في سبعينيات القرن الماضي إرتأى قادة حزب البعث العراقي وكجزء من برنامج واسع للتقرب و التواصل مع الجماهير من خلال أسلوب جديد إتبعوه وقتذاك وكان أساسه تنظيم تجمعات جماهيرية ينظمها الرفاق من أجل نسج علاقة تواصلية مع الشعب الذي كان يكرههم ويتذكر أيامهم السوداء بعد إنقلاب 8 فبراير الدموي عام 1963 وكان شعار تلك التجمعات يغري الناس وقتذاك وتحت شعار ( أنت تسأل و الحزب يجيب )..!!.

ويبدو أن الروح البعثية قد تلبست الرفيق مقتدى الصدر الذي فشل في أن يكون مرجعا دينيا محترما و مجتهدا رغم الحقن الإيرانية و المغذيات الحوزوية في مدينة ( قم ) وحيث لم تسفر دراسته هناك عن أي نتيجة علمية، ولم يحصل مقتدى من رحلته الدراسية القمية سوى على ( خفي حنين )! عاد بعدها مرة أخرى للعراق لكي يخوض في أوحال السياسة الطائفية متبعا سياسة ( حنقبازية ) و بهلوانية واضحة المعالم، وكاشفا عن شخصية هزلية تصلح للعمل في سيرك و ليس في فضاء سياسي عراقي عامر بالفوضى و اللصوص و أهل الثلاث ورقات من النصابين و الدجالين الذين حولتهم الأقدار لقادة و زعماء مما أدى في النهاية للعراق لأن يتحول لواحد من أكثر الدول الفاشلة على وجه الأرض و لا يسبقه في ذلك الميدان سوى دولة ( الصومال )!

فهنيئا لزعماء التحالف الطائفي و دولة القانون و شلة الأنس في المجلس الإيراني الأعلى بهذا الإنجاز التاريخي، و مقتدى الصدر المعروف بأميته و عباراته المثيرة للسخرية إتبع مؤخرا أسلوب البعث البائد في موضوع ( أنت تسأل والحزب يجيب )! وذلك عبر إطلاق تصريحات و مواقف سياسية على شكل ردود لأسئلة يطرحها مريدوه و أنصاره! وهو أسلوب قديم و مستهلك يريد به مقتدى تقليد الزعامات و القيادات المرجعية و الحوزوية و لكن ضمن الإطار السياسي و ليس الفقهي! وطبعا كانت النتيجة كارثية في الفشل لكون الفشل ذو طبيعة تراكمية فالجاهل و الأمي لا يمكن أن يبدع في إتخاذ مواقف حقيقية، وكانت إجاباته السياسية على الأسئلة المعدة سلفا من طاقمه الخاص إجابات مثيرة للسخرية و التندر و تعبر عن أطنان هائلة من النفاق و المواقف المتحولة و الصادرة أساسا عن أوامر إيرانية واضحة لا تقبل التأويل و لا الجدل، فذلك الرجل هو عبارة عن فتنة متنقلة إضافة لدوره الإرهابي المعروف، و الطريف أن الرفيق عزة الدوري المطارد منذ عام 2003 أدلى مؤخرا بشهادة تاريخية تصب في إطار الشخصية الهزلية لمقتدى أفندي فقد ذكر الدوري بأن عميدا بعثيا سابقا من ضباط الحرس الجمهوري المنحل أنقذ حياة الرفيق مقتدى الصدر حينما حاصرته قوات وزير الدفاع العراقي السابق السيد حازم الشعلان و القوات الأمريكية في مقبرة النجف!! في معارك عام 2004 الشهيرة ثم جاء الإنقاذ البعثي لمقتدى الصدر عن طريق نقله بسيارة إسعاف أبعدته عن مركز العمليات و عن المصير المحتوم!!

وهو ما يؤكد حقيقة التخادم بين البعثيين وعناصرهم وجيش المهدي الذي هو إمتداد للجيش البعثي ودور مقتدى الصدر في العلاقة مع البعثيين التي وصلت لحدود التنسيق العسكري و الأمني وفقا لرواية عزة الدوري وهي رواية صحيحة على ما يبدو وفقا للوقائع الميدانية و التصرفات و التصريحات السياسية، فمقتدى في البداية و النهاية هو مجرد لعبة تتقاذفها الأيادي المحلية و الإقليمية و عملية نقل الولاء من البعثيين للإيرانيين لا تمثل مشكلة طالما أن مقتدى و تياره يظلون في قلب الصورة، أما التواجد البعثي في الأحزاب الطائفية العراقية فهي الحقيقة الواضحة و لكن المسكوت عنها بالكامل، فحزب الفضيلة الطائفي في البصرة مثلا كانت عناصره توفر الحماية الأمنية للبعثيين خلال معارك صولة الفرسان المالكية في البصرة في فبراير 2008 كما أن البعثيين لهم وجودهم الفاعل ضمن قيادات المجلس الإيراني الأعلى وحتى ضمن صفوف حزب الدعوة نفسه، وهنالك عناصر قيادية طائفية عراقية حالية لها إرتباطات تامة مع البعثيين و المالكي يعرف هذه الحقيقة جيدا!!، و لكن ظاهرة مقتدى الصدر و زعامته الفارغة و إرتباطاته المشبوهة تظل سيدة الموقف لزعيم بحتري يحاول جاهدا أن يتعملق.

[email protected]