بعيدا عن كون رجل الدين السعودي محمد العريفي يكتسح الحضور الوعظي الديني في السعودية والخليج، وبعيدا عن حياته التي يوزعها في ذلك المجال تلفزيونيا ومنبريا، إلا أنه يشكل حضورا آخر عبر موقع التواصل الاجتماعي quot;تويترquot; لا تفوح منه فقط رائحة الطائفية؛ بل تحضر ويوضح أثرها في متابعيه الذين يقعون غالبيتهم في سن المراهقة ويسهل عليهم الانجراف نحو خندق الصوت النشاز في تاريخ الوطنية.


وإن كان يحق للإنسان التحدث بكل ما يعتقد، إلا أن العريفي يمارس دوره في تعامله مع الجمهور بوجهين، أحدهما متسامح تحويه أطر الشاشة لأغراض تجارية يكنزها في تلفزيون دبي، ووجه يدعو للتطرف لا تستطيع فضاءات الإعلام الجديد السيطرة عليها، خاصة وأنها تحريضية طائفية، هي نقيض ما يوهم فيه متابعيه عبر التلفزيون.


العريفي ليس رجلا عاديا، أو واعظا فوق منبره يهدف إلى نشر مضامين الحياة الدينية، بل تمادى إلى أن تدخل في أجندة السياسة وأحرج دولته في أمور عدة لا يليق بمنبري تخطيها، في وقت يعيش أقرانه ممن حذا حذوهم في غياهب التأديب الإصلاحي المغلق.


يحاول كثيرا هذا العريفي قولبة الفكر الإسلامي، والخروج بنمط quot;عريفيquot; ذو لمعة مزيفة تجذب للأسف أصحاب الرؤى المتعاطفة معه قبل فئات الشارع العادية، وأظنه نجح في ذلك التزييف على عقول متبعيه المتجيشين حوله دفاعا.


يشق العريفي بكلماته صفوف الوطن الواحد، بقصص مختلقة وتعابير quot;صحويةquot; كانت أدوات التسعينيات الميلادية التي بموجبها نال سابقوه بعضا من الوهج الذي يقتاتون منه اليوم، فحين يتحدث بأن سمع من فلان أو حدثه فلان فهي أولى خيوط الخلل.


خطاب العريفي الديني بحاجة إلى تقويم، فتفاعلاته عجيبة، ومتبعوه يتزايدون في مشاركته وتصديقه وإن كانوا وهميين رقما، وهي أمور جعلته يتبوأ منصب quot;القياديquot; بفعل من يصدقونه وينصبونه رمزا دينيا.


غض الطرف عن إساءات العريفي ومحاولته بناء أسلاك شائكة بين طوائف الوطن الواحد هي أبرز ما جعله يتمادى في إرباك الصفوف الوطنية التي هي بحاجة إلى التماسك أكثر، وبناء لبنات من أجيال الشباب لتقويته، بينما يصنع هو عكس ذلك بخلخلة التماسك بوهم تحت ستائر الدين.


الوطن بحاجة صيغة quot;تعريفيةquot; لا quot;عريفيةquot; لمعنى الوطن لتجابه محمد العريفي، الذي بدأ يكرر مشاريع تشابه من سبقوه فيها، وورطوا الدولة بعد أن رموا بهم في قبور لا تزال ثراها مبللة بدموع أمهاتهم وزوجاتهم، وحتى لا نصل إلى تلك الصفحة السوداء، نرجو أن يكون العريفي صوتا هادئا لا ضجيجا يملأ المكان فُرقة.

\