عن طريق تشكيل تنظيم إخواني اقتصادي، وآخر سياسي، والثالث دعوي، والآخر عسكري، وكل من التنظيمات الأربعة منفصلة تماماً، ولكن مجموعها الأخير يصب في التنظيم العام، ومن ثم التنظيم الدولي للإخوان.

وبنظرة سريعة إلى وثيقة التمكين التي وجدت في شركة quot;سلسبيلquot; التي يملكها نائب المرشد الحالي خيرت الشاطر ، فقد وضع الإخوان كل إمكاناتهم لتربية الجماعة على الاستعداد لتحمل مهام المستقبل، وامتلاك القدرة على إدارة أمور الدولة عن طريق مرحلة الكفاءة، وحينما تشير الوثيقة لرفع الكفاءة فإنها تعني رفع قدرة الإدارة الإخوانية لمواجهة أي محاولة لإجهاض خطة التمكين.

وتوضح الوثيقة آليات الجماعة في مواجهة أي محاولة لإجهاض خطة التمكين بأن تتغلغل في طبقات المجتمع المختلفة خصوصاً الطبقات العشوائية، وامتلاك القدرة على تحرك هذه الطبقات، لأن تحريك هذه الطبقات يزيد من فرص الجماعة في الوصول لسدة الحكم، ويجعل صدام الدولة معهم يخضع لحسابات معقدة.

والآلية الثانية التي طرحها الإخوان هي اختراق المؤسسات الفاعلة مثل الجيش والشرطة والإعلام على اعتبار أن هذه المؤسسات هي الأكثر قدرة على تحجيم الجماعة، بالإضافة إلى التغلغل على المؤسسات الدينية، والقضائية، والتشريعية.

و تنص خطة الإخوان على ضرورة التعامل مع القوى الأخرى الموجودة في الشارع المصري، وهمم الذين يؤثرون سلبا أو إيجابا على رسالة الإخوان مثل السلطة، من خلال توظيف أجهزتها أو إيجاد أي صورة من صور التعايش مثل عمليات التنسيق في الانتخابات، أو التحييد أي عن طريق إشعار السلطة أن الإخوان ليسوا خطر اً، وأنهم لا يسعون للحكم.

ويمثل الأقباط معضلة للإخوان المسلمين فيطرحون كيفية التعايش معهم عن طريق إقناعهم أن وجود الإخوان المسلمين وتطبيقهم للشريعة الإسلامية به مصلحة للأقباط أو عن طريق تحييدهم عن مواجهة الإخوان بأن يشعروا الأقباط أن وجود الإخوان لا يشكل خطرا عليهم وعلى مصالحهم وعلى موقفهم في الدولة، أو عن طريق تفتيت الصف القبطي، وتقليل خطرهم الاقتصادي.

وتحدد الإخوان فى خطتها كيفية التواصل والعمل مع الأحزاب والنقابات وكيفية التحالف والتنسيق أو التوجيه والتحييد.

وأخيراً تؤكد الوثيقة على أن الاستفادة من البعد الخارجي هو تخفيف للضغط الداخلي، وتطرح ثلاث وسائل للتعامل مع الغرب تبدأ بمرحلة التعايش وتصدير خطاب للغرب يؤكد أنه يجب على الغرب أن يتعامل مع القوى الحقيقية في المنطقة quot;الإخوانquot; على أن تضم هذه الوسيلة في خطابها الوسيلة الثانية وهي التحييد بأن يصدر نفس الخطاب للغرب مؤكدا أن من مصلحة الغرب عدم الإضرار بالجماعة، ولم تفسر الوثيقة كيفية التأثير على مصالح الغرب هل سيكون بالعنف أم بالسياسة؟!!

أما من ناحية تحمل ldquo;المسئوليات المستقبليةrdquo; وهو موضوعنا الآن فتحدد وثيقة الإخوان للتمكين الوصول لمرحلة ldquo;الكفاءةrdquo; وهي إعداد المجتمع داخليا بما يتساوى مع متطلبات المرحلة ويحقق الاستخدام الأمثل للموارد وهو ما يتمثل في عمل الجماعة على ldquo;تطوير رؤيتهاrdquo; لتتناسب مع الظروف الحالية للمجتمع، وأن تعمل على ldquo;تكوين الأفرادrdquo; أو البناء الهيكلي للمجتمع.

وتطلق الوثيقة مصطلح ldquo;البناء والتغييرrdquo; وهي المقاومة السلبية من الداخل وطرح قضية التغيير للحوار على كافة المستويات، ثم رفع قدرات ldquo;العناصر الإخوانيةrdquo; للتأثير في المجتمع، ورفع قدرة الأفراد على اختراق المؤسسات الفاعلة ldquo;الجيش والشرطة والإعلامrdquo; دون فقدان الهوية rdquo; الإخوانيةrdquo;.
هذه الوثيقة المتاحة للجميع على مواقع الإنترنت، يمكن أن تكون جماعة الإخوان حققت أغلبها، ونجحت تماماً في السيطرة، وتحريك الجماهير، وتحييد القوى الثورية والحزبية في مصر، ولكنني رغم ذلك أجد بداخلي شكوكاً كبيرة حول دخول الإخوان قصر الرئاسة، ومن ثم قدرتهم أيضاً على السيطرة على الدولة العميقة وكل مؤسساتها، لأننا لو نقبنا عن تجارب الإخوانيين في الحكم فلن نجد سوى تجربة حماس وهي تجربة ليست قاسية على الشعب الغزاوي وحده بل على عموم فلسطين، ثم التجارب الوليدة بعد الربيع العربي في تونس، والآن مصر التي تنتظر فوضى الله وحده هو من ينجيها منها خلال الأيام المقبلة.

[email protected]